جاء خطاب الأمين العام لحزب الله السيد “حسن نصر الله” مشخصاً للواقع، واضعاً النقاط على الحروف لجملة من القضايا والتحديات عرج فيها بداية بكلمات العزاء والتبريكات لهذه الأمة بشهادة قادة للمقاومة في إيران والعراق ولبنان واليمن وفلسطين ابتداءً من الشهيد القائد “قاسم سليماني” وحتى الشهيد القائد “صالح العاروري” وذلك في دلالة على وحدة الدم والقضية التي تربط محور المقاومة رغم تباعد الجغرافيا إلا أن القضية التي بذل من أجلها الشهداء أرواحهم هي قضية واحدة
وأكد على أن الشهادة مرتبة عظيمة، لا تعني انتهاء الشهيد بل تخليد حضوره أكثر، مشيراً إلى ذلك بقوله عن الشهيد قاسم سليماني:
“قاسم سليماني الشهيد أصبحت بشهادته حياته أقوى وأشد وأكثر حضوراً نراه في كل ساحاتنا وجبهاتنا في بنادقنا وعبواتنا ودموع الأطفال وهذا الصمود الأسطوري وهو حاضر في هذه المعركة بقوة وما نراه اليوم هو من ثمار تضحياته على مدى عشرين عاماً”.
قرار المقاومة ينطلق من إرادة ذاتية
وفي تفصيله للحديث عن محور المقاومة أوضح سماحته حقيقة هذا الترابط وجوهره القائم على التقاء الأهداف والرؤية برؤية استراتيجية لواقع المنطقة وأن هذا المحور ليس محكوماً بسيطرة فئة على أخرى بل ينطلق من إرادات ذاتية يتحرك خلالها كل طرف من أطراف المقاومة وفق رؤيته التي تصب في خدمة القضية الأهم التي يلتقي من أجلها جميع قوى المقاومة ، وهو بحديثه هذا يؤكد حرية قرار المقاومة وحقها في رسم خياراتها في تنفيذ تلك الأهداف دون أن يكون لأي طرف فرض إملاءات عليها أو يحد من حريتها في اتخاذ قرارها، وهو بذلك يشير إلى أن عملية طوفان الأقصى كان خياراً فلسطينياً دعمته كل المقاومة فيما بعد كما أن قرار المقاومة في اليمن في غلق مضيق باب المندب أمام المصالح الصهيونية هو قرار يمني نابع من التزامهم في الدفاع عن القضية الفلسطينية على طريقتهم حين قال سماحته:
” كل دولة في محور المقاومة تتصرف بقرارها وهي التي تقرر وتحدد وهي التي تفتح أو تقفل الجبهة، في محور المقاومة لا أحد يملي على أحد شيئا وكل يتخذ القرار يما ينسجم مع الرؤية الاستراتيجية ومصلحة بلده، في تجربة محور المقاومة لا يوجد عبيد لا يوجد إلا القادة والسادة والشهداء الذين يصنعون النصر للامة”
أهم نتائج عملية طوفان الأقصى
ولعل في حديث سماحة السيد حسن نصر الله عن نتائج عملية طوفان الأقصى يمثل رؤية تحليلية من قائد خاض ويخوض غمار معركة مفتوحة مع العدو الصهيوني وهو بذلك الخبير الذي يقرأ ما بين سطور العمليات والأقدر على استخلاص النتائج المترتبة عليها، ولعل تطرقه إلى فرملة التطبيع تعد دعوة منه للقادة العرب بمراجعة حساباتهم وأن في هذه الأمة من سيفرمل الهرولة التي ينساق فيها البعض الى أحضان العدو.
وأن عملية طوفان الأقصى أعادت للبعض رشدهم، وأزالت غشاوة التضليل التي روج لها الأعداء بسلام زائف في المنطقة يحقق رخاء فوق أشلاء أطفال فلسطين وحقوقهم التاريخية، وهي كما أوضح سماحته كانت صرخة في وجه العالم ان الفلسطينيين متجذرين بأرضهم اكثر من أي وقت مضى وأنهم أكثر إصراراً على تحريرها، وان على الذين خذلوا الفلسطينيين مراجعة انفسهم فالقضية الفلسطينية لن تعرف طريقها للنسيان كما قال سماحته :
“عملية طوفان الأقصى أكدت أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن ينسى أرضه أو قضيته، وما جرى في الأشهر الماضية وجّه ضربةً قاصمةً لمسار التطبيع.”
