أخبار حلب _ سوريا
دخل الذكاء الاصطناعي حياتنا اليومية بشكل متزايد، متجاوزًا دوره التقليدي في تحليل البيانات. من خلال دمجه في هواتفنا وأجهزتنا، ووجود تطبيقات مثل (ChatGPT) و(Gemini) التي تولد النصوص والمواد المرئية، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من تفاعلاتنا اليومية، ويساهم في تشكيل طريقة تفكيرنا وعملنا وحياتنا الاجتماعية.
مع هذا التوسع، يطرح الباحثون سؤالًا مهمًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي، الذي يعتمد على البيانات وتحليلها، أن يفهم المشاعر المخفية وراء النصوص التي ننشرها عبر الإنترنت؟ للإجابة عن هذا السؤال، أجرى مجموعة من الباحثين في جامعة (أوكلاند) في نيوزيلندا دراسة جديدة لاستكشاف قدرة الذكاء الاصطناعي على فهم المشاعر الإنسانية المعقدة من النصوص المنشورة عبر الإنترنت.
اختار الباحثون منصة التواصل الاجتماعي X (تويتر سابقًا) كنموذج لتحليل العلاقة بين المشاعر المعبر عنها في المنشورات وقرارات الأفراد في العالم الواقعي، مثل التبرع للمؤسسات الخيرية. لطالما اعتمدت الدراسات السابقة على تصنيف الرسائل إلى إيجابية أو سلبية أو محايدة، لكن هذه الطريقة لا تعكس التعقيد الكامل للمشاعر البشرية، التي تتجاوز هذه التصنيفات وتتنوع في درجاتها ونوعياتها.
لتجاوز هذه المحدودية، طور الباحثون نموذج ذكاء اصطناعي متقدم يعتمد على تقنية المحولات (Transformers)، وهي نوع من الشبكات العصبية العميقة التي حققت تقدمًا كبيرًا في معالجة اللغة الطبيعية. تتميز هذه التقنية بقدرتها على التعامل مع العلاقات المعقدة بين الكلمات، مما يجعلها أدوات قوية لفهم المعنى والسياق.
لتعزيز دقة النموذج، تم تدريبه على مجموعة واسعة من البيانات التي تتضمن ملايين الجمل المعبر عنها بمشاعر متنوعة. بفضل هذا التدريب المكثف، أصبح النموذج قادرًا على التمييز بين مجموعة متنوعة من المشاعر مثل الفرح والغضب والحزن والاشمئزاز والخوف.
استخدم الباحثون هذا النموذج لاكتشاف المشاعر الدقيقة التي يعبر عنها المستخدمون في منشوراتهم عبر منصة X، وقد حقق النموذج دقة مذهلة بلغت 84% في اكتشاف المشاعر من النصوص. هذه النتائج تفتح آفاقًا جديدة لفهم السلوك البشري وتحليل الرأي العام، كما يمكن أن تؤثر في مجالات مثل التسويق وخدمة العملاء والرعاية الصحية والتعليم.
أظهرت النتائج أيضًا وجود علاقة قوية بين المشاعر المعبر عنها في التغريدات وسلوك الأفراد في الحياة الواقعية. على سبيل المثال، تبين أن التعبير عن الحزن في التغريدات مرتبط بزيادة التبرعات لبعض المؤسسات الخيرية، بينما كان الغضب مرتبطًا بزيادة التبرعات لمؤسسات أخرى. أثبتت الدراسة أن هذه الظاهرة تنطبق بشكل خاص على مجال جمع التبرعات، حيث تمكنت المشاعر المعبر عنها في النصوص التسويقية لبعض المؤسسات الخيرية من توجيه قرارات المستخدمين بالتبرع.
لكن الأمر لا يقتصر فقط على اكتشاف المشاعر من النصوص المكتوبة. يتجه الباحثون نحو بناء أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على فهم المشاعر بدقة وشمولية أكبر، من خلال دمج هذه التقنية مع بيانات أخرى مثل الصوت وتعابير الوجه لرسم صورة عاطفية أكثر اكتمالاً.
تابعنا عبر منصاتنا :
تيلجرام Aleppo News
تويتر Aleppo News
أنستغرام Aleppo News