بعد الطلب البريطاني من الرئيس الأمريكي “جو بايدن” الجُلوس في الصّف “الرابع عشر” خلال جنازة الملكة إليزابيث الثانية، والتي انتهت مراسم الدفن أمس الاثنين في جنازةٍ ضخمة استمرّت 9 ساعات.
سخر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث خاطبه قائلاً: “مكانك هو مقامك.. حان الوقت لجو التعرّف على قادة دول العالم الثالث”.
وتوقّف مُعلّقون وإعلاميّون كثيراً عند مُفارقة جلوس الرئيس الأمريكي في الصّف الرابع عشر خلال الجنازة، وقد تقدّمه العديد من زعماء ورؤساء دول أقل أهميّة ومكانة.
بينما يعد الرئيس الأمريكي بالنسبة لبعض الدول وشعوبها يعد رئيس أقوى دولة في العالم، علاوةً على كونه حليف مُهم وأساسي لبريطانيا.
ولا يُعتبر هذا في أدبيات مراسم الجنازة الملكية صدفةً، خصوصاً أنه يأتي في وقت تعيش فيه أمريكا تراجعاً كبيراً بدورها في سياسة العالم.
بدأ ذلك منذ إخفاقاتها الكبيرة في الشرق الأوسط بعد تورطها بأزمات أنهت بها إلى انسحاب مخزي من أفغانستان وخسارات كبيرة في باقي المناطق.
واشتد تراجع دور أمريكا انحداراً بعد الحرب الروسية-الأوكرانية وتداعياتها على العالم، إذ لا تواجه روسيا خطر أوكرانيا فحسب بل خطر الناتو والتي تضع اليوم كل ثقلها للانتصار عليه.
وقد زاد فرض أمريكا عقوبات على روسيا الطين بلة، حيث استثمرت روسيا في تلك العقوبات لتشكيل أحلاف جديدة جارج العباءة الأمريكية وتوحد تحت مظلتها كل الدول الممتعضة من سياسة أمريكا وفرض هيمنتها ونهبها ثروات العالم تحت سياط الدولار.
واليوم تعيش أمريكا والاتحاد الأوربي أزمة طاقة خانقة بسبب تفرد أمريكا بالقرارات التي تخدم مصالحها الضيقة وربما قد أدركت هذا متأخرةً بعض الدول سواء الغربية أو دول شرق آسيا كالصين.
وجاءت قمة شنغهاي تعبيراً عن هذا الاستياء العالمي من السطوة الأمريكية وخاصةً في مجالات التجارة والاقتصاد العالمي.
وفي الحقيقة ليس مستغرباً من ترامب الرئيس السابق لأمريكا أن يسخر من الرئيس الحالي جو بايدن، فأمريكا كانت طوال عشرات السنين تسخر من العالم.
فهل فرض سياستها على العالم بالقوة الناعمة والتهويل الهوليوودي لقوة أمريكا الموهومة وافتعالها الأزمات في المنطقة والإقليم وتصدير ثقافتها ونمط حياتها باعتباره هوية العالم الحضارية الوحيدة التي لا غنى عنها هو سخرية أمريكية من هذا العالم الكبير والمتنوع بكل قوته ومقدراته وهويته وثقافته وتاريخه الضارب في عمق الحضارات بينما أمريكا لم تكن موجودةً أصلاً في ذلك الوقت.