أخبار حلب _ سوريا
خاص أخبار حلب
بقلم طلال ماضي
يتمتع المبعوثون الدبلوماسيون بحسب القانون الدولي أثناء النزاعات المسلّحة بحماية مزدوجة تنبثق جذورها من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1994، واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 والبرتوكول الإضافي الأول لعام 1977، وهذه الاتفاقيات كفيلة بتأمين الحماية اللازمة للمبعوثين الدبلوماسيين ومقراتهم حول العالم وتنظم عملهم.
حيث تشمل البعثات الدبلوماسية طبقاً لما حددته اتفاقية فيينا المباني وأجزاء المباني، والأراضي الملحقة بها التي تستعملها البعثات، وتمتد الحماية الدولية لمقار البعثات الدبلوماسية والقنصلية إلى ما تحويه هذه المقار من أرشيف ووثائق وأجهزة اتصال، كما تمتد الحماية كذلك لجميع أعضاء هذه البعثات وأسرهم، بمن فيهم المستشارون الذين يتم دعوتهم بشكل رسمي.
وصفوة القول إن المستشارين الإيرانيين الذين استشهدوا في مبنى السفارة جاؤوا إلى سوريا بدعوة من الحكومة السورية، وهذه الدعوة ليست خافية على أحد ورددها الوزير الراحل “وليد المعلم” أكثر من مرة في مؤتمراته الصحفية وعلى العلن، فهم يكتسبون صفة المستشار العسكري الدبلوماسي، ويطبق عليهم ما يطبق على المبعوث الدبلوماسي في كل دول العالم، وتواجدهم بين المدنيين والسفارات الأجنبية الأخرى يؤكد ذلك.
وللأمانة جميع الدول والكيانات الدولية عبر التاريخ التزمت منذ سنوات طويلة باحترام هذه القواعد العرفية التي أصبحت في ما بعد الأساس لعدد من القواعد المكتوبة، التي صاغتها لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة في صورة عدد من الاتفاقيات الدولية، ولم نسمع انتهاكات للسفارات أو لأعضاء البعثات الدبلوماسية كما حدث في الانتهاك الصارخ والاعتداء على مقر السفارة الإيرانية في دمشق، والسؤال كيف سيكون موقف الدول الأجنبية التي تضررت سفاراتها من جراء العدوان؟ هل ستلتزم الصمت؟ أم ستطالب بالتشدد في تطبيق القوانين الدولية لاستمرار عمل البعثات الدبلوماسية حول العالم؟!
إن التاريخ البشري عرف العديد من الحروب التي عصفت بالبشرية على مر العصور، وسببت له آلام فظيعة، ونتيجة لذلك تنبه المجتمع الدولي إلى ضرورة الحد من تلك الظاهرة، وعليه فقد تبنت الدول الحديثة مبادئ جديدة في محاسبه المتسببين في الحروب والمخالفين لكل القيم والأعراف والقوانين الدولية ومعاقبة القائمين والمخططين لتلك الجرائم الدولية التي عادة ما تخلف وراءها دمار بأبشع صوره.
ومن طرق معالجة الانتهاكات المترتبة على الحصانات الدبلوماسية بحسب القانون الدولي “جبر الضرر” كما نصت المادة “الخامسة والسبعون” من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وهو إعادة الحال إلى ما كانت عليه، أو التعويض المالي، أو الترضية، أو التحكيم، وكل ما سبق لا يمكنه إصلاح الضرر لذلك هذا الخيار غير متاح كون إيران لا يهمها التعويض المالي ولا يعوضها أي ثمن عن خسارتها المعنوية.
والخيار المنطقي والقانوني هو الرد والتعامل بالمثل، وإعادة الاعتبار إلى القانون الدولي عن طريق الصدمة، وإعادة الاعتبار إلى الاتفاقيات الدولية وتفعيلها، وعودتها إلى رشدها وهذا ما ينتظره العالم، ويترقبه من إيران بعدما أعلن جميع المسؤولين فيها بعد الحادثة أن الرد سيكون قاسياً، وعلى ما يبدو أن الفلكي اللبناني “ميشال حايك” سبق الجميع في توقعاته للعام 2024 حين توقع في بداية العام الجاري أن (إيران ستنتقم بالجملة وبدفعة واحدة).
تابعنا عبر منصاتنا :