لم تخجل أمريكا يوماً من دعمها للكيان الصهيوني الزائل فهو ذيلها الأعوج في الشرق الأوسط، لكن زعزعة الأمور داخل الكيان ومعارضة شعب أمريكا لسياسة “بايدن” المتوافقة مع وحشية الكيان ضد غزة أجبرت أمريكا على ارتداء قناع لا تحبه.
حيث أفشلت أمريكا اليوم مشروع قرار بمجلس الأمن لوقف فوري لإطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية، بعد أن استخدمت حق النقض “الفيتو” ضد القرار، فيما صوّت 13 عضواً لصالح مشروع القرار
وعلى الرغم من أن كبار المسؤولين في إدارة “جو بايدن” دعوا الكيان الإسرائيلي علناً إلى بذل المزيد من الجهد لتقليل عدد الوفيات بين المدنيين إلى جانب إعطائها مدة زمنية حتى بداية العام المقبل لإنهاء الحرب على غزة، إلا أنها لم تتخذ أي إجراءات من شأنها إجبار كيان الاحتلال على الانصياع كتقييد المساعدات العسكرية مثلاً، و يبدو واضحاً أن الإدارة الأمريكية غير راغبة في استخدام نفوذها لوقف العدوان، حيث أفاد تقرير في صحيفة “وول ستريت جورنال” بأن “الولايات المتحدة زودت الكيان الإسرائيلي بـ 100 قنبلة خارقة للتحصينات وعشرات الآلاف من الأسلحة الأخرى لاستخدامها في الحرب ضد حركة حماس في غزة”.
ولكن قبل الفيتو ما الذي جعل أمريكا تحدد لإسرائيل بداية العام المقبل لإنهاء الحرب على غزة؟، وما هي الأحداث التي تتزامن مع بداية العام وتقوم أمريكا باستغلالها؟؟
-أولاً:
إن بداية العام يأتي مع بدء الانتخابات الداخلية في الحزب الديمقراطي والجمهوري لاختيار مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية الأمريكية، وتسابق المرشحون الرئاسيون المحتملون من الحزب الجمهوري والرئيس الأمريكي الديمقراطي “جو بايدن” في دعم إسرائيل في بداية معركة طوفان الأقصى، وذلك بحثاً عن جذب الناخبين والمانحين.
لكن هل أوقعهم ذلك في الفخ؟! حيث تحول الأمر إلى أزمة في الحملات الانتخابية فالأمريكيون، مثل الكثير من الناس في معظم أنحاء العالم، يرون الصور المفجعة القادمة من غزة، وتعاطفوا أكثر مع معاناة الفلسطينيين فيساهم ذلك في تعقيد المشهد الانتخابي في كلا الجانبين، وإن كان المعسكر الديمقراطي هو الأكثر تضرراً باعتباره من يرأس السلطة التنفيذية في الوقت الحالي. لذلك، فإن ارتفاع دعوات الأميركيين المطالبين بوقف إطلاق النار في غزة قد يؤثر سلباً على مواقف الناخبين، ما يدفعهم إلى تعديل خياراتهم.
-ثانياً:
إن تحديد مهلة زمنية حتى نهاية العام لإنهاء الحرب على غزة هي مراوغة أمريكية تجاه محور المقاومة لضبط تصعيده، والإيحاء بأن الحرب شارفت على الختام، إذ من المتوقع أن تزداد حدة ونوعية ضربات محور المقاومة في الجبهات الثلاث اليمن العراق لبنان في الأيام والأسابيع القليلة القادمة، أي تكثيف للعمليات العسكرية من أسباب ذلك زيادة الضغط على الكيان الإسرائيلي، والرد على انتقال التوغل الإسرائيلي البري للمرحلة الثانية.
لذا نرى أن أمريكا تلعب على الحبال ما بين حقيقة مصالحها بدعم الكيان الإسرائيلي على غزّة وبين سلطتها السياسية عليه لوقف الاعتداءات والهمجية، فقد نشر موقع “ذا إنترسبت” الأمريكي تحليلاً يؤيد وجهة النظر، التي مفادها أنّ الخلاف بين “تل أبيب” و”واشنطن” ثانوي، مشيراً إلى أنّ أعضاء الكونغرس الأمريكي الذين يطالبون إدارة “بايدن” بالضغط من أجل وقف إطلاق النار، يشترطون “القضاء على المقاومة” لإنهاء العدوان، يأتي الحديث عن هذا الخلاف في وقتٍ يستعدّ الكونغرس الأمريكي للموافقة على حزمة مساعدات للكيان الإسرائيلي، تبلغ قيمتها أكثر من 14 مليار دولار، في تناقض صارخ بين ما تظهره إعلامياً، وما تقوم به خلف الكواليس.
وختاماً هل من الممكن أن وقف التعنيف والإبادة والاعتداء بالأسلحة السامة والمحرمة على غزة ينتظر إنهاء حركة المقاومة من أجل استرداد حق، أم فعلاً أمريكا وضعت المقاومة حجة واهية للعالم ونيتها القضاء على الشعب الفلسطيني لا المقاومة؟