إسرائيل سقطت أخلاقياً وإنسانياً
وفي السياق نوه السيد في خطابه إلى تلك الصورة التي ترسخت وتترسخ أكثر عن الكيان في نظر العالم، وهي صورة الكيان المجرم والقاتل للأطفال والنساء وان هذا الكيان العاجز عن هزيمة المقاومة وجد ضالته في استهداف الأبرياء بارتكاب المجازر الجماعية، وهي بذلك تكون قد تلقت هزيمة في المعركة الأخلاقية أمام الرأي العام العالمي الذي شاهد ورأى إجرام الكيان بحق اهل غزة، وقد ركز سماحته على هذه النقطة كونها جزء من المعركة مع هذا العدو الذي أنفق مليارات الدولارات للترويج على تلميع صورة الكيان على أنه الدولة الديمقراطية والأخلاقية والإنسانية في المنطقة حتى ما قبل عملية الطوفان كان لها من يصدقها ممن يجهلون حقيقة الواقع، لكن بعملية الطوفان انتقلت صورة الكيان المجرم الى كل أنحاء المعمورة ولذلك جاء حديث سماحته مؤكدا لذلك بقوله:
“إسرائيل” سقطت أخلاقياً وقانونياً وإنسانياً وهي في نظر كل شعوب العالم قاتلة للأطفال والنساء ومهجرة للناس وصاحبة أكبر إبادة جماعية في القرن الحالي”
المقاومة اللبنانية حاضرة وبقوة
وفي حديثه عن المقاومة اللبنانية كان السيد حريصاً على توضيح جملة من الحقائق عن دورها وعن آلية اتخاذ القرار فيها وما تشكله من قوة ردع تحمي لبنان من العدوان الصهيوني الذي كان ولايزال يتربص بها، ضمن مشروعه العدواني القائم على مسح أي وجود مقاوم له في المنطقة، وأن ما منعه من التمادي في عدوانه على لبنان هو ما فرضته المقاومة اللبنانية من معادلات أجبرت العدو الصهيوني على الالتزام بها لإدراكه عواقب الإخلال بها.
ومع بدء عملية طوفان الأقصى وبدء العدوان الصهيوني على غزة كانت المقاومة اللبنانية حاضرة في شد العدد الأكبر من قوات العدو الى أطراف الحدود مع لبنان تخوفاً من عملية مماثلة قد تشنها المقاومة اللبنانية في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقد جاء في خطاب سماحته التأكيد على أن المقاومة اللبنانية ليست هي من تخاف أو تخشى المواجهة مع العدو، وأن ما دفعها إلى اقتصار عملياتها على هذا النسق من استهداف لمواقع العدو هو مراعاة مصلحة لبنان الوطنية وما يتعرض له من إشكالات اقتصادية ومن تباينات في الرؤى بسبب انحياز بعض الأفرقاء في لبنان لدول “التطبيع العربي” .
قذائف مرعبة تنسف مجلس “الكابينت”
لكنه أطلق في آخر محاور خطابه اليوم قذائف مرعبة نسف بها طاولة مجلس “الكابينت” الصهيوني بفتح كل الخيارات أمام المقاومة في ضرب أكثر مواقع الكيان حيوية والتي سبق لسماحة السيد أن حدد إحداثياتها في خطابات سابقة، قائلاً :
” نحن حتى الآن نقاتل في الجبهة بحسابات مضبوطة ولذلك ندفع ثمناً باهظاً من أرواح شبابنا ولذلك إذا فكر العدو بشن حرب على لبنان عندها سيكون قتالنا بلا ضوابط وبلا سقوف ومن يفكر بالحرب معنا سيندم انشاء الله والحرب معنا ستكون مكلفة وإن كنا حتى الآن نداري المصالح اللبنانية فإذا شنت الحرب على لبنان فإن مقتضى المصالح اللبنانية أن نذهب بالحرب إلى الأخير”