بعدما أنجبت أمريكا إسرائيل الصهيونية ورمتها في حضن القدس الطاهرة المقدسة، كان لا بد لها أن ترعاها عن بعد وتمدها بالمؤن، لكن بصورة مختلفة، فمؤنها عسكرية بحتة.
وعن هذا الحديث نشرت قناة “العالم” عبر موقعها الإخباري مقالاً كتبت فيه: “فتحت أمريكا خزائن أموالها ومستودعات أسلحتها، لنقل الأموال والأسلحة إلى الكيان الإسرائيلي، المتخم بالأسلحة التقليدية والنووية، لمواجهة بضعة آلاف من مقاتلي المقاومة الإسلامية في غزة، بالإضافة إلى إرسال حاملتي طائرات وبوارج حربية وآلاف الجنود لدعمه، بل و التدخل العسكري المباشر في ميدان الحرب.
وأوضحت أن هذا أثار علامات استفهام كبيرة، عن طبيعة العلاقة التي تربط الكيان الإسرائيلي بأمريكا، وهل حقاً أن هذا الكيان، هو كيان طبيعي كباقي الكيانات الأخرى، أم كما قلنا في أكثر من مناسبة، أن “إسرائيل” ليست سوى قاعدة أمريكية متقدمة في قلب العالم الإسلامي، لا تقوم لها قائمة دون الضخ المالي والتسليحي الأمريكي.
حرب غزة تكشف الحقائق…
تشهد حرب غزة اليوم هدنة، وخاصة معركة “طوفان الأقصى”، حيث كشفت وبشكل لا لبس فيه، أن “إسرائيل” ليست كياناً سياسياً كباقي الكيانات الأخرى، بل هي عبارة عن استعمار أمريكي مباشر لأرض عربية وإسلامية مقدسة، وكل ما يقال خلاف ذلك ليس سوى ذر للرماد في العيون.
إذ لم يشهد التاريخ أن قدمت أمريكا لجهة ما في العالم؛ بل يمكن القول ودون مبالغة، قد لا تنفق الولايات المتحدة الأمريكية، على بعض ولاياتها كما تنفق على “إسرائيل”، فـحسب دراسة صدرت هذا العام عن مركز خدمة أبحاث الكونغرس، كشفت أن أمريكا قدمت للكيان الإسرائيلي مساعدات منذ عام 1948 حتى مطلع 2023، وصلت الى 300 مليار دولار.
حيث يعود تاريخ بدء دعم واشنطن للكيان الإسرائيلي منذ لحظة تأسيسه عام 1948، تحت ذريعة مضحكة مفادها “أن الأهداف الإستراتيجية المشتركة والالتزام المتبادل بالقيم الديمقراطية” هي التي تقف وراء هذا الدعم السخي واللامحدود.
أمريكا تصطنع قانوناً لطفلها اللاشرعي…
إن ما يلفت أن مساعدة الكيان الإسرائيلي يعتبر قانوناً في أمريكا، وهذا القانون يُلزم السلطة التنفيذية في أمريكا على اتخاذ إجراءات معينة للحفاظ على “التفوق العسكري النوعي” للكيان الإسرائيلي على كل دول المنطقة، ولم يسبق أن تعرض موضوع تقديم المساعدات العسكرية للكيان الإسرائيلي لانتقادات من أي جهة أمريكية بل على العكس، يبادر الكونغرس بعرض أفكار تقديم أحدث الأسلحة الأمريكية للكيان مجاناً، حيث تدفع ثمنها من برامج المساعدات العسكرية، وتتسابق جميع الإدارات الأمريكية ، الجمهورية والديمقراطية، فيما بينها على تقديم الدعم والمساعدة للكيان الإسرائيلي، مهما كانت الظروف.
فعلى سبيل المثال لا الحصر قدمت أمريكا منذ 2011 حتى مطلع 2023 نحو 3 مليار دولار للكيان الإسرائيلي لشراء بطاريات وصواريخ القبة الحديدية، كما قدمت منذ 2006 نحو 2.4 مليار دولار لتطوير نظام “مقلاع داود” للدفاع الصاروخي، و4.5 مليار دولار لتطوير منظومة “السهم- أرو” للدفاع الصاروخي.
وقد كان الكيان الإسرائيلي اول كيان في العالم يحصل على طائرات “إف-35″، والتي تمثل الجيل الخامس من أقوى الطائرات المقاتلة تقدما على الإطلاق، وحصلت على 50 طائرة من هذا النوع، وذلك بتمويل من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، وبالفعل وصل إلى الكيان 36 مقاتلة منها حتى الآن.
معركة الطوفان في قلب واشنطن…
وجدت أمريكا بعد معركة “طوفان الأقصى” أن قاعدتها العسكرية المسماة “إسرائيل” والمزروعة في قلب العالم الإسلامي، رغم ما تعانيه من تخمة في السلاح، لم تصمد أمام مئات المقاتلين الفلسطينيين، فهرع الرئيس الأمريكي “جو بايدن” إلى تل أبيب، ولحقه بلينكن وأوستن وكبار جنرالات أمريكا، وكأن الهجوم الذي وقع في غلاف غزة، قد وقع في قلب واشنطن، وأقاموا جسراً جوياً لنقل السلاح والذخيرة إلى الكيان الإسرائيلي خلال ساعات، تجاوز ما حصل عليه الكيان من سلاح إبان حرب تشرين الأول 1973 من سلاح قدر حينها بملياري دولار، كما قدمت أمريكا وبشكل عاجل 14 مليار دولار للكيان الإسرائيلي، وشوهد تواجد قوات أمريكية تحارب إلى جانب قوات الاحتلال في غزة، بذريعة البحث عن رهائن أمريكيين!.
وقد استمع العالم كله إلى تصريحات “بايدن” و”بلينكن” و”اوستن”، وهم يتحدثون عن عدم وقف إطلاق النار حتى القضاء على حماس، وأن السلاح الأمريكي والمالي الأمريكي لابد أن يستمر بالتدفق على الكيان الإسرائيلي، وتهديدهم العلني بالدخول في الحرب بشكل مباشر في حال تم تهديد وجود “إسرائيل”، وجاؤوا بحاملات الطائرات والبوارج والجنود إلى المنطقة، كل ذلك لمواجهة شباب يحمل بنادق آلية وقاذفات محمولة على الكتف وصواريخ مصنعة محلياً، بدون دبابات أو طائرات أو مدفعية ثقيلة، وهو ما كشف عن هشاشة الكيان وضعفه وضعف الروح القتالية لمستوطنيه الذين تجمعوا في فلسطين من شتى أصقاع الأرض، كما كشف تصاغر التكنولوجيا العسكرية أمام الإيمان، وكشف أيضاً وبشكل واضح وصريح للعالم أجمع، وخاصة الشعوب العربية والإسلامية، أن الشعب الفلسطيني يقاتل أمريكا، الشيطان الأكبر، والمحتل الحقيقي لفلسطين، الذي يختفي وراء دمية مشوهة أسمها “إسرائيل”.