ذات قمة عربية وصف رئيس وزراء قطر السابق “حمد بن جاسم” نفسه والمجتمعين معه أنهم نعاج، ولا يغيب عن أحد أنه كان المسؤول المباشر عن قناة الجزيرة التي يشغل “فيصل القاسم” حيزاً صغيراً فيها ينطلق بها بفضل الإمكانيات لا بفضل قدراته إلى العالم فهل كانت تلك القناة حظيرة النعاج؟!!
فيصل القاسم في مقاله الجديد الغريب “الغرب وديمقراطية الوحوش” والذي انتقد فيه ازدواجية المعايير لدى الغرب الذي يشيد بحقوق الإنسان وفي الوقت ذاته يدعم العدوان الإسرائيلي على غزة، ما جعلنا نستغرب أين كان نائماً طوال تلك السنوات حتى اكتشف وحشية “إنسانية” الغرب، ذلك الغرب الذي ظل طوال بدء برنامجه السطحي “الاتجاه المعاكس” ينخر في عقول المراهقين من العرب بعظمة الغرب وديمقراطيته وإنسانيته.
سنواتٌ وسنوات وفيصل القاسم يحقر الفكر العربي وتاريخ العرب ولا يرى لا في حاضر هذه الأمة أو ماضيها ما يمكن أن نفتخر به، حتى القضية الفلسطينية باتت مادة للسخرية والتهكم على لسانه كلما ذكرها أحد ضيوفه ليرد بعبارته الشهيرة “صرعتوا سمانا بفلسطين” فكلمة الانتصار على إسرائيل لم يعد يطيق سماعها كما أصبح لا يرتاح لسماع كلمتي ممانعة ومقاومة.
ولأن الانتهازية والتسلق والوصولية لها فرسانها، كان “فيصل القاسم” أشهر من يتقن فن الوصولية والانتهازية حين رأى الشارع العربي وقد داس على ذلك السم الذي نفثه وقناته طوال تلك السنوات لتهبيط عزيمة هذه الأمة ليعلن الشعب العربي والإسلامي وغالبية الرأي العام العالمي تضامنهم التام مع فلسطين ضد المجازر الصهيونية بحقهم.
خرج فيصل قاسم بمقاله الهزيل علّه يقتبس شيئاً من نور هذه المقاومة وذلك بتصوير نفسه مدافعاً عنها حين تيقن عجز الكيان الصهيوني عن هزيمة المقاومة أو كسر شوكتها، يدعي كذباً عداءه للصهاينة ودعمه للمقاومة في حين تشع حروفه فرحاً مع كل عدوان صهيوني على بلده سوريا.
كما يدعي كذباً دعمه للمقاومة الفلسطينية وهو لم يدع كلمة سخرية من محور المقاومة إلا وترنم بها.
يدعي زوراً دعم المقاومة الفلسطينية وهو يعلم علم اليقين أن خلف قوة تلك المقاومة محور مقاوم ممتد بجغرافيته الواسعة والذي مد المقاومة الفلسطينية بالمال والسلاح والأهم تقنية صناعة وتطوير وسائل الدفاع لديها، وتنشئة بيئة مدافعة وحاضنة للفكر المقاوم الذي كان يشمئز منه فيصل قاسم ومن دول الممانعة الرافضة للتطبيع مع الصهاينة.
لذلك نرى أن قمة الازدواجية هو استنكارها ممن يعيشها في اليوم والليلة عبر برنامجه أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي الذي نفر منها المتابعون، وفيصل القاسم بهذا المقال عن الازدواجية ينطبق عليه المثل العربي “لو رأى الجمل حدبته..لوقع وكسر رقبته”.
فيصل القاسم المترنم بحزنه على الفلسطينيين الذين يقتلون بأيد صهيونية وأسلحة أمريكية لو مد نظره من نافذة مكتبه في الدوحة لرأى مقر قاعدة أمريكية هي الأضخم على مرمى نظره وأدرك أن الراعي لتلك المجازر في فلسطين هي تلك القاعدة الجاثمة على أنفاس القطريين بجوار مكتبه دون أن ينبس عنها ببنت شفه ودون أن يجرؤ على انتقاد المشايخ القطرية التي تستقبل رؤساء الكيان وتأخذهم في الأحضان ويؤخذون في جولة على استديوهات قناة الجزيرة والمسجد الأقصى يتعرض لأشد الانتهاكات وأطفال فلسطين يذبحون على مرأى ومسمع العالم.
كل ذلك يدفعنا لطرح سؤال على طريقة فيصل القاسم: إلى متى هذا النفاق المفضوح؟
فيصل نفسه الذي يتحدث عن دعم الغرب للمجازر في غزة ويتهم الآخرين بالعمالة للكيان وأمريكا أليس الأولى به إن كان حيادياً كما يدعي أن يخصص حلقة لوضع العلاقات القطرية الإسرائيلية على طاولة نقاشاته ويطلق فيها العنان لأسألته المعتادة (إلى متى؟ ولماذا؟ وكيف؟ وأوليس …)
حقيقة في كل مرة نقرأ تلك التحولات في كتابات فيصل القاسم يجعلنا نسأل من أي فصيلة أنت يا فيصل؟!! وسؤال مُلِحٌّ نسأله ألم يأن للمفتونين به أن يعرفوا حقيقته ويكفوا عن تبييض صورته الملطخة بدماء الآلاف في حلقات الفتنة والطائفية وأن يحتكموا إلى نداء العقل والضمير ويدركوا أن فيصل القاسم ليس سوى أداة ترتدي قناعاً تخشى عليه من السقوط لأن سقوط ذلك القناع سيتبعه سقوطات لأقنعة كثيرة تظاهرت بانحيازها إلى الشعوب المستضعفة.