أخبار حلب _ سوريا
خاص بأخبار حلب
بقلم: أديب رضوان
كتب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق “غوردون براون” قبل نحو شهر مقالاً نُشر في إحدى الصحف الأوروبية؛ نبّه فيه إلى أن “الانجراف نحو اليمين في السياسة الأوروبية سيتحول إلى موجة مد عارمة، مع قدوم شهر حزيران، هذا التوقع يعكس الرأي الذي ساد بين السياسيين الأوروبيين وخصوصاً في بريطانيا الذين رجحوا أن تفضي انتخابات البرلمان الأوروبي إلى تحول كبير في المشهد السياسي الأوروبي.
هذا الترجيح تحقق بالفعل مع انتخابات البرلمان الأوروبي حيث حققت الأحزاب المنتمية مكاسب كبيرة في الانتخابات التي جرت مؤخراً، ما دفع بالرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” إلى الدعوة لانتخابات باكرة فضلاً عن زيادة حال عدم اليقين في شأن مستقبل الاتجاه السياسي لأوروبا.
زلزال سياسي انتخابي أوروبي
وصف الساسة الغربيون نجاح الأحزاب المتطرفة بانتخابات البرلمان الأوروبي بالزلزال السياسي الذي سيؤثر على مستقبل الاتحاد الأوروبي برمته، وخاصة في فرنسا، إذ تؤكد المعطيات إحراز الأحزاب اليمينية القومية والمتطرفة مكاسب مهمة في مقابلة انتكاسة مريرة لزعيمي القوتين الرئيسيتين في الاتحاد الأوروبي، المستشار الألماني “أولاف شولتز” والرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” الذي أعلن حل “الجمعية الفرنسية” ودعا إلى انتخابات تشريعية في الـ 30 من حزيران الجاري.
انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت بهدف انتخاب 720 عضواً في البرلمان الأوروبي انطلقت في مناخ مثقل بالوضع الاقتصادي القاتم والحرب في أوكرانيا؛ فيما يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات استراتيجية من الصين والولايات المتحدة.
تداعيات سياسية مثقلة أوروبياً
نتائج الانتخابات التي أفرزت تفوق الأحزاب اليمينية الأوروبية وضع الأحزاب الليبرالية التقليدية الأوروبية في مأزق سياسي، فمن المتوقع للبرلمان الأوروبي انحيازه نحو اليمين ما يعني كمثال أن المجلس الأوروبي قد يكون أقل حماسة للسياسات الرامية إلى معالجة تغير المناخ؛ بينما سيكون حريصاً على التدابير الرامية للحد من الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي، وهو تكتل يضم 450 مليون مواطن.
وتصدر حزب “التجمع الوطني” في فرنسا بقيادة جوردان بارديلا النتائج بنسبة تزيد على 31.5 في المئة من الأصوات، متقدماً بفارق كبير على حزب النهضة الذي يتزعمه الرئيس ماكرون “15.2 في المئة”، بحسب تقديرات معاهد الاستطلاع، وبذلك سيحصل حزب الجبهة الوطنية على 31 من أصل 81 مقعداً فرنسياً في البرلمان الأوروبي.
وفي أول رد فعل على نتائج الانتخابات أعلنت زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف “مارين لوبان” استعدادها لممارسة السلطة إذا منحنا الفرنسيون ثقتهم”، إذ خسرت لوبان في مواجهتها مع ماكرون مرتين خلال الانتخابات الرئاسية لعامي 2017 و2022، وتهدف إلى الوصول للرئاسة في الاستحقاق المقرر عام 2027.
الأحزاب اليمينية بلأرقام الانتخابية
تصدر الأحزاب اليمينية نتائج الانتخابات البرلمانية الأوروبية شكل صدمة كبيرة ونكسة سياسية صادمة للرئيس الفرنسي خصوصاً “ماكرون” الذي وصل إلى السلطة عام 2017 مع وجود رغبة لديه في تعزيز النفوذ الفرنسي داخل الاتحاد الأوروبي، مع وعد بالقضاء على التطرف على الساحة الوطنية.
وأما في ألمانيا فقد احتل حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف المركز الثاني بنسبة 16.5 في المئة إلى 16 في المئة من الأصوات خلف المحافظين ولكنه تقدم بفارق كبير على حزبي الائتلاف الحاكم، “الاشتراكيين الديمقراطيين”، وفي إيطاليا تصدر حزب “إخوة إيطاليا” اليميني المتطرف الذي تتزعمه رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني النتائج بنسبة 25 إلى 31 في المئة من الأصوات، وكذلك في النمسا تصدر حزب الحرية “إف بي أو” اليميني المتطرف الانتخابات الأوروبية محققاً بذلك أول فوز له في انتخابات وطنية، أما في هولندا فقد تعزز موقف حزب “خِيرت فيلدرز” اليميني المتطرف.
وبالنسبة لإسبانيا فقد أظهرت النتائج حصول الحزب الشعبي اليميني، التشكل الرئيسي للمعارضة الإسبانية، على 22 مقعداً في البرلمان الأوروبي مقابل 20 للاشتراكيين” بزعامة رئيس الوزراء “بيدرو سانشيز”، وحقق حزب “فوكس” اليميني المتطرف تقدماً بحصوله على ستة مقاعد، أما في بولند فاعتبر رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك الذي فاز حزبه الوسطي المؤيد لأوروبا أن بلاده تقدم “بصيص أمل” للقارة العجوز على النقيض من حال “الحزن الرهيب” في باريس.
مرارة سياسية أوروبية
لقد استطاع اليمين المتطرف الأوروبي سقاية الأحزاب الليبرالية المرارة السياسية في هذه الانتخابات ما سينعكس كليا على الساحة السياسية الأوروبية، ويبدو أن الشارع الأوروبي أراد معاقبة الأحزاب الليبرالية الأوروبية التي مارست السياسة طوال العقود الماضية ولم تحقق الرفاه والاستقرار للشعوب الأوروبية وفق منظورها ولم تحقق الأهداف الاقتصادية والتنموية التي أعلنت عنها مراراً.
الخلاصة
يرى خبراء السياسية أن نتائج الانتخابات الأوروبية التي أدت بحسب نتائجها إلى انحسار الأحزاب اليسارية التي كانت متجذرة في مجتمعات الطبقة العاملة والنقابات الصناعية الأوروبية في القرن الـ20، سيخلف وراءه فراغاً سياسياً، وقد قامت بملء ذلك الفراغ الحركات والأحزاب اليمينية التي تدعو إلى إغلاق الحدود الوطنية أمام العمال الأجانب واعتماد الحمائية في وجه السلع التي تقوض الإنتاج الوطني، ناهيك عما يعني أن الشارع الأوروبي يأس من سياسات ساسته الحاليين ، وخصوصا على الصعيدين الاقتصادي والتنموي وأيضا على الصعيد السياسي الدولي جراء التبعية الأوروبية المطلقة فيها للولايات المتحدة الأمريكية.
تابعنا عبر منصاتنا :
تيلجرام Aleppo News
تويتر Aleppo News
أنستغرام Aleppo News