في ضوء الأحداث التي تدور اليوم في المنطقة والصراع الذي أدلى بأثره على أغلب الدول عربيةً كانت أم غربية، لم يغيب الجانب الرياضي عن الأضواء، إذ كان لا بدّ أن تكون كل المواضيع متكاملة، فلا يعقل أن أدافع عن القضية الفلسطينية في الحرب وأرفع علمها ولا أجد رادعاً للمشاركة في رياضة كان للكيان وجوداً بها، وهذا ما رأيناه مع الكثير من الرياضيين الذين انسحبوا من بطولات كبرى لوجود الكيان بها.
وإذا كان هناك رفضاً أخلاقياً وإنسانياً ودينياً لوجود الكيان بساحة اللعب جنباً إلى جنب مع العرب خاصةً وآسيا عامةً إلّا أن الغرب لطالما فتح ذراعيه للكيان على جميع الأصعدة، ورأى أنه لا بأس باستقبال الكيان المنبوذ في الرياضة ولا سيما كرة القدم.
وفي هذا السياق فإننا نرى أن الكيان تمّ دسّه عنوةً في منطقة آسيوية، ولكن الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” لم يسجل الكيان في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم “AFC”، فكان البديل أن يتم تسجيلها في منطقة أوروبا.
كيان بلا دولة بمسيرة رياضية!
منذ احتلال الكيان الصهيوني لفلسطين وزعمه تشكيل دولة لا حق له بها في عام 1948، شارك بأربع بطولات لكأس آسيا – 1956 و 1960 و 1964 و 1968، ولا نعلم كيف لكيان مستحدث أن يستضيف كأس آسيا ويعلن فوزه عام 1964، وهو الكأس الوحيد الذي فاز به على الإطلاق، وأصبح الوصيف في كل من عامي 1956 و 1960، لتكون جميع أهدافه 28 هدفاً في جميع البطولات الأربع.
فهل اغتصب الكيان هذه الأهداف وسرق البطولة من أصحاب حقها كما فعل مع فلسطين؟! ومهماً يكن فإن أهدافه ومحاولته لجعل نفسه دولة سقطت.
فخر استضافة وبطولة بأربع دول
فلطالما طارد الجدل الكيان الإسرائيلي خلال مشاركته في بطولات كأس آسيا، وكان واضحاً أكثر في كأس آسيا عام 1964، التي استضافها الكيان نفسه وفاز بها، حيث انسحبت العديد من الفرق من البطولة بسبب خلافاتهم السياسية مع كل من الكيان والهند إضافة إلى انسحاب تايوان – التي كانت تلعب سابقاً باسم جمهورية الصين – لأسباب لوجستية، لتسير بطولة عام 1964 بأربعة فرق فقط – إسرائيل والهند وكوريا الجنوبية وهونغ كونغ.
فما الذي يتمناه الكيان بعدما استضاف بطولة كبرى بأربع دول فقط؟ كان من المفترض عليه أن يتعلم من وقتها أنه منبوذ وجودياً ورياضياً أيضاً.
الكيان لا مكان له بالمنطقة بأي صورة..
قبل أن يطرد الكيان من الاتحاد في عام 1974، كان دائما يتعرض لضغوط عندما يتعلق الأمر بالرياضة بسبب عدم الاعتراف به كدولة يهودية من دول معظمها من الأعضاء الدائمين في كأس آسيا.
ومع احتلاله الوحشي لفلسطين، لم تكن لدى العديد من الدول العربية وغيرها في منطقة آسيا أي علاقات دبلوماسية أو اقتصادية أو عسكرية مع الكيان، فزاد الضغط عليه أكثر فأكثر خلال حرب 1967 التي شهدت احتلال الكيان لهضبة الجولان والضفة الغربية وشبه جزيرة سيناء المصرية.
والقشة التي قسمت ظهر البعير جاءت كاقتراح بدأته الكويت في عام 1974 لطرد الكيان من الاتحاد الآسيوي، عندما رفضت كل من الدول العربية وكوريا الشمالية اللعب ضد الكيان في الألعاب الآسيوية.
حيث شهد الاقتراح تصويت 17 مقابل 13 لصالحه، مع امتناع ست دول، وتم قبول اقتراح الكويت وطرد الكيان من الاتحاد الآسيوي.
الغرب يحتضن طفله المنبوذ..
بقي الكيان الصهيوني لعدة أعوام في البرية الكروية دون اتحاد بعد عام 1974، وقد شارك الفريق في مباريات التصفيات لكأس العالم في أوروبا عام 1982، لكن الكيان لم يكن جزء من الاتحاد بعد، وقد بدأ عملية انضمامه الرسمية إلى أوروبا في عام 1991، اكتملت في عام 1994.
ولكنه أصبح خالي الوفاض فمنذ ذلك الحين لم يشهد أي نجاح في كرة القدم بسبب المنافسة الأصعب في أوروبا، حيث تتواجد أعظم قوى كرة القدم، بما في ذلك إنجلترا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال وهولندا، وكلهم فازوا بكأس أوروبا أو كأس العالم للفيفا أو بكليهما.
إلا أن الكيان تأهل مرة واحدة فقط إلى كأس العالم للفيفا في عام 1970، لكنها لم تتجاوز مرحلة المجموعات، يبدو أنه لم يستطع سلب النقاط من الغرب، فالغرب يحتضن الكيان لكن لا يسمح له بسلب حقه بالفوز بالبطولات.
أذى الكيان يلاحق فلسطين إلى الرياضة..
تأسس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم “PFA” عام 1928، أي قبل 20 عاماً من إنشاء الكيان، وتم قبول PFA من قبل الفيفا عام 1998.
وقد وسّعت فلسطين كرة القدم في أوائل القرن العشرين، حيث ظهرت العديد من الأندية، وكانت العديد منها أندية محلية وذات انتماء ديني، بما في ذلك الأندية الأرثوذكسية في القدس والنادي الإسلامي في يافا والنادي الإسلامي في حيفا.
لكن مع احتلال اليهود الصهاينة فلسطين وإنشاء الكيان بمساعدة القوى الغربية، هاجرت أيضاً العديد من الأندية اليهودية من أوروبا إلى فلسطين بشكل غير قانوني على مر السنين، كما انخفض القطاع الرياضي المتنامي في فلسطين، خاصة بعد استشهاد العديد من اللاعبين الفلسطينيين في ظل التوسع غير القانوني للمستعمرين الإسرائيليين.
سيطرد وجودياً كما طرد رياضياً…
إن الكيان الصهيوني الذي دخل بالغصب إلى المنطقة لا بدّ له من الخروج، وطرده من اتحاد آسيا لكرة القدم لم يكن إلا لكونه كياناً محتلاً لا وجود له ولا أرض له، وكما تمّ طرده من اتحاد كروي، سيتم طرده من المنطقة بشكل كلّي عاجلاً أم آجلاً، إن لم يكن اليوم فغداً، وإن غداً لناظره قريب.