في خطوة غير معهودة أعلن رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تعهده بمضاعفة التعاون بين بلاده وروسيا في السنوات القادمة، وذلك خلال زيارة مفاجئة له اليوم الثلاثاء إلى روسيا لم يتم الكشف عن أهدافها.
كما صرّح “بن زايد” خلال لقاء نظيره الروسي “فلاديمير بوتين” في موسكو قائلاً: “ضاعفنا حجم التبادل التجاري مع روسيا من 2.5 إلى 5 مليارات دولار بعد جائحة كورونا”.
بالإضافة إلى ذلك وجه شكره لروسيا لدعمها السياحة في الإمارات، مضيفاً: “لدينا 4 آلاف شركة روسية ونحتفل بافتتاح أول مدرسة روسية في البلاد”.
من جانبه، وصف الرئيس الروسي دور دولة الإمارات في المنطقة بأنه “كبير”، متوجهاً بالشكر لجهود دولة الإمارات الوسطية لحل المسائل العالقة، وذلك رغم الاختلافات الكبيرة السابقة بين روسيا والإمارات والتي تقلصت فجوتها بعد وضع حد للتدخلات الأمريكية في سياستها الخارجية في ظل تراجع الدور الأمريكي في الشرق الأوسط.
وفي سياق متصل، أعلن “بوتين” أن الاتصالات مع دولة الإمارات تتطور وتشكل عاملاً مهما في استقرار المنطقة والعالم.
مشيراً إلى أنه ناقش مع رئيس دولة الإمارات مجريات الأحداث بمحطة “زابوريجيا” النووية.
وأكد “بوتين” أن موسكو تستجيب دائماً لاحتياجات سوق الطاقة على نحو ملائم، قائلاً نعمل بشكل مكثف مع «أوبك+»، وتحركاتنا هدفها تحقيق الاستقرار”.
كما قال أيضاً: “نريد تحقيق توازن بين العرض والطلب في أسواق الطاقة”، مؤكداً أن تصرفات بلاده غير موجهة ضد أحد.
وبالرغم من لعب الإمارات دوراً غير مؤثر إيجابياً في سياساتها السابقة تجاه بعض الدول العربية إلا أن “بوتين” اعتبر أنه من المهم أن يناقش مع “بن زايد” الأوضاع في سوريا وحولها، لافتاً إلى أن العلاقات الإماراتية الروسية تشهد تطوراً كبيراً وبشكل ناجح.
وأكد “محمد بن زايد” سعي الإمارات إلى الإسهام في تعزيز أسس السلام والاستقرار في العالم والعمل على خفض التوترات وإيجاد الحلول الدبلوماسية للأزمات التي يشهدها.
ويأتي هذا اللقاء الإعلان بعد أقل من أسبوع من اتفاق مجموعة أوبك+ والتي تضم منتجي النفط، ومن بينهم الإمارات وروسيا، على خفض الإنتاج في جرأة واضحة من قبل الدول العربية المنتجة للنفط على الإرادة الأمريكية.
حيث اعتبر المراقبون أن “أوبك +” كان بمثابة “زواج” مؤقت تحوّل إلى دائم بين روسيا والسعودية بشكل واضح بعد تراجع السيادة الأميركية على المنطقة واختلاف المصالح في خضم الأحداث المتواترة التي تشهدها الساحة الدولية من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
وكانت قد مارست إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” ضغوطات شديدة لمنع خفض إنتاج النفط، في محاولة لكبح أسعار البنزين قبل انتخابات التجديد النصفي خشيةَ أن يخسر فيها حزبه الديمقراطي هيمنته على الكونغرس.
ويعتبر هذا التقارب بين كل من السعودية والإمارات وروسيا بمثابة إعلان جنازة قمة جدة التي ترأسها بايدن في زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط من أجل ملء جعبته بالمزيد من براميل النفط، ويبقى هناك الكثير من التحديات التي تقف في وجه هذا التقارب بين دول الخليج وروسيا ومن أهمها:
- على مستوى المنطقة العلاقات الاستراتيجية والانفتاح الأخير بين تلك الدول والكيان الإسرائيلي الذي بات الكثير من الشغب في الوسط الروسي، مثيراً امتعاض موسكو من ممارساته ووقوفه إلى جانب “زيلنسكي”، ودعمه ضد الروس.
- استمرار التوترات بين السعودية والإمارات من جهة والمقاومة اليمنية من جهة أخرى بسبب استمرار البلدين بخرق الهدنة وعدم التوصل إلى اتفاق ينهي حالة الحرب، مع تصاعد القدرة اليمنية على المواجهة، حيث أطلق العميد “يحيى سريع” تحذيراً للشركات الأجنبية المستثمرة في السعودية بأن مصالحها معرضة للخطر في حال استمرت السعودية باعتداءاتها على اليمن.
فإن استمرار هذه الحرب على اليمن يزيد من التوترات بين كل من السعودية والإمارات ودول محور المقاومة التي تعتبر الحليف الاستراتيجي والقوي لموسكو وفي مقدمتها إيران. - التهديدات التي تطلقها أمريكا للسعودية، حيث تتوعد أنها لن تقف مكتوفة الأيدي جراء خروجها من بيت الطاعة الأمريكية، واصطفافها مع موسكو في حربها على الغرب.
حيث صرّح رئيس لجنة الموازنة في مجلس الشيوخ الأميركي “برني ساندرز”: “إذا أرادت السعودية، وهي واحدة من أسوأ منتهكي حقوق الإنسان في العالم، أن تتعاون مع روسيا لزيادة أسعار الوقود، فيمكنها أن تجعل بوتين يدافع عن نظامها الملكي”.
بعد الأزمات المتتالية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، والتي أدت إلى تصاعد قوة وتأثير الدول المناهضة للمشاريع الغربية كإيران وسورية واليمن وتمكنها من امتصاص الصدمات ولعب دور كبير في إيقاف المنطقة على قدم الثبات في حماية مصالحها من سيل الهجمات الغربية لابتلاع ثروات المنطقة.
فقد أثر هذا الدور الذي لعبته ما يُعرف بـ “دول محور المقاومة” على تفجر الوضع الدولي وتصاعد الأصوات المستاءة من الهيمنة الغربية وخاصةً الاقتصادية، والدعوات للخروج من سطوة الدولار والتحكم بالاقتصاد العالمي من قبل الحكومة الأميركية.