أخبار حلب _ سوريا
تعد مدينة حلب من أشهر المحافظات السورية، فهي العاصمة الاقتصادية المتميزة بتعدد الطراز المعمارية الموجودة فيها، كما هي مدينة تجارية بامتياز، وتحتوي على أكبر سوق شرقي مسقوف في العالم.
ومن أهم ما تميزت به حلب عبر التاريخ هو أبوابها، حيث فتحت صدرها لاستقبال التجار وقوافلهم المحمّلة بمختلف أنواع البضائع ومن مختلف بقاع الأرض لتساهم في عملية ازدهار المدينة وتطورها، ويبلغ عدد الأبواب فيها تسعة أبواب مشهورة وهي (باب قنسرين- باب المقام- باب الحديد- باب النصر- باب الفرج- باب الأحمر- باب انطاكية- باب الجنان- باب النيرب) ومن أقدمها “باب قنسرين”، فما قصته؟
باب قنسرين.. العمر والاسم
مثل أي باب من أبواب حلب؛ أخذ “باب قنسرين” مكاناً له في المدينة، وقد بناه “سيف الدولة الحمداني” وتم تجديده أيام الملك “الناصر” في عام 654 للهجرة، ويقع باب قنسرين في منطقة من حلب القديمة محاطة بالعديد من الأوابد التاريخية، والمباني الأثرية من مدارس قديمة ومساجد وجوامع ومقامات والكثير من الآثار الهامة في حلب، وهو باب قديم ومن أجمل أبواب مدينة “حلب”، وأكثرها براعة وتعقيداً في فنون التحصين العسكري الإسلامي.
وأما عن أصل كلمة “قنسرين” فهي كلمة عمورية الأصل وتعني (قن النسور) والبعض أطلق عليها (عش النسور)، ويتألف هذا الباب من أربعة أبواب: باب يلي المدينة – وباب يلي البرية – وبابان بينهما في الوسط، و”قنسرين” يسمى في يومنا “العيس” نسبة إلى عيساو، الذي يقع قبره على تلها، كما يزعمون بالقرب من حلب، ويقع بين قلعة الشريف والجلوم وساحة بزة وفي دركاة الباب خان، وفي مدخله كان يوجد طاحون لطحن الحبوب.
“باب قنسرين” أول أبواب حلب ويقع في الجهة الجنوبية للمدينة، ويتماثل تاريخه بتاريخ باب النصر، لأن أوضاعه تبدلت بعد الترميمات المهمة، التي نفذت في عام 1256م وسكوت المؤرخين العرب برهان على بقاء الباب في مكانه الأصلي، ولم تجريء عليه تغييرات كبيرة عدا طرفه الشرقي الذي زال كاملاً.
تطور الباب عبر التاريخ
ويقول مؤرخ حلب الشهير الشيخ “كامل الغزي في كتابه “نهر الذهب في تاريخ حلب: “قالوا أولها _أي أول الأبواب_ مما يلي القبلة هو “باب قنسرين” وسُمي بذلك أيضاً لأنه يُخرج منه إلى “قنسرين” وهو قديم جدده “سيف الدولة” ثم “الملك الناصر” “يوسف ابن الملك العزيز” سنة 654 هجرية، ونقلت حجارته من الناعورة شرق حلب من برج كان بها من أبراج قصر “مسلمة بن عبد الملك” وقد نُقلت هذه الحجارة إلى القصر المذكور من “باب الرقة”، وقبله من سور “سر من رأى” وقبله من سور “عمورية”.
ولما بنى الملك “الناصر” “باب قنسرين” بنى عليه أبراجاً عظيمة، ومرافقاً للأجناد وطواحين وأفران وجباباً للزيت وصهاريج للماء حتى صار كالقلعة المستقلة، وكان يوجد قرب “باب قنسرين” بينه وبين “برج الغنم” مسجد يُقال له “مسجد النور” كان يتعبد فيه “ابن أبي نمير” كما ذكره “المقدسي” في العام 375 هجرية 985 ميلادية فقال عنه: وأما “حلب” فبلد خفيف مبني بالحجارة عامر، في وسط البلد قلعة حصينة لها سبعة أبواب “باب حمص” و”باب الرقة” و”باب قنسرين” و”باب اليهود” و”باب العراق” و”باب إنطاكية” و”باب الأربعين”.
نقوشه الكتابية التاريخية
وحول نقوشه الكتابية التاريخية يقول أحد الأساتذة: “لباب قنسرين عدة نقوش كتابية هي: نقش كتابي وهو آية قرآنية بسطر واحد ونصه: بسم الله الرحمن الرحيم فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير، يا حفيظ.. يا كافي”.
وهناك نص كتابي مؤرخ من العام 907 هجرية 1501م، وقد حفر ضمن الحجر على إفريز كبير محيط بالزاوية الجنوبية الغربية من البروز الشرقي على ارتفاع بداية القوس للباب وتحت حوامل المقاذف، والنص مكتوب بخط نسخي مملوكي متأخر، وبأحرف كبيرة.
ختاماً..
وإلى اليوم ما زالت أبواب حلب؛ تحكي تاريخاً عريقاً من الحضارة والتراث، وفي كل حجرة من حجارها ألف قصة تحدي بوجه الأعداء، وصمودها اليوم في وجه الإرهاب قصة جديدة أضيفت لحكايات النصر على كل الحاقدين.
تابعنا عبر منصاتنا :