أخبار حلب _ سوريا
المشهد يبدو معتاداً في الجمهورية الإسلامية الإيرانية فهي التي اعتادت توديع شهدائها من الرعيل الأول ولو أردنا سرد قائمة قصيرة من قادة الصف الأول لطال بنا الأمر، لكن ما لا يبدو معتاداً هو أن هذه القافلة هي من الكفة السياسية فقد جرت العادة أن يكون الثمن من كفة العسكر ولكن هذه المرّة كان ثمناً سياسياً باهظاً من المستوى الأول.
البداية المحرقة لشهادة المشرقة
الشهيد الرئيس “إبراهيم رئيسي” هو ثامن رؤساء إيران من مواليد 14 كانون الأول 1960 من مدينة “مشهد”؛ جاء خلفاً للرئيس “حسن روحاني” تولى رئاسة السلطة القضائية في 7 مارس 2019 حتى 1 تموز 2021 حيث تم تعيينه رئيساً لإيران حتى تاريخه ارتقائه في 19 أيار 2024.
درس في الحوزة العلمية في مدينة مشهد على يد كبار علماء الدين هناك وبعد إنهائه الدراسة انتقل لإكمال دراسته الجامعية في جامعة الشهيد مطهري ونال درجة الماجستير في الحقوق الدولية في فرع “الفقه والمبادئ قسم الحقوق الخاصة”.
ينتمي الشهيد “رئيسي” لجمعية علماء الدين المجاهدين وهذه الجمعية ليست حزب سياسي بالمعنى التقليدي وهذا ما يعطي لنهج الشهيد “رئيسي” فكراً معتدلاً ومتقارباً مع فكر المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد “علي الخامنئي” وهذا ما أعطى أيضاً انفتاحاً سياسياً مع دول الجوار والمنطقة بشكل عام، على عكس ما تروّج له الدعاية الأمريكية من أن الشهيد كان متشدداً وصارماً، فلو كان كذلك فتحت أي بند يصنف التقارب الإيراني السعودي مؤخراً.
“إبراهيم رئيسي” رجل القضايا والمواقف
الشهيد “رئيسي” كان واضحاً لم يتلون ولم يتخذ لوناً وسطاً بين موقفين فقد كان رجل مبادئ لا يميل مع موج التيارات ولم تحنيه ريح التطبيع لا من تحت الطاولات ولا من فوقها، ففي إيران هناك طاولة واحدة فقط هي طاولة الحق والمبدأ، ولكي نكون منصفين بحق الشهيد ففي مدة رئاسته التي تعتبر قصيرة بمقاييس الانتخابات والدستور إلا أنها كانت فترة حافلة بالمشاهد التي ترقى للبطولة فالشهيد “رئيسي” كان داعماً صادقاً للقضية الفلسطينية دون إملاءات وكتفاً من صخر تتكئ عليه حركات المقاومة دون فرض سياسات معينة، وتجلى ذلك في أغلب خطاباته ومن أمثلة هذا الود ما قاله قبل استشهاده بفترة وجيزة في اجتماع مع قادة حماس قال حينها “أن إيران تضع القضية الفلسطينية دائماً على رأس أولوياتها في السياسة الخارجية، وتعتقد أن جميع المعادلات في العالم الإسلامي ترتبط بهذه القضية”.
وعن إيمانه بالقضية وعالميتها قال الشهيد: “إن القضية الفلسطينية وفي ظل المقاومة والصمود البطولي الذي يبديه أهالي غزة المظلومين والمقتدرين، قد تجاوزت حدود العالم الإسلامي لتتحول الى قضية عالمية تخص البشرية.
وإذا أردنا أن نلخص أعمال الشهيد رئيسي في سطر واحد فيكفيه فخراً توقيعه يوم 13 نيسان عام 2024 على الرد الإيراني على الكيان لجماً لجريمته على اعتداء القنصلية الإيرانية في دمشق، كما يجب ألا ننسى زيارة الشهيد الرئيس لدمشق والتي أكد فيها على ثبات المواقف وصدق النوايا وتوضيح الرؤى وأحقية القضية مع الرئيس “بشار الأسد”.
“إبراهيم رئيسي” والرحلة الأخيرة
بثّت الجمهورية الإسلامية الإيرانية نبأ استشهاد الرئيس “إبراهيم رئيسي” الذي وفى، يسبق منصبه التشريفي الرئاسي صفة الشهادة التي لا يعلوها رتبة مع ثلة من رفاق دربه فكان نتاج هذه الشهادة المباركة “رئيس شهيد ووزير شهيد ومحافظ شهيد وعالم دين شهيد” في حادث تحطم مروحيتهم في مقاطعة “خدا آفرين” فارتقى شهيداً على طريق الواجب والقدس.
رحل الشهيد “رئيسي” تاركاً خلفه جمهورية “مؤسسات” في إيران وجمهوريات “موز” من حوله اعتنقت التطبيع، واعتنق الشهيد القضية التي أحبها وأحبته وتعاهدا على الوفاء فأعطاها عمره وأعطته اسمها فكان حقاً إبراهيم الذي وفّى.
تابعنا عبر منصاتنا :
تيلجرام Aleppo News
تويتر Aleppo News
أنستغرام Aleppo News