أخبار حلب _ سوريا
هي القمة العربية الثالثة والثلاثين للرؤساء العرب وهي الثالثة هذا العام بعد القمة العربية الطارئة التي عُقدت في جدة في 19 أيار الماضي، والقمة العربية الإسلامية الطارئة التي عُقدت في الرياض في 11 تشرين الثاني 2023، وهي الأولى التي تعقد في البحرين والتي كانت في مضمونها ما يحدث في غزة.
ولعل الشارع العربي قد فقد ثقته بتلك القمم العربية التي لم تعد نتائجها مجدية خاصة أن هذه القمة العربية الثالثة والثلاثين منذ النكبة التي مضى عليها 76 عاماً دون أن يتحقق شيء يذكر من تلك البيانات والخطابات الرنّانة التي يتم تلاوتها من على منبر الجامعة التي لم تعد جامعة لأحد.
حضورٌ كبير وفعلٌ صغير
الحضور الرسمي الكبير لقمة المنامة لا يعكس تبنيهم لقضية الشعب العربي في فلسطين؛ كون أغلب الحضور يرتبطون مع الكيان الصهيوني بعلاقة معلنة عند البعض ومن تحت الطاولة لدى البعض الآخر، وهو ما عكسه الخطابات التي ألقاها المتحدثون، والتي صبّت جام غضبها على المقاومة الفلسطينية وتحميلها مسؤولية ما حدث من قتلٍ وتدمير، وهو ما كان صريحاً حد الوقاحة في كلمة “محمود عباس” المكلف إسرائيلياً في فتج جبهة مضادة ضد المقاومة مقابل أن توافق حكومة الكيان على تمريرها له مبالغ السلطة المحتجزة لدى الكيان.
كما كان حديث أمين الجامعة العربية في القمة حديث البّكاء المنافق، وهو المعروف بزياراته المكوكية للكيان أيام كان وزير خارجية مصر أيام الرئيس “حسني مبارك” واستقباله الودود لهم، ولم ينسى العرب احتضانه لوزيرة خارجية الكيان “تسبني ليفني” في مطار القاهرة في حين كانت قذائف طائراتها الحربية ودباباتها تحتضن صدور أطفال غزة وتخترقها عام 2008، فكيف لنا أن نثق بأمين غير مؤتمن للجامعة العربية هذا تاريخه؟!
رائحة التطبيع تفوح من كلام المتحدثين
لقد كان اللافت في هذه القمة هو انبراء الدول المطبعة مع الكيان في الحديث وتكرار الجمل الإنشائية عن عدوان وكأنهم أرادوا خطف الأضواء بالظهور بمظهر المدافع عن القضية الفلسطينية؛ فصورة ملك الأردن المتظاهر بالوجوم المصطنع تتناقض ودوره الذي يسوق الأردن بجعلها حائط الدفاع الأول عن الكيان من أي استهداف قد يأتيها من أطراف محور المقاومة، كما حدث في عملية الوعد الصادق، وتولي الدفاع الجوي الأردني محاولة الصد لتلك الطائرات والصواريخ الإيرانية وفتح أجواءه أمام الدفاعات الجوية الصهيونية والأمريكية والفرنسية للمشاركة في هذا الصد.
ولم يكن الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي” مختلفاً عن سابقه، فقد كان يختفي خلف نبرة صوته “نتنياهو” وهو يردد تلك العبارات البلهاء عن السلام الزائف الذي حوّل مصر بكل ما تملكه من عوامل قوة إلى جمهورية الموز، تتلقى الصفعات وهي مبتسمة حيث ختم كلمته الجوفاء بعبارة:
“إن الأجيال المقبلة جميعاً.. فلسطينية كانت أو إسرائيلية.. تستحق منطقة.. يتحقق فيها العدل.. ويعم السلام.. ويسود الأمن.. منطقة.. تسمو فيها آمال المستقبل.. فوق آلام الماضي”.
والسيسي بحديثه ذلك يعود بنا إلى ما قبل خمس سنوات حين ألقى كلمته في الأمم المتحدة ليقول بالنص الحرفي:
“إن أمن وسلامة المواطن الإسرائيلي جنباً إلى جنب مع أمن وسلامة المواطن الإسرائيلي”، وكأنه يبعث برسائل الولاء والطاعة مكررة في كل محفل ولو كان على حساب الفلسطينيين.
هل لا زالت هناك آمال يعلقها الشعب العربي على القمم العربية؟
رغم قناعة معظم أبناء الشعب العربي أن هذه القمم عقيمة لا يمكن أن تلد قرارات موفقة تخدم القضية الفلسطينية، إلا أن بعض الشاطحين بأحلامهم كانوا يتوقعون أن تكون قمة مختلفة، بعد كل تلك الدماء التي سالت في غزة، وبعد كل التعنّت البادي للكيان الذي يظهره نتنياهو وبقية عصابته، وإن إعلان قطع الدول المطبعة لعلاقاتها مع الكيان هو القرار المتوقع والأكثر قوة الذي يمكن صفع الكيان به، وإعادة عجلة علاقاته إلى النقطة صفر، أو على الأقل تجميدها إلى أن يتضح بصيص أمل بدولة فلسطينية عاصمتها القدس، وقطعاً لم ولن يحدث مع هكذا قادة.
لقد أدرك العديد من القادة الذين آثروا الصمت فيها، ومنهم الرئيس “بشار الأسد” الذي استشعر أن القمة ليست سوى قمة علاقات عامة وتلميع وجوه، لذلك كانت مشاركته من باب حرصه على بقاء ذلك الخيط الرفيع الذي يجمع العمل العربي في هذا الظرف الصعب، وعدم طلبه الحديث هو تعبير عن موقف ضمني يعرفه الكثير من أبناء هذه الأمة عن سوريا وعن موقف الرئيس “بشار الأسد” الذي تحدث منذ أقل من شهر عن تحديد موقع سوريا ودورها المقاوم الذي ذهب فيه بالقول أننا لسنا مع المقاومة بل نحن المقاومة ذاتها، ليثبت الرئيس الأسد أنه المختلف الوحيد في زمن المطأطئين رؤوسهم لجبروت الاحتلال واعوانه.
البيان الختامي المدجن لم يتحرر بعد من وصاية المطبعين!
لقد جاء البيان الختامي للقمة العربية الثالثة والثلاثين هزيلاً لدرجة أن وسائل الإعلام حتى العربية لم تعطه حظه من الاهتمام كونه جاء مكرراً ببيانات الإدانة والشجب والاستنكار والمناشدة والمطالبة بل “بالتوسل” بوقف العدوان الصهيوني على غزة.
لكن البيان جاء صريحاً بدعم أركان المطبعين في الوصاية على الملف الفلسطيني وذلك بتضمين البيان الختامي دعم الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وهو الملك ابن الملك المعروف بتاريخ ارتباطه وتعامله مع الكيان.
ولم ينسى البيان مليكاً آخر يزاحم ملك الأردن في المرتبة وهو الملك “محمد الخامس” ملك المغرب الذي تضمن البيان استمرار دعمه كرئيس لجنة القدس ووكالة بيت مال القدس.
ولنا أن نتخيل هؤلاء مع أبو الغيط أمناء على أهم وأقدس قضية للعرب في العصر الحديث.
تابعنا عبر منصاتنا :
تيلجرام Aleppo News
تويتر Aleppo News
أنستغرام Aleppo News