أخبار حلب _ سوريا
هو “جندي سليماني” كما يحب أن يسمي نفسه؛ وللقائد بصمات تجلّت في جنديه ليحمل “حسين أمير عبد اللهيان” إرث الدبلوماسية من الشهيد “قاسم سليماني”، ويمتلك النفوذ والتأثير في أصدقائه وأعدائه، حتى أن مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية وصفته بــ “سليماني الدبلوماسية” لحنكته السياسية التي أخذها من قائد فيلق القدس؛ ليكون عميد الدبلوماسية العربية ورجل الدبلوماسية الإيرانية الذي واجه الغرب بذكائه والذين أطلقوا عليه لقب ثعلب الدبلوماسية.
سيره على خطا سليماني وافتتانه بأخلاقه
عمل منذ بداية حياته المهنية بشكل وثيق مع قائد فيلق القدس الشهيد “قاسم سليماني”، وأشار إلى أنه في كل مرة يذهب إلى دولة ما كمبعوث دبلوماسي وتفاوضي يتشاور مع “سليماني” للاستفادة من خبرته، مؤمناً بأن أعمال “سليماني” جلبت الأمن لبلده وللمنطقة لدرجة أنه قال خلال لقائه مع وفود ومسؤولين أوروبيين: “عليكم أن تشكروا الجمهورية الإسلامية وقاسم سليماني لأن سليماني ساهم في السلام والأمن العالميين، لو لم تكن هناك جمهورية إسلامية لما كانت محطات المترو ومراكز التجمع في بروكسيل ولندن وباريس آمنة”.
خط المقاومة الذي انتهجه
كان محط أنظار الإعلام منذ بداية تعينه وبشكل خاص في الفترة الماضية مع اندلاع طوفان الأقصى وعملية الوعد الصادق، فعرف بمواقفه الداعمة لجبهات المقاومة التي تناهض الكيان الصهيوني.
كانت مواقفه حازمة تجاه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث طالب الأمم المتحدة باتخاذ التدابير اللازمة لوضع حد للانتهاكات السافرة ومجازر التطهير العرقي التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كما أشاد بعملية طوفان الأقصى التي هزّت العالم واضطرت واشنطن وتل أبيب على إثرها التفاوض بشكل غير مباشر مع الكيان لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى.
عاشق دمشق وصديقها المقرّب
كان عاشقاً لدمشق كما وصفه وزير الخارجية السوري الدكتور “فيصل مقداد” وكان عشقه لها مقروناً بمواقفه المشرّفة، وفي أول زيارة ثنائية رسمية له كوزير للخارجية حطّت طائرته في العاصمة السورية حيث التقى السيد “الرئيس بشار الأسد” للتأكيد على دعم طهران لحكومته.
كما أكد على وجوب الخروج الفوري لقوات الاحتلال الأمريكي والذي سيساهم في استقرار سوريا والمنطقة، ووقف تدخل الدول الأجنبية، كما أدان الاعتداءات المتكررة للكيان على الأراضي السورية، وشدد على أن إيران ستواصل جهودها في دعم حق الشعب السوري في الدفاع عن استقلال وسيادة بلده.
مكابدته للفقر ومسيرته السياسية
ولد “عبد اللهيان” في أسرة فقيرة في مدينة دامغان بمحافظة سمنان شرقي العاصمة طهران عام 1964، توفي والده وكان لايزال في السادسة من عمره فاضطرت عائلته للانتقال للعاصمة بحثاً عن ظروف معيشية أفضل.
وخلال الحرب العراقية الإيرانية بين 1980 و1988، تطوع “عبد اللهيان” للخدمة في قوات بلاده، وتزوج عام 1994 وله ابنة وولد.
حصل على درجة البكالوريوس في العلاقات الدبلوماسية من وزارة الخارجية، ثم أكمل الماجستير والدكتوراه في التخصص نفسه من جامعة طهران، وسرعان ما دخل السلك الدبلوماسي ليبدأ حياته المهنية نائباً للسفير الإيراني في بغداد بين عامي 1997 و2001.
كان حاضراً خلال المفاوضات المباشرة عام 2007 مع الأمريكيين في العراق، عندما كان الفريق الإيراني تحت إشراف الشهيد “سليماني” يتفاوض مع مسؤولي وكالة المخابرات المركزية ووزارة الدفاع الأميركية، ولقي الدعم والثقة من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد “الخامنئي”.
وشغل عدداً من المناصب المهمة كان أبرزها: نائب وزير الخارجية للشؤون العربية والإفريقية، ورئيس اللجنة الخاصة بالعراق في وزارة الخارجية، وسفير إيران لدى البحرين، ومساعد السفير في بغداد، ومستشار وزارة الخارجية.
كما عمل مساعداً خاصاً لرئيس البرلمان الإيراني واستمر في هذا المنصب حتى عام 2021 ليعين بعدها وزيراً للخارجية باقتراح شخصي من الرئيس الإيراني الراحل “إبراهيم رئيسي”.
ومنذ تسلّمه منصب وزير الخارجية عام 2021، أعلن “عبد اللهيان” بشكل واضح ما يريد تحقيقه من خلال وزارة الخارجية؛ قائلاً “نحن في الشرق الأوسط نتطلع إلى تعزيز إنجازات محور المقاومة، نحن فخورون بدعم حلفائنا”، كما كانت أولوياته الأساسية في السياسة الخارجية التوجه نحو دول الجوار.
مؤلفاته
ألّف عدداً من الكتب، كما كتب عدداً من المقالات في السياسة والعلاقات الدولية كان آخرها كتاب “صبح شام” (صباح الشام) الذي أصدره عام 2020 يروي فيه مذكراته الدبلوماسية عن الأزمة السورية واللقاءات التي أجراها بشأنها.
رحيله وعملية الوعد الصادق
في 20 أيار 2024 فجع العالم العربي والإسلامي برحيل وزير الخارجية الإيراني “حسين أمير عبد اللهيان” إثر تحطم مروحية كانت تقله والرئيس الإيراني “إبراهيم رئيسي” والوفد المرافق لهما أثناء عودتهم من افتتاح سد شمال غربي البلاد.
ختم “عبد اللهيان” حياته وهو يدعم القضية الفلسطينية وينصر المستضعفين من قبل قوى الاستكبار، وكلّفت تلك السياسة إيران عدداً من الشهداء من نخبة المستشارين العسكريين في سوريا كان آخرها اعتداء الكيان الصهيوني على القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع نيسان الفائت.
من جهته توعّد “عبد اللهيان” بالرد العقابي على العدوان الإسرائيلي واعتبر عملية الوعد الصادق انعكاس للإرادة الحاسمة لدى طهران وتأديباً للكيان الصهيوني.
ختاماً
إن أكثر ما يعزّي محبي “عبد اللهيان” أنه رحل ولكن أثره بقي في نفوس ووجدان المستضعفين الذين ظل يدافع عنهم في كل محفل، ويدعمهم في كل جبهة مقاومة بالقول والفعل، فسلامٌ لروحه في عليائها والسلام عليه حين غادرنا جسداً ورسخ فكراً ومنهجاً.
تابعنا عبر منصاتنا :
تيلجرام Aleppo News
تويتر Aleppo News
أنستغرام Aleppo News