أخبار حلب _ سوريا
محاولات مختلفة يريد بها الكيان الصهيوني تهويد وتدنيس الأقصى، لمحو عروبة وهوية وديانة، فقد أصبحت طقوس المستوطنين الصهاينة في المسجد الأقصى أمراً واقعاً وشبه يومي توثّقه عدسات المستوطنين أنفسهم وبحراسة شرطة وقوات الاحتلال، بدءا من الصلوات العلنية والصامتة وليس انتهاء بمباركات الزفاف واحتفالات البلوغ.
حيث تأتي هذه الطقوس ضمن رؤية ما تُعرف بـ”جماعات الهيكل” ويعدّ اليهود الصهاينة “المسجد الأقصى” مكاناً يهودياً مقدساً وهيكلاً قائماً؛ حتى لو كانت أبنيته إسلامية.
وفي هذا السياق؛ بين الباحث في شؤون القدس “زياد ابحيص” أن هذه الجماعات تسعى عبر طقوسها التلمودية إلى تحريف هوية الأقصى الإسلامية من كونه مكانا مقدسا إسلاميا خالصا إلى اعتباره موقعا مشتركا ضمن المخطط المعروف بـ”التقسيم الزماني والمكاني”.
وأوضح “ابحيص” أن “جماعات الهيكل” في التوراة وكتبها الدينية تبحث عن كل ما يمكن إحياؤه من طقوس خلال الأعياد لتجسيدها في باحات المسجد وتكرارها حتى تصبح عادة يومية وموسمية.
وأما أبرز الطقوس التوراتية التي أقيمت -وما تزال- داخل الأقصى فهي:
– “صلاة الصباح (شحاريت)” وهي قراءة فردية أو جماعية مع أجزاء منتقاة مما تسمى “أدعية البركات”، وأصبحت تؤدى على نحو شبه يومي داخل المسجد الأقصى علنا.
– “صلاة بعد الظهر (منحاه)” حيث تؤدى أحياناً في اقتحام ما بعد الظهر، وهي مشابهة لصلاة الصباح لكنها تنتقي مقاطع أخرى مما تسمى “أدعية البركات الثمانية”.
– “نصاب (المنيان)” وهي صلاة يفضّل اليهود أداءها جماعة، وحتى يتسنى ذلك هناك نصاب للجماعة يدعى “المنيان”، وهو 10 ذكور يهود بالغين، ففي الثاني من شباط الماضي مثلا تطوّع أحد عناصر شرطة الاحتلال لإكمال نصاب صلاة 9 مستوطنين قرب باب الرحمة في المسجد الأقصى.
– “طقس (نعنوع)” وهي حركات اهتزاز وتمايل يؤديها المستوطنون ويظهرونها خلال صلواتهم في الأقصى.
– “مباركة الزفاف” وهي عادة دارجة بشكل ملحوظ في العامين الأخيرين، إذ يعمد العروسان إلى اقتحام الأقصى قبيل زفافهما والصلاة فيه بمباركة أحد الحاخامات، ثم التقاط الصور التذكارية والرقص عند باب السلسلة، وذلك “طلبا للبركة من مكان الهيكل” حسب ادعائهم.
– “صلاة (الشماع)” وهي تلاوة أول فقرات من “سفر التثنية” وتقول “اسمع يا إسرائيل، إن أدوناي إلهنا إله واحد”، وكلمة “أدوناي” هي التفاف على لفظ “يهوه” الاسم الشخصي للإله في الكتاب المقدس اليهودي (التناخ). و(الشماع) أهم الصلوات عند اليهود، إذ تعدّ أساس التوحيد وقبول الوصايا العشر في التوراة، ويجب أن تؤدى قبل النوم وعند الاستيقاظ ومع صلاة الصباح، وفيها يغطي المصلي وجهه أثناء التلاوة ويحاول الخشوع والسجود. وتكرر هذا الطقس في الأقصى كثيرا، وازداد منذ عام 2014 حتى اليوم، إذ يضع المقتحم يده على وجهه مغمضا عينيه، ويصرخ باسم الإله وتوحيده.
– “بركات الكهنة” وهذه طقوس توراتية خاصة يقوم الحاخام (زعيم ديني) خلالها بمرافقة تلاميذه ويرفعون فيها أيديهم ويبسطونها فوق رؤوسهم، مع تلاوة فقرات من “سفر العدد” في التوراة، ويؤديها عادة طلبة المدرسة المسماة “هار هبايت أو جبل الهيكل” شرقي المسجد الأقصى.
– “صلاة التوبة أو الكفارة” حيث تؤدى قبيل الأعياد اليهودية الكبيرة، بخاصة عيد الغفران، ويصاحبها ارتداء ثياب التوبة البيضاء، بالإضافة إلى لباس خدَمة الهيكل وكهنته.
