أخبار حلب _ سوريا
قدم فنانو تجمع “رايت الفني” عرضهم المسرحي “ننذكر وما ننعاد” على مسرح الجمعية الخيرية الأرمنية في حلب، بأسلوب فكاهي سلس وممتع ومواقف تمثيلية كوميدية لم تخلو من الطرافة؛ ذلك بما يحتويه من موسيقى ولوحات راقصة وغنائية.
حيث جاء العرض الذي كان من إخراج الدكتور “حازم حداد” وتأليف “مصطفى الأغا” ليقترب إلى حد كبير من حياة شرائح إنسانية، في حارة شعبية وما يعيشونه من مفارقات وأحداث بسيطة ومعقدة في آن معاً نتيجة موقفهم تجاه أحداث غزة.
وفي السياق ذاته حقق العرض جماهيرية نخبوية وشعبية في آن معاً تمت ترجمتها من خلال استمرار الجمهور المختلف في فئاته العمرية، بالحضور ومشاهدة المسرحية كل جمعة وسبت من كل أسبوع منذ بدء عرضه في أيام العيد؛ كما تم ترجمتها بحسن الإصغاء والتفاعل والاندماج الكامل مع الممثلين والتأثر بأدائهم والضحك المتواصل على مدار ساعتين ونصف من الزمن.
ما يميز عمل “ننذكر وما ننعاد:
1- بعيده عن القالب الجاف:
بين المخرج “حازم حداد” في حديثه أن العمل يحاول أن يعكس نبض الشارع الحلبي اتجاه ما يجري في غزة، ويطرح مسألة لها علاقة بالتفاعل الشعبي بقضية غزة وهي مسألة جدا أساسية ولكن يحاول ألا يقولها متل نشرة الأخبار؛ من أجل ألا تكون جافة بل يحاول أن يقولها من وجهة نظر أناس عاديين بسيطين ثقافاتهم متعددة متنوعة وممكن ألا تكون لديهم ثقافة فقط لديهم فطرة قومية نشأ وتربى عليها جميع السوريين.
2- مضمون العمل الهادف:
أوضح الدكتور “حداد” بأن أحداث المسرحية تبدأ بعد عملية “طوفان الأقصى” لتنتفض الحارة الشعبية بأكملها، بعد صحوة ضميرها ويقرروا برئاسة المختار الذي يمثل الحارة ضرورة مؤازرة ودعم الأخوة الأشقاء في غزة؛ والذهاب إلى فلسطين ليصار إلى تشكيل قافلة تحرير شعبية ضمن مفارقات فكاهية وبالانتقال من محطة إلى محطة يواجهوا الكثير من المشاكل؛ والأحداث والخيانات التي تحبط من آمالهم بالوصول إلى غزة حين تدفن جهودهم في الصحراء العربية الكبرى.
3- عودة الكوميديا السياسية:
وأعرب المخرج “حداد” بأنه في الآونة الأخيرة منسوب الأعمال المسرحية تراجع إلى حد كبير ككثير من الأشياء، التي تراجعت وتأثرت من الحرب السورية لذلك جاء العرض في محاولة لعودة وحراك الرصيد الفني الموجود (الكوميديا السياسية) والذي تم تأسيسه والعمل عليه؛ منذ عشرات السنين مبينا بأن القالب الكوميدي يمكن أن يغلف أي قضية ولقد تم اختيار قضية غزة لأنها الحدث الأول والأهم.
4- الهدف الأساسي:
وأما عن الأهداف التي يتضمنها العمل يضيف الدكتور “حداد” بأنه يحمل هدفين الأول أن تجمع “رايت الفني” الذي تم تأسيسه عام 2001 رغب بأن يعيد البسمة والضحكة لمدينته حلب، إذ أننا جميعا قد أثقلتنا الهموم والحرب بنوع من الضغط الاقتصادي والمعاشي حيث وصلنا لمرحلة أن الجميع قد نسي الضحك؛ حتى نسينا أروحنا وبتنا بحاجة أن نشحن ونتزود بطاقة إيجابية لذلك كان الهدف الأول أن نبتسم ونضحك من قلوبنا، من خلال عمل مدته ساعتين ونصف؛ ولقد وصل إلى مرحلة أن الجمهور ساعتين ونصف من الزمن ضحك من قلبه لدرجة أن الجمهور عبر عن اشتياقه لهذا النوع من الأعمال الكوميدية .
