أخبار حلب _ سوريا
بعدما مضى يوم على الأحداث المُزلزلة لقواعد الكيان الصهيوني، كان لابدّ له من الخروج والتحدث والتبرير، إلا أنه فشل مجدداً من سرد رواية كاملة، صلبة وواضحة وقابلة للتصديق، الأمر الذي زاد من حدة أزمة الثقة بين مستوطني الكيان وزعمائه، بعد كمية الكذب والاحتيال التي اكتشفها المستوطنون على الوقائع.
ولم تكن بداية المشكلة من زلزال أمس، بل كانت منذ فشله في سرد الأحداث منذ أكتوبر، فيكفي أن ننتظر بعض الوقت، حتى تتضح الصورة الكاملة لما جرى في ذلك اليوم؛ حين سقطت القوة العسكرية الصهيونية خلال ساعتين فقط، فيما كان الكيان يوجه ضرباته نحو الأبرياء العزّل.
ولذلك، فإن كل التضامن الداخلي الذي حاول الكيان الصهيوني إظهاره، وزعمهم الحرص على صورتهم وجيشهم وأمنهم، لم تستمر طويلاً، حيث خرج المستوطنون أهالي القتلى ينقلون روايات عن لسان الجنود الذين تلقّوا صبيحة ذلك اليوم أمراً واحداً: اقتلوا كل شيء يتحرك!
حيث قدّم الكيان الصهيوني أمس عدّة سرديات منها؛ سردية “ضرب منصات إطلاق الصواريخ” وسردية “الضربة الاستباقية”، بالإضافة إلى سردية “طبيعة الهدف” وسردية “عدد الصواريخ واعتراضها”، وكل هذه السرديات الكاذبة، ردّ عليها السيد “حسن نصر الله” في خطابه أمس.
فقد أكد أن صواريخ الكيان لم تصب أي منصة صواريخ ومرابض المسيرات بأذى قبل عملية الرد وما قصف هو وديان خالية، وأن الكيان لم يكن يمتلك أي معلومة استخباراتية عن الرد والغارات التي سبقت العمل هي نتيجة الحركة الطبيعية للمجاهدين، مؤكداً أنه تم التخطيط لاستهداف قاعدة عسكرية نوعية شمال “تل أبيب” وهي قاعدة “غيليلوت” ووحدة 8200 الاستخباراتية أي لم تكن مدنية، وتم التخطيط لإطلاق 300 صاروخ لكن تم إطلاق 340 صاروخا “كاتيوشا” بالإضافة للمسيرات ولم يصب أي من الصواريخ بأذى.
وما يزيد الطين بلّة أولئك الذين يسيرون وراء الكذب الصهيوني مؤكدين مدى سذاجة مسؤولي الكيان وجنوده، وذلك لأن هناك من الداخل الصهيوني سيخرج من يعيد تجميع روايات الناطقين العسكريين والسياسيين والحكوميين الفاضحين لأنفسهم في اعترافهم بأنهم يقولون ما يُطلب منهم، حيث تجاهلوا فيديوهات “بنيامين نتنياهو” الذي غفل عن أهمية الصورة.
والتي ظهر فيها مع فريقه العسكري والأمني في غرفة العمليات، حيث خلت الفيديوهات من أي ملامح زهو، أو التباهي في الوقت الذي يحاول فيه إقناع نفسه والآخرين بالضربة الاستباقية المزعومة بالإجهاز على آلاف الصواريخ الاستراتيجية للمقاومة في أرضها.
ولكن التاريخ يثبت كذبه الذي زعم فيه أن مئة طائرة هاجمت 200 هدف، ودمرت خلال نصف ساعة آلاف الصواريخ الاستراتيجية التي كان حزب الله بصدد إطلاقها ضد المراكز الحيوية في الكيان، ففي الرابع عشر من تموز 2006 فجراً، عندما شنّت مئات الطائرات غارات كثيفة، وقال العدو أنه دمر خلال نصف ساعة الصواريخ الاستراتيجية التي كانت في حوزة حزب الله حينها، ولكن ما فاته “نتنياهو” أمس أن سلفه “أيهود أولمرت” وقف في القاعة نفسها صارخاً ومصفقاً: لقد انتصرنا، فردّ رئيس أركان جيشه حينها “دان حالوتس”، باستعلاء: هل نتوقف الآن وقد بتنا قادرين على سحق حزب الله!؟ ما يؤكد فشلهم وإثبات كذبهم على أنفسهم.
فما حصل أن “نتنياهو” استبق إعلان انتصاره، فاضطر للإمساك بنفسه والبقاء أمام الشاشات يراقب ويستمع لكلام العسكريين من حوله، وهم يقولون له إن صواريخ حزب الله ومسيّراته عبرت الحدود باتجاه مواقع داخل الكيان وصولاً إلى تل أبيب، لأن ما قام به حزب الله أمس كان منسجماً الى أبعد الحدود مع الاستراتيجية التي اعتمدها منذ اليوم الأول، فهو لا يريد حرباً شاملة، ولذلك لن يقدم على أي عمل يقوده إلى حرب ليست من اختياره توقيتاً وساحة وشكلاً، ولو أراد الحرب كيفما كان، لأطلق رشقة عشوائية على “الكريوت” في حيفا أو على شوارع نهاريا أو صفد.
إلا أنه لا يريد منح الكيان لحظة هدوء يحتاجها لتركيز جهده في غزة والضفة الغربية، بل يريد جرّه ليبذل ثلث جهده العسكري والأمني والسياسي في مواجهة لبنان، وفوق كل ذلك، فإن حزب الله الذي قرّر رسم إطار لدوره، مع معرفة مسبقة بثمن كبير وتضحيات أكبر، لا يريد منح الكيان فرصة جرّه إلى أي كمين، فرعي في لبنان أو استراتيجي في المنطقة.
فهنا في حرب السرديات لن تكفي كل أشكال التهويل والتخريف والتنجيم في تقديم وقائع غير موجودة، فيكفي أن مستوطني الكيان يصدقون المقاومة في لبنان أكثر من تصديق حكومتهم وقادتهم العسكريين، لذلك فإن المواجهة المستمرة ستعود إلى إطارها الذي تعدّل كثيراً خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وهو إطار قابل للتعديل يوماً بعد يوم، لكنه لن يغير في واقع الحال شيئاً، وبعيداً عن كل تهويل او تهليل، ما حصل أمس يعيدنا إلى يوم الثامن من تشرين الأول 2023، حين افتتح حزب الله جبهة الإسناد اللبنانية للمقاومة والناس في غزة، وهي جبهة مستمرة، ولا سبيل لوقف نار الشمال إلا بإخماد حريق الجنوب.
تابعنا عبر منصاتنا :
تيلجرام Aleppo News
تويتر Aleppo News
أنستغرام Aleppo News