– “رفع العلم الصهيوني” والذي يتعمّد المقتحمون رفع العلم في الأقصى خلال ما يسمى يوم “توحيد القدس” الذي يسبق رقصة ومسيرة الأعلام التهويدية، وكانت أحدث مشاهد رفع العلم في 29 مايو/أيار الماضي، إذ رفعها المستوطنون بشكل جماعي داخل المسجد الأقصى بين بابي المغاربة والسلسلة، في مشهد غير مسبوق منذ احتلال شرقي القدس والمسجد الأقصى عام 1967.
– “القرابين النباتية” حاول المستوطنون خلال عيد العُرش اليهودي الأخير إدخال ما يسمونه “القرابين النباتية” كأغصان الريحان والصفصاف، ونجحوا في إدخال سعف النخيل خفية إلى الأقصى في سبتمبر/أيلول 2021.
– “القرابين الحيوانية” فمنذ 2014 يذبح المستوطنون القرابين الحيوانية (غنم، ماعز، حملان) حول سور المسجد الأقصى، احتفالا بعيد الفصح العبري. وشهدت السنوات الماضية إحباط محاولات عديدة لذبح القرابين في الأقصى، كان آخرها بعد دعوات مكثفة للذبح أو نثر الدماء في باحات الأقصى في منتصف نيسان الماضي، تزامناً مع شهر رمضان.
– “احتفالات البلوغ (بار/ بات متسفاه)” وتكون بعمر 13 للذكور و12 للإناث، ويقرأ فيها البالغ ما حفظ من مقاطع التوراة، ثم يقرأ له الحاخام صلوات “البركة”، ويتعمد المستوطنون إقامتها في الأقصى لربط أبنائهم به.
دروس يومية للحاخامات: يلقيها حاخامات مخصصون لهذه المهمة مما تسمى “مدرسة جبل الهيكل”، عند مرافقتهم مجموعات المقتحمين بجولات وفقرات مخصصة داخل المسجد، وأبرزهم شمشون ألبويم وأليهو ويبر وشموئيل مورينو.
– “السجود الملحمي (برخوت)” ويعني الانبطاح الكامل، واستواء الجسد على الأرض ببسط اليدين والقدمين والوجه بالكامل، ويمثّل هذا أقصى درجات الخضوع. وبموجب الشريعة اليهودية (سفر اللاويين) فإن هذا السجود ممنوع على الحجارة لأنها مادة صناعة الأصنام، ويضع اليهود فاصلا قماشيا على الأرض عند السجود في عيدي “رأس السنة العبرية” و”الغفران”. وحسب الباحث ابحيص، فإن السجود جائز على حجارة المسجد الأقصى باعتباره “هيكلا قائما” و”محل سكن الرب”، ولهذا بات يميّز بعبارة توضيحية عن بقية السجود فيسمى “السجود الملحمي”.
– “نفخ البوق (الشوفار)” يكون وفق التعاليم التوراتية في ث3 أيام في السنة: في صباحي الأول والثاني من رأس السنة العبرية، ثم في مساء يوم عيد الغفران (كيبور)، وقبل غروب الشمس بقليل لما يسمى “إعلان نهاية أيام التوبة العشرة”. ويقول ابحيص إن اليهود يتعاملون مع نفخ البوق باعتباره إعلان حضور للصلاة، أما في التطبيق المعاصر فاستخدمه جيش الاحتلال كأسلوب “إعلان سيادة” على الأقصى، إذ نفخه حاخام الجيش الإسرائيلي (شلومو غورين)، يوم احتلال المسجد الأقصى في السابع من يونيو/حزيران عام 1967، واستمر خلال المناسبات التوراتية حتى توقف بعد إحراق المصلى القبلي عام 1969 خوفا من مواجهة مع العالم الإسلامي. وعاد نفخ البوق داخل الأقصى في رأس السنة العبرية مطلع شهر أيلول 2021.
إنّ هذه الطقوس جميعها ليست مجرد طقوس لديانة ينفذها المتدينون اليهود فحسب، إنما هي طقوس يتقصّد بها الكيان الصهيوني التلاعب بالهوية العربية التي يحتضنها الأقصى، كما أنها محاولات إجرامية في محو الإسلام من القدس حتى تصبح القدس يهودية صهيونية، ويمسح الكيان من ذاكرة الأجيال الهوية الحقيقية للقدس المحتلة، فكما استباحوا واستحلّوا المكان يريدون أن يستحلّوا الهوية والديانة.
تابعنا عبر منصاتنا :
تيلجرام Aleppo News
تويتر Aleppo News
أنستغرام Aleppo News