بدأت أرتال “هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة)” خلال ساعات الليلة الماضية بالانسحاب من منطقة عفرين في ريف حلب الشمالي.
باتجاه مناطق سيطرتها في ريفي إدلب وحلب الغربي، وتسليم المواقع التي سيطرت عليها خلال الصراع الأخير مع “الجبهة الشامية” إلى تجمع فصائل ما تُسمى بـ “هيئة ثائرون للتحرير”.
وحسب ما أفاد موقع “أثر برس” نقلاً عن شهود عيان من ريف حلب الشمالي أن عدة أرتال عسكرية تباعة ل “الهيئة تحركت بشكل متتالٍ من منطقة عفرين بدءاً من مساء يوم الأمس
وتوجهت نحو ممري “الغزاوية” و”دير بلوط” ومنهما إلى ريفي إدلب وحلب وذلك بالتزامن مع تسلّم فصائل “هيئة ثائرون” للمواقع التي يتم الانسحاب منها
ونشرهم حواجز عسكرية جديدة ما بين مدينة عفرين وقرية “كفر جنة” على وجه الخصوص.
ووفقاً للمصادر فإن “الهيئة” لم تُخرج كافة مسلّحيها الذين شاركوا خلال الصراع الأخير مع “الجبهة الشامية” (الفيلق الثالث).
حيث لا تزال الأرتال التابعة لـ “الهيئة” تخرج بين الحين والآخر من مناطق الشمال بوتيرة بطيئة
فيما تحدثت المصادر عن إبقاء عدد من مسلّحيها داخل عفرين المدينة، خلف قناع فصيّل “الشرطة العسكرية”، حيث استبدل هؤلاء المسلحون لباسهم وغيروا الشارات والرايات الموجودة على آلياتهم، رافعين رايات “الشرطة العسكرية” بدلاً من رايات “الهيئة”.
كما أوضحت المصادر بأن “الهيئة” لا ترغب بخسارة ما كسبته خلال الصراع الأخير وترفض مسألة خروجها من الشمال وخاصة من منطقة عفرين.
والتي لطالما كانت من ضمن أهداف “النصرة” التوسعية الهادفة إلى ضم المنطقة لمناطق نفوذها في إدلب وغرب حلب، وبالتالي تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة لـ “الهيئة” بالاستفادة من معابر المنطقة عدا عن التمدد الجغرافي لسيطرتها في شمال البلاد.
ورغم عدم رغبتها بالخروج من عفرين، إلا أن “الهيئة” رضخت للضغوط التي مارستها عليها أنقرة بشكل كبير خلال الاجتماع الذي جمع قياديي “الهيئة” مع قيادات “الفيّلق الثالث” في أعزاز يوم أمس الأول الاثنين، إبان سيطرتها على قرية “كفر جنة” واقترابها من منطقة أعزاز، حيث سرّبت المصادر معلومات عن ضغط وتعليمات مشددة وجهها ضباط الجيش التركي للمشاركين في الاجتماع آنذاك، تقضي بوجوب انسحاب “النصرة” من عفرين بشكل عاجل.
من جانبها، نقلت وكالة الأنباء الألمانية “د.ب.أ” عن مصدر طلب عدم كشف هويته، معلومات بأن “الجيش التركي أمهل هيئة تحرير الشام حتى يوم غد الخميس للانسحاب من كامل مدينة عفرين وريفها والرجوع إلى إدلب دون قيد أو شرط”، مشيرةً إلى أن تلك الخطوة جاءت بعد اجتماع مطوّل عُقد مساء الأمس، دون الحديث عن مكان الاجتماع أو هوية المشاركين فيه.
وحسب ما يرى محللون للواقع الميداني في شمال حلب خلال حديثهم للموقع ذاته بأن “تركيا تدرك تماماً عواقب وجود الهيئة المدّرجة ضمن لائحة الإرهاب الدولي في ريف حلب الشمالي على حساب الفصائل الأخرى التي تحاول تركيا تعويمها أمام الرأي العام العالمي على أنها فصائل معارضة سورية معتدلة، وما سيترتب على ذلك لناحية خروج شمال حلب من قائمة مناطق اتفاق خفض التصعيد، وبالتالي فتح طريق العمليات العسكرية لاستعادة السيطرة على تلك المناطق من قبل الجيش السوري الذي أبدى طيلة الفترة الماضية التزاماً كبيراً بكافة مخرجات الاتفاقيات الدولية المتعلقة بخفض التصعيد شمال سوريا”.
حيث أضاف المحللون: “في ظل إدراك تركيا لعواقب وجود الهيئة في شمال حلب، رأينا كيف تحركت بشكل عاجل بعد تمدد مسلّحي الجولاني هناك، وكيف مارست ضغطاً غير مسبوق لإلزامهم بالخروج والعودة إلى مناطق سيطرتهم في ريفي حلب وإدلب.
إلا أن الجولاني سيحاول المراوغة ما أمكنه ذلك للإبقاء على جزء من قواته في مدينة عفرين على الأقل، ولو تحت قناع فصيّل آخر من الفصائل التابعة لتركيا، للحفاظ على موطئ قدم يُسهل من مهمة سيطرته على المنطقة مستقبلاً في حال تحرره من الضغوط التركية”.
و قد كانت “هيئة تحرير الشام” تمكنت خلال الصراع الأخير الذي خاضته مع فصيّل “الفيّلق الثالث” بزعامة “الجبهة الشامية”، من السيطرة على مدينة عفرين والشريط الجنوبي والجنوبي الغربي من المنطقة امتداداً إلى قرية “كفر جنة” شرقاً، ما وضعها على خطوط المواجهة المباشرة مع نقاط انتشار الجيش السوري في شمال غرب حلب، قبل أن تتدخل القوات التركية وتفرض اتفاقين متتاليين لوقف الصراع، نقضت “الهيئة” أولهما، فيما التزم الجانبان بالثاني الذي لا يزال سارياً حتى تاريخ اليوم، تحت وطأة الضغط التركي.