أخبار حلب _ سوريا
إنّ الأزمات التي تعرض لها الكيان إثر 7 أكتوبر؛ والفضائح التي تلت بعضها البعض؛ صنعت شرخاً كبيراً في العلاقات الأمريكية الصهيونية؛ وأوضحت مدى الخلافات التي آلت إليها كل من أمريكا والكيان الإسرائيلي، فيوماً بعد يوم؛ يتصاعد الصدام بين الهَرِم “بايدن” والفاشل “نتنياهو”، وقد أصبح جليّاً أكثر يوم الثلاثاء؛ بعد اتهام إدارة “بايدن” من قبل مسؤول صهيوني؛ بمحاولته تقويض حكومة الكيان، معبراً في بيان شديد اللهجة؛ عن استيائه من انعدام الثقة بين الجانبين بشأن ما يدور في غزة.
وفي هذا السياق، قيّمت وكالة استخبارات أمريكية رفيعة المستوى؛ التهديدات الصادرة يوم الاثنين؛ مبينةً العمق الذي وصلت إليه قلة الثقة في قدرة نتنياهو على الحكم، منذ بدء طوفان الأقصى.
وإضافة إلى ذلك؛ أوضح تقرير لمكتب مدير المخابرات الوطنية في أمريكا، أن قدرة “نتنياهو” على البقاء كزعيم، وائتلافه الحاكم المكوّن من الأحزاب اليمينية المتطرفة والأرثوذكسية المتطرفة، التي اتبعت سياسات متشددة بشأن القضايا الفلسطينية والأمنية، قد تكون معرضة للخطر، متوقعاً حدوث احتجاجات كبيرة مطالِبةً باستقالة “نتنياهو”، وأن يكون هناك انتخابات جديدة في الأسابيع والأشهر المقبلة، ويرى بأن تشكيل حكومة مختلفة وأكثر اعتدالاً أمر محتمل، ولكن من الغريب؛ أن يتم الإعلان عن مثل هذا التقييم للوضع السياسي الداخلي لحليف رئيسي لأمريكا.
بدورهم فقد اعتقد مسؤولون لدى الكيان؛ أن هذا التقييم لن يكون إلا إذا كان البيت الأبيض قد أعطى إشارة خضراء لذلك، إذ إن إدارة “بايدن” تواجه الكثير من الضغوطات السياسية الكبرى؛ بسبب دعمه للكيان في اعتداءاته على غزة، في الوقت الذي يريد فيه “بايدن” أن يكون ضمن المنافسات الانتخابية، لعله يعود للسلطة من جديد.
والمثير للاهتمام، أن هذا التقرير لم يمرّ دون رد صهيوني؛ حيث نُسب إلى مسؤول صهيوني بيان مرسل للصحفيين، جاء ردّاً على التقرير الأمريكي يوم الثلاثاء، متّهماً إدارة “بايدن” بالتدخل في السياسة الداخلية الإسرائيلية، موضحاً أن من يختار رئيس وزراء الكيان هم مستوطنو الكيان؛ وليس أي شخص آخر، مشدداً على أن الكيان لا يتبع لأمريكا، كما توّقع أن يكون هناك تدخلاً من دولة أخرى، لمساندة الكيان في مواجهة المقاومة، وألّا يكون هناك تدخلاً لأمريكا أو لحكومة الكيان.
وفي سياق متصل، فإن “بايدن” بدأ بمناورة خطيرة، تتمثل في الانفصال عن “نتنياهو” واستراتيجيته في حرب غزة، إضافةً إلى التمسك بالكيان ومواجهته المقاومة التي لم تنهزم، وذلك بعد خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه الأسبوع الماضي والذي عزز الزخم، وبالمثل؛ فقد وضع “بايدن” في الأيام الأخيرة خطاً أحمر، بالنسبة للمعركة بغزة، وهذا للمرة الأولى خلال معارضته العلنية لعملية عسكرية إسرائيلية في رفح، وخوفاً من المطالبات الشديدة من الجناح الأيسر لحزبه ضده؛ التي تطالبه بوقف النار، فقد شدد على الأزمة الإنسانية في غزة.
من جهة أخرى؛ رد “نتنياهو” على أن خطه الأحمر؛ هو أن الكيان يجب أن يدخل رفح، حيث شكر “بايدن” على الدعم الذي قدمه للكيان حتى الآن، في الوقت ذاته أكد على أنه لن يرضخ للضغوط الخارجية لعدم القيام بعملية في رفح.
كما زعم أن أغلبية الأمريكيين وأغلبية في الكونجرس يدعمون الكيان، معتبراً أن هناك أشخاص يعتقدون أن هناك رئيس وزراء للكيان ومستوطنون، إلا أن الحقيقة أنهم يدعمون سياسته.
في الختام، فإن هذه العلاقة التي ستمزق الخلافات أواصرها، كان من البديهي أن تحدث عاجلاً أم آجلاً، لأن أمريكا صنعت كياناً بنفسها علمته على النفاق والكذب، وربّته على العقوق وأعطته الحرية؛ أن يثور عليها ويقع السحر على الساحر، وتنقلب الطاولة عليها، وبالنسبة لخوف “بايدن” على الوضع الإنساني في غزة، فهل كان أعمى سابقاً عن ممارسات الإجرام لدى الكيان، وأمريكا من علمته ذلك؟ أم أن الخوف على السلطة ووقوعه عن كرسي الرئاسة جعله يقف بوجه مدللته “إسرائيل” من أجل مصالحه.