أخبار حلب _ سوريا
افتتح الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي” حفاوة التهاني الرمضانية عبر اتصال مع الرئيس “بشار الأسد” ليتبعه عدد من ملوك وزعماء العرب من الدول العربية الأخرى.
حيث صرحت وكالة سانا أن الرئيس “بشار الاسد” تلقى برقيات التهنئة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك من الملك السعودي “سلمان بن عبد العزيز آل سعود” وولي عهده “محمد بن سلمان”، والرئيس الإماراتي “محمد بن زايد آل نهيان” ونائبه “منصور بن زايد آل نهيان”، وسلطان عُمان “هيثم بن طارق”، ومن الملك البحريني “حمد بن عيسى آل خليفة”، والرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون”، ورئيس السلطة الفلسطينية “محمود عباس”.
كيف قرأ الشارع السوري هذه الهرولة لكسب ود الرئيس الأسد؟!
انكمشت تطلعات الشعب السوري بعلاقات وثيقة تجمعه مع الدول العربية الشقيقة بعد الحرب التي تعرضت لها بلاده في العام 2011م والتي ماتزال إلى اليوم تعلو وتيرتها وتنخفض على وتر المتغيرات الإقليمية في المنطقة.
يعود ذلك لخيبة الأمل التي تفاجأ بها السوريون جراء المقاربات السياسية الخاطئة لكثير من الدول العربية دفع ثمنها السوريون من فلذات أكبادهم وعمود اقتصادهم وبناهم التحتية الخدمية المختلفة.
وبعد تمسكهم ببصيص أمل نسجت خيوطه عودة الدول العربية إلى رشدها في التعامل مع سوريا والمصالحة مع القيادة السوريّة وفتح صفحة جديدة تعيد رابطة العروبة إلى بر الأمان مع السوريين إلا أن تلك العودة مازالت معلّقة على استقلالية تلك الدول بقراراتها وتفردها بسيادتها عن الهيمنة الأمريكية التي لا تريد للمنطقة أية استقرار أو ازدهار أو وحدة.
بذلك انقسمت آراء السوريين بين متفائل من هذه المبادرة العربية بالتبريكات بحلول الشهر الفضيل ينتظر أن تنعكس انفراجات في الوضع الاقتصادي السوري الذي يمر بحالة ركود وصراع طويل الأمد مع قرارات قانون قيصر المتجددة.
والرأي الآخر يقرأ هذه التبريكات بيأس وحذر مقارناً تلك المبادرة بسابقاتها من المبادرات الشكلية، حيث يعتبرها مبادرة لا تتجاوز حدود البروتوكولات الدبلوماسية.
قراءة في مبادرة العرب الرمضانية على صعيد سوريا
على أية حال فإن تلك المبادرة بغض النظر عن أهدافها إلا أنها تحمل مؤشرات مهمة جداً بالنسبة لسوريا، وهي:
أولاً: دليل على انتصار سوريا في الحرب وهذا الانتصار فرض تغيير الدول العربية مسارها العدائي تجاه سوريا وإقرارها بالخطأ في المقاربات السياسية في الحرب السوريّة.
ثانياً: تغلب سوريا على العزلة السياسية التي حاولت أمريكا فرضها عليها عبر قوانين وممارسات وسياسات مختلفة.
ثالثاً: تغلب سوريا على الهيمنة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط من خلال مسارعة الدول العربية لكسر الإرادة الأمريكية بإقصاء سوريا عن التكتل العربي.
رابعاً: انتصار شرعية الدولة السوريّة التي حاولت أمريكا محاربتها وإسقاطها دولياً منذ 13 عاماً.
قراءة في مبادرة العرب الرمضانية على مستوى محور المقاومة
على مستوى محور المقاومة باعتبار سوريا العمود الفقري لقوى المحور وبهذا التوقيت الحرج مع استمرار معركة طوفان الأقصى التي انطلقت في 7 تشرين الأول من العام الماضي وتوسعها، تنبئ تلك التهاني الرمضانية بعدة احتمالات:
أولاً: رغبة الدول العربية بلعب دور وسيط في إنجاح عملية مفاوضات عن طريق التماس سوريا خصوصاً بعد تأزم الوضع الإسرائيلي الذي جعل حكومة “نتنياهو” ترتكب المزيد من الحماقات التي باتت تربك الدول المجاورة كمصر وباقي الدول التي تورطت بعملية التطبيع.
ثانياً: التماس الدول العربية من سوريا الاصطفاف جانباً عن دعم محور المقاومة في الحرب، وقرار سوريا واضح في هذا المضمار وهو أن مالم تستطع إسرائيل أخذه من سوريا بميدان الحرب لن تأخذه منها في أروقة السياسة.
ثالثاً: تعبير تلك الدول عن حياديتها في المعركة واستمالتها نحو فريق المحور في حال توسعت الحرب وتفعلت نظرية وحدة الساحات لدى قوى محور المقاومة لتطال كل من يمد يد العون لإسرائيل أو يشارك في سفك دماء أطفال غزة.
الخلاصة
وسواء على أحد تلك الاحتمالات أو كلاها أو سواها رست سفينة التيار العربي في جو الطوفان فإنه لا أمل ولا ثقة بأي قرار عربي مالم يكن منعزلاً عن أي مصلحة أمريكية أو تكتيك أمريكي، وما لم يكن شجاعاً بالقدر الذي يقسم ظهر الهيمنة الأمريكية على السياسات العربية في المنطقة.
وإلى ذلك الحين فإن توجه سوريا وقرارها في هذا الشأن بات واضحاً؛ فالمصالح الوطنية السوريّة فوق العلاقات وهذا ما أكده الرئيس “بشار الأسد” في مقابلته مع الصحفي الروسي “فلاديمير سولوفيوف” حين قال: “المصالح الوطنية أولاً وثانياً وثالثاً وعاشراً وبعدها تأتي العلاقات الخارجية“.