أخبار حلب _ سوريا
يزن العبودي/ أخبار حلب
تعيش منطقة الشرق الأوسط مرحلة تحول جديدة على الصعيدين الاستراتيجي والعسكري وظهر ذلك جليا من العملية التي قامت بها إسرائيل صباح يوم الجمعة 19 نيسان والتي يعتقد انها رد على عملية “الوعد الصادق” التي أطلقتها إيران، وشملت غارات على جنوب سوريا ودخول طائرات مسيرة إلى الأجواء الإيرانية دون ورود أنباء عن أي خسائر في كلا البلدين؛ مع صمت إسرائيلي على كافة الأصعدة باستثناء وزير الأمن القومي الإسرائيلي “بن غفير” والذي علّق على العملية الإسرائيلية بكلمة “مهزلة”.
ما يشير إلى التخوف الإسرائيلي من الدخول في مواجهات جدية في الوقت الحالي، والانقسام الإسرائيلي الداخلي بعد الرد الإيراني.
وبمراجعة بسيطة للتاريخ الصهيوني الحافل بالجرائم نجد أن هذا الرد نابع من تخوف إسرائيلي ومن خلفه داعمه الأكبر الولايات المتحدة الأمريكية الدخول في حرب إقليمية قد تؤدي إلى تغيير النظام العالمي بوتيرة أسرع، ولكن هذا التخوف لن يغير من الطبيعة العدوانية لإسرائيل؛ بل ستسعى مستقبلاً إلى أي استهداف من شأنه الاضرار بمحور المقاومة، سيما بعد الخبر الذي تناولته بعض المواقع حول “وصول طائرة للتحالف الدولي تحمل جنوداً ومعدات عسكرية ولوجستية لقاعدة حقل غاز كونيكو شمالي دير الزور”
الشرق الجديد
وهنا يتضح من سياق الأحداث أن المنطقة قد تشهد تشكيل شرق أوسط جديد لكن بتوازنات جديدة سيما بعد التهرب الأميركي من مسؤولية استهداف القنصلية الإيرانية، والفيتو الذي استخدمته في مجلس الأمن ضد مشروع قرار قدمته الجزائر يدعو إلى قبول عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة وحظي بتأييد 12 عضواً من أصل 15، وامتناع بريطانيا وسويسرا عن التصويت لتمنع بذلك صدور القرار.
وما تشهده المنطقة من أحداث وتداعيات حالية ومستقبلية متسارعة ستؤدي إلى ولادة شرق أوسط جديد يصنعه محور المقاومة وليس كما دعا إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ال 78 وحمل خريطة للدول التي تربطها اتفاقات سلام مع إسرائيل أو تخوض مفاوضات لإبرام اتفاقات سلام مع إسرائيل، وضمت المناطق المكسية باللون الأخضر دول مصر والسودان والإمارات والسعودية والبحرين، ولم تشمل أي ذكر لوجود دولة فلسطينية.
ومما لا شك فيه أن المنطقة ستشهد مزيداً من العمليات العسكرية والاستخباراتية التي لا ترقى لمشهد حرب إقليمية أو عالمية لكنها ستكون على قدر من التأثير بالطرف الخصم لردعه من تحقيق أهداف أو مكاسب سياسية ودولية، ومن يستطيع الصمود هو من سيفرض إرادته على المنطقة من دون أن نغفل تاريخ المنطقة وتاريخ شعوبها في مقاومة الاستعمار والاحتلال منذ الاحتلال العثماني وحتى هذا التاريخ.
وفي ظل صمت وتقاعس مجلس الأمن الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عن اتخاذ أي إجراء أو تصريح ضد العدوان على القنصلية الإيرانية باستثناء المواقف الدولية الفردية بإدانة العدوان وتمثلت بعدد من الدول من أبرزها: “روسيا، الصين، باكستان، كوبا، لبنان، العراق، سلطنة عمان، الأردن، مصر، قطر، الإمارات والسعودية” والتي كانت على بعد خطوات من التطبيع من إسرائيل.
