أخبار حلب _ سوريا
خاص بأخبار حلب
بقلم: طلال ماضي
واصلت وزارة الداخلية الأسبوع الماضي بذل جهودها في مكافحة المخدرات، حيث قبضت على مسن بعمر 70 عاماً، وذلك بتهمة الاتجار بالمخدرات، وضبطت حوالي 7 كيلو غرامات في منزله الكائن في منطقة ريفية في سوريا، وهذا مؤشر خطير جداً على صعيد انتشار المخدرات التي أصبحت واحدة من الأسباب الرئيسية في الجريمة.
وبحسب البيانات الرسمية خلال النصف الأول من هذا العام، فقد تم توقيف (2125) شخصاً مطلوباً بجرائم حيازة وتعاطي وترويج المواد المخدرة، ومصادرة أرقام كبيرة من “الكبتاغون، والهيروئين، والكريستال، والماريجوانا، وحبوب دوائية مخدرة”، علماً أن هذه البيانات السورية تقابلها بيانات عراقية وأردنية ولبنانية وكويتية، حيث تؤكد البيانات بالإضافة إلى الأخبار المصدرة عن مكافحة المخدرات في الدول المجاورة؛ أن المخدرات لا تقل خطورة عن الإرهاب، ورأُس المكافحة يبدأ من مكافحة الإنتاج، وجميع الأعمال الأخرى من تشديد الإجراءات على الشباب وتجهيز المصحات والتوعية عبارة عن خطط لا تقلل من إجراءات العرض والطلب.
وبالتأكيد، فإن مكافحة المخدرات تبدأ من مكافحة الإنتاج أولاً، وضبط الحدود الدولية العابرة ثانية، وتنفيذ استراتيجيات مشتركة أمنية بين سوريا والعراق وإيران والسعودية والكويت وتركيا والأردن في المنطقة، ودون هذه الاستراتيجية الأمنية الجادة والمدروسة من أجل ملاحقة المنتجين والمروجين والمصدرين للمخدرات لن تقوم قائمة لهذه الدول، وستنتعش هذه التجارة أكثر من واقعها اليوم، وستنتعش معها الجريمة، وسيدرك الجميع أن خطر المخدرات أشد فتكا من خطر الإرهاب.
كما تعتبر ظاهرة المخدرات والاتجار بها إحدى التحديات التي تواجه مجتمعات العالم، وهذه الظاهرة بدأت تدق ناقوس الخطر في دول المنطقة في الوقت التي ينشط فيه المهربين، وذلك بسبب بقاء الحدود مفتوحة من جهة تركيا والعراق والأردن ولبنان، إضافة للمعابر التي يدخلها الإرهابيون بدعم دولي، وعيون الجميع على سوريا كونها محطة عبور، ولكن مع عودة الوعي الجمعي لجميع الدول التي كانت تدعم الإرهاب وإدراك ماذا يعني الخلل الأمني في سوريا، بدأت تظهر أهمية ضبط الحدود من قبل الدولة السوريّة.
إلا أن هناك الكثير من الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى انتشار جرائم المخدرات، فسوريا تعاني من الإرهاب منذ 13 عاماً، وهذا أفرز الفقر والوضع المعيشي الصعب، ولكن المعاناة هي ليس في التعاطي بالدرجة الأولى، بل في الانتشار الواسع، وتوسع الشبكات الدولية العابرة للحدود، والمتعددة الجنسيات، والمشكلة الأساسية في الإنتاج وزيادته، وسوريا في ظل ما عاشته خلال الحرب غير قادرة على ضبط هذا الأمر بمفردها، كما أن دول المنطقة لن ينجحوا من دون سوريا، واستعادة سيطرتها على كامل الجغرافيا السوريّة.
لذلك، كان على الجميع أن يدرك أنه لا يوجد أي طريق للمكافحة الجادة في المنطقة من دون خطوة توحيد الرؤى بين العراق والأردن وسوريا ولبنان، بجانب جهود التنسيق مع كل الأجهزة الأمنية والاستخبارية لجمع المعلومات حتى نستطيع الخروج بمعلومات دقيقة عن التجار والمروجين وأماكن التصنيع.
وقد أصبحت مصيبة المخدرات كبيرة وانتشارها بين الشباب وصل إلى مراحل خطيرة، وحتى أكبر وأعنف من أعوام الحرب، وتجارة المخدرات والترويج لها أصبحت مهنة وكار من لا كار له، وبعض المشاكل غير المنظورة والخطيرة هي الادعاء على أبرياء وتوريطهم لغايات أخرى.
وفي الختام، فإن حل مشكلة المخدرات ليس فقط بعقد الندوات والاحتفالات، وتصدير البيانات والأخبار والمضبوطات الحل الأساسي، بل من خلال الارتقاء إلى مستوى التحدي بتقنية أجهزة الشرطة والأمن الجنائي والأجهزة الأخرى المعنية، ومنح مكافآت مالية مجزية لكل من يبلغ عن التجار، أو لمن يسلم نفسه من المتورطين والنادمين للسلطات الحكومية، والأهم هو التصويب نحو المنبع والإنتاج.