أخبار حلب _ سوريا
خاص لموقع أخبار حلب
بقلم: أديب رضوان
دخلت “العملية الروسية الخاصة لحماية سكان دونباس” أو كما يسمونها الحرب في أوكرانيا، عامها الثالث، في الوقت الذي تستمر فيه المعارك الضارية سواء الميدانية أو السياسية؛ بين روسيا من جهة والغرب ممثلاً بحلف “الناتو” الداعم لأوكرانيا من جهة ثانية، فيما تحقق “موسكو” الانتصارات على الأرض، من دون أن تلتفت لصراخ “الغرب” الذي حاول عزلها دون طائل.
الحرب المستعرة التي حذرت أوساط سياسية من أنها قد تشكل حافة “حرب عالمية ثالثة”، وذلك جراء التصعيد الكبير بين روسيا ودول “الناتو”، تدخل عامها الثالث و “الصوت الغربي” بدأ يخفت مع فشل “الناتو” في خططه في أوكرانيا وفي عزل روسيا.
روسيا تحقق مكاسب متعددة
أوكرانيا التي كانت تتجهز لتصبح خنجراً مسموماً سياسياً وعسكرياً في خاصرة روسيا؛ أصبحت اليوم بفعل العملية الروسية، خاصرة رخوة بوجه “الناتو”، لينقلب السحر على ساحر، وبعد الصخب الأمريكي الأوروبي بدعم أوكرانيا بدأ هذا الدعم يتلاشى شيئاً فشيئاً للجيش الأوكراني، بينما تكتسب روسيا قوة مع تحقيقها مكاسب جديدة.
فعندما أعلن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” عن “عملية عسكرية خاصة” فجر يوم الـ24 من شباط عام 2022، توقع الغرب أنه أوقع موسكو في المصيدة، ولكن مع مرور الأشهر الأولى تبين أن موسكو قادرة على تحقيق الانتصارات، ورد الكيد، لا بل تحقيق معادلة ردع جديدة على حدود “الناتو”.
فقد مَني الجيش الأوكراني بهزائم كبيرة، وخصوصاً مع فشله في عمليته المضادة عام 2023، في المقابل، تمكن الجيش الروسي من بناء موقع قوة بفضل الانتصارات في الأرض الأوكرانية ما دفع أيضا إلى ازدهار الإنتاج الحربي الروسي، في حين تعاني القوات الأوكرانية نقصاً في القوة البشرية ونقصاً في الذخيرة التي يزودها بها الغرب للمدفعية والدفاعات الجوية.
وصنف خبراء عسكريون وأمنيون روس “مكاسب رئيسية” حققتها موسكو مع انتهاء العام الثاني للحرب، على رأسها تطوير قدرات روسيا على الهجوم، ونجاحها في تقليص حجم الخطر المتوقع من الجانب الآخر، أي أن موسكو ضمنت أمنها من الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى عبر شبكة مهمة من مظلات الدفاع الجوي.
كما أكدوا أن حلف شمال الأطلسي بات غير قادر على نشر صواريخه على مسافة قريبة بشكل خطير من حدود روسيا، علاوة على ذلك، جرى تطوير تجربة الحرب الحديثة، التي قد لا تمتلكها الغالبية العظمى من الجيوش الغربية.
اقتصادياً، يكمن المكسب في صمود الاقتصاد الروسي، رغم وقوعه تحت مقصلة العقوبات الغربية غير المسبوقة، إذ يقول خبراء: إن عبء العمليات العسكرية على اقتصاد البلاد لم يتعارض مع خطط التنمية الشاملة؛ حيث نما الناتج المحلي الإجمالي في روسيا لعام 2023 وفقاً لتقديرات حكومية بنسبة 3.6 في المئة، وهذا أعلى من كل التوقعات التي وُضعت، وأعلى أيضاً من معظم الدول الغربية، التي لم يسجل الكثير منها نمواً، بل دخلت في ركود، كما دفعت العقوبات روسيا إلى بناء خريطة كاملة من “التحالفات الاقتصادية” الجديدة في العالم.
