أخبار حلب _ سوريا
في قطاع غزة الذي تبلغ مساحته 360 كيلومتراً مربعاً، والذي تم تدمير 80% من مبانيه، هناك تدور معركة عنيفة وواسعة النطاق وغير مسبوقة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي؛ الحرب التي مني فيها الجانب العسكري للعدو بهزيمة نكراء حتى الآن.
لكن لهذه الحرب بُعداً أكثر أهمية؛ فخلال الأشهر الثمانية الماضية، شاهدنا نشر العديد من مقاطع الفيديو لدبابات وقوات ومعدات للعدو وهي تُصطاد في مناطق مختلفة من غزة، بينما العدو يشن غارات وحشية بأعنف القنابل الأمريكية الصنع على القطاع.
هذه الاعتداءات التي تهدف إلى استسلام أهل غزة ومقاومتها الشجاعة والقوية، ظلّت مخنوقة في مهدها حتى هذه اللحظة، ولم ينجح العدو في هذه المنطقة بكل الجهود التي بذلها، لكن المعركة الأصعب والأكثر تعقيداً هي المعركة الأمنية التي تدور بين المقاومة والعدو الصهيوني، فهي ليست فقط مع الصهاينة أنفسهم؛ بل هي معركة متعددة الأطراف تشمل سلطة “محمود عباس”، وأمريكا، وإنجلترا (بلغة أوسع، حلف شمال الأطلسي “الناتو”، ومصر، الأردن، والإمارات، والسعودية وعدة دول عربية متصهينة أخرى.
في حين كان هدف هذه المعركة أو غاياتها واضحاً منذ اليوم الأول:
أولاً: العثور على قادة المقاومة في غزة.
ثانياً: العثور على الأنفاق والطرق لإرسال المساعدات العسكرية إلى الحاجز.
ثالثاً: إيجاد ورش لصناعة الصواريخ وغيرها من الأسلحة.
رابعاً: اغتيال شخصيات بارزة وصحفيين وعلماء ومسؤولين في غزة.
لكن ينبغي القول بأنه إذا نجح العدو في إخضاع أهل غزة بكل وحشيته، فينبغي القول إنه استطاع أيضاً أن يفتح لنفسه مكاناً في هذه المعركة الأمنية.
وفي هذه المعركة الأمنية المتعددة الطبقات، تحرك الأمريكيون بكل الإمكانيات والتجهيزات؛ وأحضروا كل ما معهم إلى الميدان للعثور على “يحيى السنوار” و”محمد الضيف” وغيرهم من قادة المقاومة، أو العثور على آثار لأماكن احتجاز الأسرى الصهاينة، لكنه لم ينجح بذلك ووقع في إشكالية أكبر منه.
فرغم احتلال أجزاء واسعة من غزة وخان يونس وتدمير 80% من المباني والتعاون الكامل من جميع الداعمين للنظام الصهيوني، إلا أن هذا النظام فشل فشلاً ذريعاً وكاملاً في تحقيق أهدافه الأمنية المحددة.
والأمر الذي يجب ذكره أنه إذا كانت الحرب العسكرية أداة لتحقيق أهداف أمنية، فقد كان ينبغي لهجوم واسع النطاق وقصف وحشي وأعمى أن يمهد الطريق للعدو لتحقيق رغباته، وهو ما لم يستطع فعله، فعلى سبيل المثال، كان هدفهم القضاء على حماس عن طريق تدمير جناحها العسكري وتدمير قادتها السياسيين؛ للوصول للهدف، إلا أنهم فشلوا أمنياً في ذلك؛ الأمر الذي كان أكثر إيلاماً للعدو من الفشل العسكري.
علماً أن في هذه المعركة الأمنية الثقيلة حققت المقاومة انتصاراً كبيراً، وبينما دمر العدو كل البنى التحتية في غزة، إلا أن المقاومة تمكنت ليس فقط من حماية قادتها بكل قوتها وعدم السماح للعدو بالوصول إليها، بل لم تسمح للعدو بالعثور على أسراهم رغم الجهود الحثيثة وغير المسبوقة.
وفي طبيعة الحال في هذا الصراع العنيف فقد حققت المقاومة إنجازات عظيمة، قد تتضح أبعادها مستقبلاً، لكن الحقيقة أن المقاومة الفلسطينية تمكنت من التغلب على السمة الأساسية للعدو، وهي “قوة أجهزتها الأمنية” باليقظة والدقة، وعدم السماح لهم بتحقيق أي نجاح.
تابعنا عبر منصاتنا :
تيلجرام Aleppo News
تويتر Aleppo News
أنستغرام Aleppo News