أتى الرد الإيراني ليل 13 نيسان وحتى فجر 14 نيسان بإطلاق عملية “الوعد الصادق” وهي هجمات عسكرية جوية محدودة بطائرات مسيرة وعدد من الصواريخ البالستية وصواريخ الكروز شنها الحرس الثوري الإيراني، وتعتبر الضربة الإيرانية الهجوم الأول من نوعه الذي تتعرض له إسرائيل من قبل دولة في المنطقة منذ الضربات الصاروخية التي شنها العراق في فترة حكم الرئيس “صدام حسين” إبان حرب الخليج الثانية منذ أكثر من ثلاثة عقود.
مع تعتيم إسرائيلي كامل عن الأضرار التي لحقت بهم عسكريا وتصريح القنوات الإسرائيلية الرسمية بعدم سقوط أو إصابة أي ضحايا مدنيين.
بينما تستمر المقاومة الفلسطينية في خوض معارك واشتباكات عنيفة وسط قطاع غزة وتواصل التصدي لقوات الاحتلال الإسرائيلي المتوغلة وتوقع إصابات محققة بهم كما يقوم حزب الله بعمليات نوعية كان آخرها مقرات قيادة سرية الاستطلاع العسكري المستحدثة في “عرب العرامشة” شمال فلسطين المحتلة ويعترف الجيش الاحتلال بإصابة 14 جنديا من بينهم 6 إصابات بليغة، وما يثير القلق لدى جيش الاحتلال هو “قدرة المقاومة اللبنانية إرسال المسيرات لتضرب بالتمام حيث هي موجهة دون ان تنطلق صفارات الإنذار” كما أشار المعلق العسكري في قناة “كان” “روعي شارون”، عدا عن الدعم السوري الكامل لإيران في حقها بالدفاع عن نفسها وأراضيها الذي جاء أكثر من مرة على لسان وزير الخارجية السوري الدكتور “فيصل المقداد”، وكل ذلك بدأ يشير بقوة إلى أن ظهور الشرق الأوسط الجديد بات قريباً لكنه سيكون وفق المعطيات التي ترتسم وتضح يوماً بعد يوم على قدر إرادة محور المقاومة.
يذكر أن حادثة استهداف القنصلية الإيرانية من الحوادث النادرة والقليلة عبر التاريخ المعاصر والذي شهد هكذا نوع من الأعمال العسكرية الإجرامية؛ حيث يعتبر استهداف السفارات والبعثات الدبلوماسية انتهاكاً لقواعد القانون الدولي ولاتفاقية فيينا عام 1961 للعلاقات الدبلوماسية والتي أشارت في مادتها الأولى والثانية إلى معنى “مقر البعثة الدبلوماسية”، و”حرمة مقر البعثة”، ومعاهدة فيينا للعلاقات القنصلية عام 1963.
ولعل أبرز هذه الاعتداءات هو ما حدث في الأعوام المذكورة:
ـ عام 1997 استهداف السفارة الإيرانية في مزار شريف أفغانستان، والجهة التي تبنت الاعتداء “جماعة أفغانية باكستانية متطرفة”، ونتج عنه وفاة 10 دبلوماسيين إيرانيين وصحفي.
ـ عام 1999 استهداف سفارة الصين في بلغراد يوغسلافيا الاتحادية، والجهة التي تبنت الاعتداء “حلف الناتو خلال العدوان على يوغسلافيا”، ونتج عنه قتل 3 صحفيين صينيين وإصابة أكثر من 20 شخص.
ـ عام 2005 استهداف السفارة المصرية في العراق، والجهة التي تبنت الاعتداء “تنظيم القاعدة”، ونتج عنه وفاة السفير المصري “إيهاب شريف”.
ـ عام 2012 استهداف السفارة الأمريكية في بنغازي، والجهة التي تبنت الاعتداء “جماعة أنصار الشريعة الإرهابية”، ونتج عنه وفاة السفير “كريستوفر ستيفنز”.
تابعنا عبر منصاتنا :