5- إيقاظ الضمير النائم:
كما أوضح المخرج “حداد” بأن الهدف الثاني للعمل إظهار التعاطف والتآخي والدعم بأدوات الفن والفنانين لأهلنا في غزة، إذ حاول من خلال أدواته الفنية إيقاظ الضمير النائم والغائب العربي والعالمي، حاول أن يذكر العالم أنه هناك أناس في غزة تتعرض يوميا لمواقف وانتهاكات لا إنسانية واعتداءات وحشية من العدو الصهيوني، لذلك جاء العرض ليعري قضية الخيانة حين نرى في ختام المسرحية بأن مصير القافلة الشعبية لتحرير القدس وغزة دفنت في الصحراء العربية الكبرى كمصير جميع المبادرات التي حاولت أن تدعم وتنصر غزة.
6- مهرجان للفرح:
وفي ختام حديثه وجه المخرج “حداد” نداء لجميع المؤسسات الثقافية بضرورة إنتاج هذا النوع، من الأعمال المسرحية الكوميدية ذات المضمون العميق التي تعكس نبض وهم الشارع الحلبي كما نقابة الفنانين بتنظيم مبادرة “مهرجان الكوميديا والضحك”.
7- سؤال ضروري:
وبنى المؤلف “مصطفى الأغا” قصته وفقاً لقوله على تساؤل مهم جداً ألا وهو “أين أنتم يا عرب” والذي تختتم به المسرحية الكوميدية، مبيناً بأنه اعتمد الأسلوب الروائي السلس ليصل بفكرة تقاعس بعض الأنظمة العربية؛ عن نصرة شعب غزة بشكل تلقائي من خلال توالي المواقف الخفيفة الظل وأنه ابتعد عن الإسقاطات المؤلمة والمأساوية من أجل الوصول إلى أكبر شريحة من الجمهور، بطرح أكبر المشاكل وأكثرها صعوبة بشكل كوميدي بسيط قريب من الحياة المعاشة لمنح الجمهور جرعة من الفرح، فكانت الفكرة التي بنيت أحداثها من تشكيل قافلة شعبية لدعم غزة لا تنتمي لأي اتجاه معين (سياسي أو اثني أو عرقي واجتماعي) ولا تمتلك أي قوة أو أسلحة فقط تحمل تعاطف شعبي تلقائي مرتبط بالعروبة والأخوة.
8- بيئة عمل مريحة:
وشاركت الممثلة “نور” بأداء دور “هيفا” الشابة الصغيرة التي أكبر تطلعاتها الثروة والمال لذلك تتزوج المختار، موضحة بأن مشاركتها في المسرحية تجربة جميله جدا امتازت ببيئة عمل مريحة محبه وودودة؛ والمخرج “حداد” من الأشخاص الذين يضيفون كثيرا للممثل الذي يعمل معهم.
الجدير بالذكر أنه شارك الفنان “معتز سيجري” من أعضاء تجمع “رايت الفني” بأداء شخصية المختار الذي يشجع أهل الحارة للخروج، من أجل مساندة أهالي غزة ولديه زوجتان مشيراً إلى المخرج “حداد” صديق قديم وتجربته معه ظريفة وخاصة حين يكون العمل المسرحي يحمل القالب الكوميدي، إذ أن المخرج “حازم” يمتاز في هذا المجال بأنه (لعيب) أي بارع جداً لديه طريقة خاصة يمهد فيها للنكتة والفكاهة بأسلوب سلس؛ حيث يمنح العمل المتعة والفائدة بطرح الفكرة البسيطة العميقة بمضمونها ليتلقاها الجمهور بروح إيجابية.
تابعنا عبر منصاتنا :