كعادتها واشنطن تصدر قرارات وتتخذ إجراءات تثبت نفاقها وكذبها، وكعادتها تريد إثبات نفسها معتقدةً بأنها سيدة المواقف، فبعدما عارضت مشروع قرار الجزائر، والذي هددت بوأده، ظهرت بمجلس الأمن لتفاجئ الجميع بمشروع قرار؛ داعية لوقف النار في غزة، وتعارض به الهجوم البري على رفح.
إلا أنها في الواقع؛ تريد منع أي محاولة تقف بوجه العدوان على قطاع غزة، لذا صاغت مشروعاً ينافس مشروع القرار الجزائري المطروح للتصويت أمام مجلس الأمن الدولي.
ففي الوقت الذي طالب مشروع الجزائر؛ الوقف الفوري للنار لأسباب إنسانية، كانت المسودة السرية المسربة لواشنطن تنص على أن مجلس الأمن يؤكد دعمه لوقف إطلاق نار مؤقت في غزة في أقرب وقت ممكن عملياً، استناداً إلى صيغة إطلاق سراح جميع المحتجزين ويدعو إلى رفع جميع الحواجز التي تحول دون تقديم المساعدة الإنسانية دون الإشارة الى كيان الاحتلال.
ولكشف الحقيقة التي تريدها واشنطن من مسودتها المسربة، فقد ركزت المسودة على إدانة المقاومة الفلسطينية وعملية الطوفان؛ التي كان لا بد منها لتخليص الشعب الفلسطيني من قمع الكيان، حيث جاءت اللغة المستخدمة في المسودة حول وقف إطلاق النار عمومية، والتي تترك الأمر لمزاج الكيان وقراره، ما إذا كانت الظروف ملائمة بالنسبة له لوقف إطلاق النار، كما تتطرق المسودة إلى الاجتياح المحتمل لرفح، لكن لا تدينه بوضوح، بل تنص على أنه في ظل الظروف الحالية، فإن شن هجوم بري كبير على رفح من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من الضرر للمدنيين وتشريدهم بشكل أكبر.
إذاً فاللعبة التي تريدها أمريكا واضحة، تسير بسيناريو طرح مشروع قرار لوقف النار، ولكن بكيف الكيان وإرادته، لا كما يجب أن يكون، وإن المشروع الأمريكي لن يتم طرحه على نحو عاجل للتصويت عليه في مجلس الأمن، اذ تقول إدارة واشنطن أنها ليست مستعجلة لذلك، وتريد أولاً إعطاء فرصة لمفاوضات التهدئة وتبادل الأسرى.
علماً أنه قبل طرح القرار؛ أعلنت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة “ليندا توماس غرينفيلد” أنها ستستخدم حقّ النقض ضدّ القرار الجزائري، بعد أن كانت بالفعل قد استخدمت الفيتو مرتين ضد قرارين في المجلس منذ بداية العدوان على غزة، وبررت إعلانها بأن المشروع الجزائري قد يعرض مفاوضات حساسة للخطر.
وتجدر الإشارة إلى أن واشنطن زعمت بأنها لا تعارض الحرب بذاتها، بل ثمة مشكلة لديها مع طريقة إدارتها من قبل حكومة الاحتلال وفي مقدّمتهم “نتنياهو”، الذي يستند إلى حلفائه في اليمين المتطرّف في معارضة الرؤية الأمريكية للحرب ومسارها ونتائجها، أي أنها تريد إعطاء للكيان الذي لا يأخذ إذنها ويتصرف بهمجية غير التي ربته عليها.