أخبار حلب _ سوريا
لطالما عُرف الشعب الفلسطيني بمقاومته وصموده، حيث تكمن مواجهته للكيان الحاقد بأبسط الأفعال التي يقوم بها، لأنه شعب يملك أرضاً وتاريخاً أطول من عمر الكيان؛ الذي يرى بأفعال الفلسطينيين عامةً، وتمسكهم بتراثهم خاصةً تحدياً واضحاً، فهو مجرد كيان ليس له هوية، وإنّ أعظم التحديات التي يمارسها الفلسطينيون وتقلق الكيان؛ هي تمسكهم بطقوسهم الرمضانية، وأكلاتهم بهويتها العربية.
لذا، فقد ارتبطت بعض الأكلات الفلسطينية بالمقاومة والتحدي، وأصبحت تراثاً تتناقله الأجيال، إثباتاً على أن الأرض المقدسة هي عربية أصيلة، لا يهودية صهيونية، لذلك كما يقال “بيعمل الكيان العمايل” عندما يرى الفلسطينيين يطبخونها، أو يجد صحناً منها قد مرّ بالقرب منه، وأبرزها “المقلوبة الفلسطينية“.
مقلوبة الصمود والتحدي
لم تكن المقلوبة مجرد طبخة تطبخها النساء الفلسطينيات ويتلذذ الجميع بتذوقها، حيث أصبحت رمزاً للمقاومة، ولقلب الكيان الغاصب على رأسه مذلولاً، وذلك لأنها طبخة ما بعد انتصار فلسطين على الصليبيين، حيث وزعتها الفلسطينيات على الجنود بعد فتح القدس، وسميت “مقلوبة النصر“.
وإن كانت المقلوبة اتخذت اسمها لقلبها قلباً في الإناء، إلا أن الفلسطينيين يرونها المقلوبة التي تقلب قرارات الكيان الهادفة لإبعاد الفلسطينيين عن أرضهم، فجمعت بذلك التحدي من عدة جهات، مقلوبة النصر وقالبة القرارات الصهيونية، فأصبحت رعباً للكيان بطريقة أخرى.
المرابطات والمقلوبة المقدسية
وعلى يد المرابطة المقدسية “هنادي الحلواني”؛ طبخت المقلوبة لأول مرّة في المسجد الأقصى المبارك وذلك عام 2015، بعدما أبعدتها قوات الاحتلال عن المسجد الأقصى ومنعتها مع مرابطات أخريات من دخول المسجد، وتحدياً لهذا المنع تمرّدت “حلواني” على قرار الاحتلال بطريقتها، وافترشت الأرض جالسة مع بعض المرابطات لتحضير طبخة المقلوبة عند باب السلسلة، _أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك_ لذلك استاء جنود وشرطة الكيان من هذا، خاصةً بعدما انتشر الفيديو الخاص بها على مواقع التواصل، ولاقى إعجاباً كبيراً.
وفي سياق ذلك تحدثت المرابطة: “أن لطبخة المقلوبة على أبواب المسجد الأقصى حينها رمزيتها من التحدي والصمود والإصرار على مواصلة الرباط فيه، فكيف إذا كانت هذه الأكلة الشعبية تُقلَب في ساحات المسجد الذي يُعتبر بجماله قطعة من الجنة؟”، هذا المشهد جعل كل مُصَلٍّ يدخل المسجد الأقصى يفكر في إدخال أكلة المقلوبة معه، ومن وقتها اعتمدت المرابطات على طبخ المقلوبة في ساحات المسجد تحدياً للكيان، مما أدى إلى اعتقال “حلواني” وصديقاتها.
فلسطين.. المواجهة بالهوية
وفي الختام، فإنّ فلسطين أعطت للعالم بأسره درساً لا ينسى، بأن من يريد المواجهة يمكنه أن يواجه بأي شيء ولا يستسلم، فأن تفعل الفلسطينيات ما يرفضه العدو، يعني أنها تقاوم بهويتها وأصالتها، يعني أنها تواجه العدو بأنها تملك الهوية والأرض، في الوقت الذي هو لا يملك سوى الدعم الغربي والصهيوني، لذا كانت المقاومة بالهوية من أعظم المواجهات التي زلزلت الكيان وأرعبته.