أخبار حلب _ سوريا
في الوقت الذي تتزايد فيه سرعة انتشار الأخبار، وعدم المقدرة على إخفاء أو طمس الحقيقة، لم يعد هناك مجالاً للصمت عن المجازر التي يرتكبها الكيان، ولم يعد هناك مكاناً للتخفي وراء الشاشات أكثر، فالذي دعم الكيان الصهيوني سرّاً؛ باتت كل أوراقه مكشوفة، وبدلاً من الخجل واغتنام أي فرصة للتراجع، أصبح الدعم والتطبيع “على عينك يا تاجر”.
وتزامناً مع آلام الفلسطينيين وتدهور أوضاعهم بمختلف أشكالها، وازدياد جراحهم التي لا تجد دواءً لالتئامها، خرج الطلاب في عدة دول غربية داعمة للكيان وأولها أمريكا، يهتفون وينادون من أجل غزة، وملأت صراخاتهم وأعلام فلسطين التي يرفعوها كل ساحة من ساحاتهم، فالوضع لا يسكت عنه، وكلّ ذلك واجهته السلطات الغربية بالقمع والترويع والاعتقال.
وإذا نظرنا إلى الغرب بعين الواقع، فالقمع والضرب لكل من رفع صوته أمر مألوف جداً، وهم المحرضون شعوب الشرق على حكامهم من أجل الحرية، وكل ما تفعله سلطات الغرب بالنسبة للأوضاع السياسية، مقروء بالدرجة الأولى قبل التنفيذ، فأن نرى مظاهرة تنادي لغزة وبيد المحتجين أعلام الحق مرفوعة، نعرف أن القادم هو شرطة واعتقالات وتعنيف، بل إذا لم يحصل ذلك فالوضع سيكون غريباً.
ولكن ما يثير الحزن والخذلان، أن تكون هذه التصرفات نابعة من دول، كان يجب أن تكون شقيقة، والدم العربي يجري في عروقها كما يجري بعروق الفلسطينيين والسوريين واليمنيين واللبنانيين وكل عربي لا يقبل الذل والانصياع وراء الباطل من أجل المصالح الدنيوية التي لا قيمة لها.
ولنأخذ مثالاً جليّاً لا يمكننا غض الطرف عنه، ألا وهو “مصر” التي تلتصق بفلسطين وتستطيع إمدادها بالغذاء والدواء وفتح المعابر، إلا أن ما شهدت عليه مواقع التواصل هو انتظار شاحنات المساعدات في المعبر، وهم على أمل أن تفعل مصر شيء ما كونها كما يقولون “الجارة الباب عالباب” أي أنها المنفذ الوحيد للفلسطينيين، مما جعل مصر أمام عيون الجميع.
وإضافة إلى ذلك، لم تكتفِ مصر بالوقوف كالمتفرج على سيارات المساعدات وهي تنتظر في طوابير، بل قمعت قوات الأمن المصرية في وقت سابق مظاهرة متضامنة مع غزة، واعتقلت 14 شخصاً، وبعدها نظمت مسيرات في عدة مناطق من أجل فلسطين إلا أنها اعتقلت الكثير منهم عندما وصل البل لذقن الحكومة، وإلى الآن مازال أكثر من 50 معتقل مازال مسجوناً خلف قضبان القمع.
ولم يتوقف الأمر عند مصر فحسب، بل أصبح هذا القمع عادة متكررة في الكثير من الدول، فالغضب الذي ترجمه المواطنون باحتجاجاتهم نصرةً لغزة، قمعته السلطات خوفاً على نفسها من أن تصل المواصيل لتطبيعها مع الكيان ونسف استمرار علاقتها الدنيئة معه، وبات تأييد المقاومة والمناداة باسم غزة؛ خطراً يلاحق المتظاهرين ويهد حريتهم بالنطق في الاعتقال.
حيث لاقت بعض السلطات العربية من شعوبها تذمّراً من العلاقات الحميمية التي تجمع بين حكامها والكيان، وأمريكا أيضاً التي تدعم كل الإرهاب على وجه الأرض، وكشف 7 أكتوبر كل المخبأ وفضح المستور.
فاليوم مثلاً، عشرات الأشخاص اعتقلتهم السلطات المغربية، لتظاهرهم نصرةً لغزة، أو كان أحد أسباب اعتقالهم؛ منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، التي ينتقدوا بها السلطة المغربية لتقاربها مع الكيان، كما أن السعودية التي تسعى إلى التوصل إلى اتفاق تطبيع مع الكيان، والإمارات التي أبرمت اتفاقاً بالفعل، أظهرت سلطاتهم حساسية مفرطة تجاه أي تلميح للمعارضة، لدرجة أن الكثير من الناس يخشون التحدث عن هذه القضية.
وما يزيد الأمر فضحاً وغرابة “الأردن” وأغلب سكانها فلسطينيين، ورغم ذلك فإن صلتها قوية بالكيان وأمريكا، ومع هذه الصلّة القوية مع الكيان، اعتقلت السلطات الأردنية ما لا يقل عن 1500 شخص منذ أوائل أكتوبر، وذلك بحسب منظمة العفو الدولية، ويشمل ذلك حوالي 500 شخص في شهر مارس، عندما نُظمت احتجاجات ضخمة خارج السفارة الصهيونية في عمان.
والمثير للعجب كون هؤلاء الحكام عرب، فكيف لم تحركهم مشاعر الأصول العربية الواحدة بينها وبين أخوتهم العرب، هل يفعل البقاء بالسلطة العجائب؟! هل غسل الغرب أدمغتهم حتى باتوا مجرد روبوتات بشرية يحركها الغرب كما يحلو له وأصبحوا بلا مشاعر فاقدين للإنسانية؟! هم نسوا فلسطين وقضيتها، وغداً سينساهم الغرب وسيرميهم في مزابل الخيانة، فمن خان أخيه يوماً، لن يأمنه الغريب وسيجعل نهايته مأساوية ويجعله عبرة لكل خائن.
تابعنا عبر منصاتنا :
تيلجرام Aleppo News
تويتر Aleppo News
أنستغرام Aleppo News