أخبار حلب _ سوريا
استيقظ العالم صبيحة السادس من آذار 2017 على خبر أفجع قلوب جميع الأحرار حول العالم، وهو ارتقاء المثقف المشتبك “باسل الأعرج” بعد أن اشتبك لمدة ساعتين متواصلتين مع قوة للاحتلال الصهيوني والتي اقتحمت منزلاً كان يتحصن به في مدينة البيرة الفلسطينية حيث أبى أن يستسلم واستشهد بعد نفاذ ذخيرته.
من هو المثقف المشتبك باسل الأعرج؟
ولد “الأعرج” عام 1986 في قرية الولجة في بيت لحم جنوبي الضفة الغربية، وحصل خلال دراسته على شهادة الصيدلة وعمل في مجال دراسته قرب مدينة القدس المحتلة.
شكل “الأعرج” حالة خاصة في التاريخ الفلسطيني الحديث، واشتهر كمدون وباحث في التاريخ الفلسطيني، وكان يتحلى بثقافة عالية كرسها لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي من خلال المقالات الداعمة للمقاومة الفلسطينية .
كما وثق أهم مراحل الثورة الفلسطينية من خلال قيامه برحلات شبابية إلى أماكن العمليات الفدائية، وألقى محاضرات توعية حول العمل المقاوم، وله دراسات كثيرة تؤرخ للفكر المقاوم.
وذكر أحد أصدقائه أنه قام مرةً بإنشاء حاجز احتجاجاً على قيام الصهاينة بحاجز مماثل قريب من منزله، حيث أوقف العديد من سيارات الصهاينة وطلب بطاقات ركابها إلى أن جاء الاحتلال وأوقفه.
أدرك باسل جيداً أن الثقافة هي درع المجتمع الفلسطيني لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ولم يغتله الكيان إلا لكونه مثقفاً قبل كل شيء، ومشتبكاً في كل اللحظات.
اعتقلته أجهزة السلطة بسبب جولاته الثقافية ودعواته لمقاطعة الكيان الصهيوني، لتعيد اعتقاله مرة أخرى وتتهمه مع عدد من رفاقه بالإعداد لعمليات عسكرية ضد الاحتلال، فخاض مع رفاقه أضراباً عن الطعام.
أيقونة المقاومة يرتقي شهيداً:
وفي أيلول 2016 أفرج عن باسل ورفاقه الخمسة، فاختار الشهيد المطاردة طريقاً للوصول إلى هدفه الأسمى وتابع الخط الذي بدأه إلى أن ارتقى شهيداً.
ورأى الناس في رحيله قول غسان كنفاني ” لا تمت إلا نداً”، ورثاه النشطاء ” عرج الباسل، أعد العدة وجهز نفسه، زرع الفكرة في رأسه وهذبها، تركها تكبر شبراً شبراً، وسقاها من وطن لا ينضب، جعله أرضاً خصبة، ثار الزرع في أوردة دماغه، فأنبت فكراً لا يمحى، عمده بالدم الصادق، وحصنه من أعدائه، حتى يصبح ثورة”.
رحل باسل وترك وصيته الملهمة داخل البيت الذي تحصن فيه : “تحية العروبة والوطن والتحرير، أما بعد فإن كنت تقرأ هذا فهذا يعني أني قد مِتُّ، وقد صعدت الروح إلى خالقها، وأدعو الله أن ألاقيه بقلب سليم مقبل غير مدبر بإخلاص بلا ذرة رياء”.
وأضاف الشهيد الأعرج في وصيته: “لكم من الصعب أن تكتب وصيتك، ومنذ سنين انقضت وأنا أتأمل كل وصايا الشهداء التي كتبوها، لطالما حيرتني تلك الوصايا، مختصرة سريعة مختزلة فاقدة للبلاغة ولا تشفي غليلنا في البحث عن أسئلة الشهادة.. وأنا الآن أسير إلى حتفي راضياَ مقتنعاَ وجدت أجوبتي، يا ويلي ما أحمقني! وهل هناك أبلغ وأفصح من فعل الشهيد، وكان من المفروض أن أكتب هذا قبل شهورٍ طويلة، إلا أن ما أقعدني عن هذا هو أن هذا سؤالكم أنتم الأحياء، فلماذا أجيب أنا عنكم، فلتبحثوا أنتم… أما نحن أهل القبور فلا نبحث إلا عن رحمة الله”.
كالنجوم يضيئون لنا عتم ليلنا، ويوقدون فينا نبض الكرامة، وروح المقاومة، والشهادة لأجل العقيدة والقضية، فسلامٌ عليهم يوم ولدوا ويوم استشهدوا ويوم يبعثون أحياء.