الحرب لا تقول الحقيقة دائماً وكذلك إسرائيل فهي توهمك بالنصر دوماً مع أنها في قعر هزيمتها ،ولطالما كانت الكلمة سلاح يضاهي البندقية وأحياناً يتفوق عليه، لذا يهتم الكيان كثيراً بترسانة “السردية” تماماً كأهتمامه بالقبة الحديدة وأسلحة الردع وغيرهم..
والسردية في السياسة هي (الحكاية التي يجب أن يصدقها الناس عن أي حرب من الحروب من حيث أسبابها و أحداثها، من المنتصر ومن المهزوم، من صاحب الحق ومن المظلوم وأيضاً نتائجها المرحلية الآنية واللاحقة)
-السردية والتاريخ المكتوب
مجموع هذه السرديات وعلى مدى عشرات السنوات هي ما يعرف بالتاريخ المعاصر..ومن هنا جاءت عبارة (المنتصر يكتب التاريخ) وذلك لقدرته على جعل سردياته هي فقط من تعشعش في ذاكرة الناس وتتبانى أفكاره ورؤاه وأيضاً مواقفه وهنا يجدر الإشارة إلى سردية إسرائيلية متداولة حتى اليوم فعلى سبيل العدد لا الحصر فإن سردية العدو الرائجة منذ عشرات الأعوام هي أن الفلسطينين كانوا يببعون أراضيهم للجمعيات اليهودية في فترة اربعينيات القرن الماضي هي محض كذب وافتراء ولكن آلة العدو الأعلامية جعلت لهذه الرواية رواجاً بين الناس.
فالكيان الإسرائيلي بما يمثله من دول داعمة له (بريطانيا، أمريكا، أوروبا)، إلا أن مشاهد استقبال الأسرى في الضفة و رسالة الاسيرين (دانييل وإيميليا ) وهذه المشاهد الرائجة في طوفان الأقصى لا يجب أن يأخذ مكانها سرديات تافهة يعمل على نشرها الكيان لجعل هذين الحدثين باهتين، ومن جانب آخر يعمل العدو ليلاً ونهاراً لكتابة تاريخ هذه المعركة “طوفان الأقصى” ل خمسين سنة قادمة يطرح فيها كذبة و ما يريد لنا أن نحفظه لتهميش الأنتصار وتقزيم المقاومة الفلسطينية البطلة.
وحدة الحرب النفسية في شعبة الاستخبارات “أمان”
على غرار “الهاسبارا ” في الأمن القومي الإسرائيلي فقد أحدث الكيان ما يسمى “وحدة الحرب النفسية” يترأسها ضابط برتبة عميد في استخبارات العدو مهمتها فقط إنشاء سرديات تتماشى مع الحرب الإسرائيلية والسياسات الإسرائيلية وأهم عمل لهذه الوحدة هو طرح سردية يتبناها الناس (الرأي العام) ويصدقها تماماً ويردها في الشارع وعلى الشاشات، فالحرب اليوم ليست سلاحاً فقط بل نصف الحرب يكمن في الطرف الأقوى في إيصال سرديته للناس وجعلهم يتبنوها ويدافعون عنها أيضاً، حتى ولو كانت كاذبة وخلاف الحقيقة
الكيان والخطوات العملية لتثبيت رواياته
يكفي علينا أن نعلم أنه يوجد 120 متحفاً في إسرائيل فقط لإثبات تاريخ الكيان الذي نعلم تماماً أنه زيف في زيف.. يصورون فيه الهولوكوست حسب روايتهم و حرب ال 1948 مروراً ب حرب ال 1956 وانتهاءاً بحربي 1967 و 1973 بما يتماشى مع عقيدة إسرائيل ويتماهى مع سياستها في المنطقة، ناهينا عن الأفلام والمسلسلات والوثائقيات و المسرحيات التي تروج للسردية الإسرائيلية و تخلق تاريخاً بالكامل عن الكيان الذي لا تاريخ له أصلا ً ، ويتم التسويق لمشروعية هذا السرطان الإسرائيلي و لأحقيته في الأرض والتاريخ ، وبذات الأدوات أيضاً ستكذب إسرائيل عن طوفان الأقصى بما يتماشى مع رؤيتها وما يعيد لها هيبتها المهدورة على أعتاب غزة وتحت أقدام المقاومة الفلسطينية.
السردية التي يعتم عليها الكيان
لم يسجل العالم أداءاً أخلاقياً في حرب غير متكافئة الفرص والحظوظ كما سجله للمقاومة الفلسطينية في تعاطيها مع الأسرى الإسرائيلين حتى وصفها مستوطنون يهود بأنها “أخلاق أنبياء” خاصة وأن الظروف كانت تعطي الحق للمقاومة بالانتقام دون أن يطالها اللوم ، في حين سجل التاريخ أكبر سقوط أخلاقي للكيان الإسرائيلي، حيث تشهد ذلك على مرأى العالم التي أفلتت من محاولات صهينتها وشراء ذمتها، السردية التي سجلت مواقف الدول الداعمة والدول الخائنة للانسانية.
المطلوب منا فعله تجاه السردية الإسرائيلية
المطلوب منا أن نكتب سرديتنا الخاصة بنا القادرة على مواجهة آلة الإعلام الصهيونية لما يقارب خمسين سنة قادمة على الأقل كي لا نسقط في فخ التقادم، يتوجب علينا ان نؤمن بروايتنا المكتوبة بالدم و نكتبها بالحبر أيضاً ً ويتداولها الناس كما لو أنها خبز يومهم وكفاف عيشهم ،يجب أن يعرف العالم أن حرب 7 أكتوبر هي تراكم لظلم يمتد على عشرات السنوات من تواطئ لحكام عرب و نفاق سياسي غربي، يجب أن يعلم العالم أن شهداء غزة وجرحاهم هم ليسوا أرقاماً في سجلات الإحصاء، ويجب أن يعرف العالم ماذا حصل على مدار 50 يوماً من الحرب الظالمة على غزة، من أعتى آلة حرب في التاريخ التي أتيح لها إمكانيات هائلة من جسور جوية وبحرية و دعم هائل بالسلاح والعتاد والمال وأجهزة التجسس اللامحدودة لمحاربة حيز جغرافي يبلغ حوالي 360 كم مربع ،وأن الخسائر الحقيقة التي يعجز هذا الكيان الجبان عن الإفصاح عنها كانت الشعرة التي كسرت ظهر البعير، وأن هيبة إسرائيل ذهبت أدراج الرياح منذ أول مقاوم عبر الجدار نحو غلاف غزة.