ولعل أبرز المكاسب الروسية كانت على صعيد الرأي العام الغربي، إذ اهتزت ثقة الأوروبيين والغرب عموماً، بإمكان تحقيق نصر على روسيا، ويدلل هؤلاء على ذلك بنتائج استطلاع أجراه مؤخراً المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ودلَّ على أن 10 في المئة فقط من الأوروبيين، باتوا يعتقدون بإمكانية إحراز انتصار للقوات الأوكرانية في ساحة المعركة.
“الناتو” يتجرع الفشل
إدارة بايدن الأمريكية سعت مع بداية الحرب إلى سياسة الهجوم الدبلوماسي والسياسي ضد روسيا، ناهيك عن نقل عشرات الأطنان من الأسلحة الأمريكية والغربية إلى أرض أوكرانيا؛ بهدف تطويق الجيش الروسي وإلحاق الهزيمة به، مضافاً إليها سياسة فرض العقوبات الاقتصادية ضد موسكو.
ومع مرور الوقت تبين أن سياسة واشنطن وأوروبا فاشلة على جميع الأصعدة في أوكرانيا، إذ لم تستطع المساعدات العسكرية لكييف من كبح جماح تقدم القوات الروسية، بل طورت الهجوم وقامت بتحرير مناطق واسعة فيها حماية لسكان دونباس، كما أن سياسة العقوبات لم تكن فاعلة إذ استطاع الاقتصاد الروسي التأقلم لا بل زاد من نشاطه دولياً.
كما فشل “الناتو” في جر العالم إلى معركة جانبية فاشلة مع روسيا، وهزم في معركة الرأي العام الدولي، فيما أصبح لروسيا نفوذ أوسع وأقوى في العالم وخصوصاً في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، وهنا يتساءل بعض السياسيين الغربيين، هل يتعلم “الناتو” من الدرس الروسي في إدارة المعارك الميدانية والسياسية؟
ومع النجاحات الروسية في أوكرانيا تتعزز نظرية الأمن العالمي المشترك ومتعدد الأقطاب، وهذا الأمر دفع قوة مجموعة بريكس التي تنتمي إليها روسيا قدماً وتطوراً، مع تسجيل طلبات العديد من الدول الكبرى رغبتها بالانضمام إلى هذا التحالف الاقتصادي الاستراتيجي الكبير.
ختاماً وفي المحصلة الحرب الروسية الأوكرانية لم تكن منذ يومها الأول حرباً بين دولتين، بل كانت “حرباً هجينة” وبالوكالة أيضاً بين قطبين دوليين، فالغرب الاستعماري حاول استثمار أراضي أوكرانيا لتكون قاعدة متقدمة له، لإضعاف روسيا؛ لتتحول تلك الحرب إلى شبه “حرب شاملة”، استخدمت فيها الأطراف كل أنواع الأسلحة والتكتيكات، وامتدت تداعياتها لتشمل كل مناحي الحياة في معظم دول العالم أيضاً.
كما أن هذه الحرب أصبحت منعطفاً لإعادة رسم “خرائط النفوذ” وموازين القوى الدولية الكبرى، بما يشتمل على تغيير التحالفات وبناء التكتلات وإعادة هيكلة الخطط السياسية والعسكرية والاقتصادية العالمية، مع تصاعد الأصوات السياسية الدولية الداعية للتعددية القطبية.
وهنا نذكر بموقف سوريا الداعم لروسيا منذ اليوم الأول لحربها في أوكرانيا، إيماناً منها بعدالة تلك القضية، حيث أكد الرئيس “بشار الأسد” في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي “فلاديمير بوتين” في الـ 25 من شباط عام 2022، بأن “ما يحصل اليوم هو تصحيح للتاريخ وإعادة للتوازن إلى العالم الذي فقده بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، وأن الهيستريا الغربية تأتي من أجل إبقاء التاريخ في المكان الخاطئ لصالح الفوضى التي لا يسعى إليها إلا الخارجون عن القانون، مؤكداً أن روسيا اليوم لا تدافع عن نفسها فقط وإنما عن العالم وعن مبادئ العدل والإنسانية”.
تابعنا عبر منصاتنا :
تيلجرام Aleppo News
تويتر Aleppo News
أنستغرام Aleppo News