لطالما كانت الحدائق متنفس الحلبيين الذي تخنقهم رائحة دخان المدافئ التي لم تعد تعمل على المازوت فقط، بل صارت المدافئ ملاذاً لكل ما يمكن حرقه من حطب وأحذية مهترئة ونايلون وأشياء لم نعتد حرقها قبل الحرب على سوريا، فيستغل الحلبيون الطقس الدافئ في فصل الشتاء على عكس القرى، للهروب من ظلام وبرد المنازل إلى متنفسات وأماكن تتوفر فيها الإنارة الطبيعية والمقومات الصحية قدر الإمكان من حدائق ومتنزهات وسواها.
رئة الناس على وشك الاختناق
حديقتا سيف الدولة والأخرى القريبة متوسطة كمنصف البقعة الممتدة من إشارات الملاعب إلى إشارات جامع سعد بن أبي وقاص، كانت تعج بالزوار من مختلف الأعمار، والأطفال الذين عاشوا الأجواء الدافئة باللعب والمرح.
بينما كان القاسم المشترك في كلتا الحديقتين، هو انتشار الأوساخ وعُري الكراسي من المساند والمقاعد الخشبية التي على ما يبدو وكما علق أحد الرواد، بأنها سرقت وتحولت إلى رماد من حطب بعيداً عن عيون الرقابة النائمة، وصار الجلوس حتمياً على التراب.
ثقافة الطوابير والليترات المسروقة
في المقلب الآخر يأخذك مشهد حركة توزيع المازوت أمام باب حديقة سيف الدولة بطابورها الطويل، إلى التساؤل عن تأخر استلام مازوت الدفعة الاولى، وقد حزم الشتاء أمتعته وهناك من أكد بأن الدفعة الأولى تأخرت كثيراً، وجاءت بعد أن نخر البرد العظام، بينما اشتكى البعض الآخر النقص في كيل المخصصات؛ بسبب غبن في ضخ الكمية كاملة، وما بين وجع الناس والليترات المسروقة أمام أعين الناس صار في حلب طبقة جديدة اسمها “حديثو النعمة”
الأمبير نعمة أم نقمة!؟
يتساءل كثيرون عن مولدات الأمبير التي يعتبرها البعض نعمة في ظل انقطاع الكهرباء شبه الدائم، ويعتبرها آخرون نقمة حيث إن سعر الأمبير يتفاوت حسب المكان، ولكن بشكل وسطي بات سعر الأمبير حوالي (50000) والأفظع من ذلك هو تعدّي أصحاب المولدات على الأرصفة والحدائق، فترى نفسك مطراً للمشي في منتصف الشارع أو أن تتنفس دخان الوفود وأنت في وسط الحديقة.
حلب مفهوم “اللبننة”
ما يحدث في حلب أكبر مركز صناعي في سوريا، والتي تعرف بعاصمة الاقتصاد السوري هو “لبننة” والمقصود بهذا المصطلح هو تحويل حلب إلى نظام المولدات كما هو الحال في الجار لبنان، وهذا له آثار جسيمة على الاقتصاد، ورغم متابعة الجهات المعنية لهذه الأمور إلا أن الأمور ما زالت بعيدة عن الحل.