أخبار حلب _ سوريا
حي “الكلاسة” محلّةٌ عظيمة تقع على ضفاف نهر قويق، ما بين المغاير جنوباً و باب أنطاكية شمالاً وما بين مقبرة الكليباتي شرقاً والنهر غرباً، وتعتبر “الكلاسة” من أقدم أحياء مدينة حلب على الإطلاق.
يعود هذا الحيّ لأكثر من سبعة آلاف عامٍ مضت، وهذا الأمر يشير إلى أنّه قد شهد بدايات العمارة في تاريخ البشرية، حين كانت العمارة من طين.
وأما عن تسمية هذه المحلة “بالكلاسة” كان بسبب تواجد “أتانين الكلس” فيها وهي تبلغ اثني عشر أتوناً وكان أكثر سكانها يعملون في حرفة الكلس وقطع الحجارة من مقاطعها ونحتها وبناءها، أما الآن تكاد تخلو من هذه الأتانين.
وقد كانت حلب القديمة شاهداً حياً على حضارات عريقة كانت ذات يوم في هذه المدينة العتيقة، حيث تتالت على هذه المَحِلّة العديد من الحضارات المتتالية، ففي العصر البيزنطي سكن “الكلاسة” البدو القادمين إلى حلب وفي العصر الإسلامي الأموي، شهد الحي تطوراً معمارياً وعمرانياً بشكلٍ كبير، حيث شيّدت فيه الأبنية المختلفة والقصور، وبنى فيه “سليمان بن عبد الملك” الأموي قصراً عظيماً له فبناءً على ذلك نسبت إليه المحلة وكانت تسمى “بالحاضر السليماني”.
أما في عهد الحمدانيين فقد غدا حي الكلاسة من أكبر حواضر المدن الإسلامية، وصارت فيه خانات كبيرة وحمامات وقساطل وأسواق وأكثر من مئةِ مسجد.
وفي العصر الزنكي استمر تطور الحي وبنيت فيه خانات ضخمة، وفي العصر الأيوبيّ توسع الحي بالعمران، فأصبح فيه تجمعٌ مدنيّ خارج الأسوار، يشبه المدينة الصغيرة.
فقد كان فيها الخانات التجارية الضخمة والحمامات والقساطل والأسواق وقد عدد ابن شداد أسماء 110 مساجد وفيها 28 حماماً، وكان فيها أيضاً المدرسة السيفية التي أنشأها سيف الدين علي قبيل عام 598 للهجرة، كما كانت تضم المدرسة البُلدقية التي بناها الأمير حسام الدين بُلدق عتيق الملك الظاهر.
كانت هذه المنطقة من أطيب أنحاء حلب هواءً وأكثرها خصوبةً وبساتين مثمرة وحين دخول المغول إلى حلب بقيادة “هولاكو” حفيد “جنكيزخان”، دمروا حي الكلاسة بشكل كامل، ولم يعد للحي أيّ أهميةٍ تذكر.
واستمر في العصر المملوكي ذلك الإهمال للحي المدمر، واقتصر العمل فيه على أعمال الزراعة والكلس، وانتقلت كل فعاليات الحيّ إلى سوق الخيل أمام باب القلعة.
أمّا في القرن العشرين، ومع دخول البيتون المسلح إلى حلب، وتحويل بساتين ضفاف نهر قويق إلى أحياء سكنية بأبنية طابقية بيتونية وشوارع من الإسفلت، شمل ذلك التطور في البناء حيّ الكلاسة وبنيت تباعاً كل أبنيته التي نشهدها اليوم.
تابعنا عبر منصاتنا :
تيلجرام Aleppo News
تويتر Aleppo News
أنستغرام Aleppo News