بين مؤيدٍ ومعارضٍ لعودة حماس إلى الحضن السوري أثار الحدث جدلاً كبيراً في وسائل الإعلام وبين الناشطين السياسيين والأوساط الشعبية، ودار الجدل حول سؤالين رئيسيين:
الأول: ماذا سنستفيد من عودة حماس؟
الثاني: هل نستطيع أن نضمن عدم تكرار حماس الماضي؟
علينا أولاً أن نسأل أنفسنا أي الحالتين تضر بمصالح إسرائيل، وجود محور متماسك ومنسجم فيما بينه ويقدم أشكال التعاون والتنسيق من سوريا إلى لبنان وغزة وإيران والعراق واليمن، أم أن يكون أحد الأطراف من المحور منعزلاً يستطيع العدو الانفراد به.
إن إطلاق المقاومة في غزة اسم “وحدة الساحات” على المعركة الأخيرة التي حاول فيها العدو الاستفراد بفصيل من فصائل المقاومة واللعب على وتر التفرقة كما في رسائله التي وجهها لحماس في الابتعاد عن مساندة الجهاد الإسلامي ودخول المعركة.
كانت الفصائل الفلسطينية متيقظة لأهداف العدو فأدارت المعركة بما أسمته غرفة عمليات “الفصائل الفلسطينية المشتركة”.
كما مارس العدو الإسرائيلي الأسلوب نفسه في منطقة القنيطرة، حيث ألقت طائرات استطلاع الإسرائيلية في شهر آب الماضي منشورات ورقية تحمل تهديدات لضباط الجيش العربي السوري، ورد فيها:
“استمرار نقل الاستخبارات لحزب الله بشكل دائم يدل على مدى خضوعكم لدعم حزب الله على حساب الجيش السوري وعناصره، كل تدخل لحزب الله بشكل مباشر وغير مباشر يسبب بأخذ خطوات قاسية، هكذا كان وهكذا يكون”.
يعرف العدو أن هذا الخيار الوحيد أمامه للتغلب على محور المقاومة الذي يحقق انتصارات ومكاسب على كافة الميادين وتتعاظم قوته أكثر نتيجة تبادل الخبرات والقدرات والتطورات بين أطرافه.
وبينما عملت إسرائيل على استنساخ تجربة هذا التحالف بإيجاد تحالف مقابله تحت ما يسمى “ناتو شرق أوسطي” يوثق على العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية، بحيث تستطيع إسرائيل من خلاله بسط نفوذها بشكل أكبر على مناطق في الشرق الأوسط، وتصريف منتجاتها من السلاح كصفقة بيع منظومة الدفاع الجوي للسعودية وتطبيع كامل في العلاقات مع الإمارات إلى غير ذلك.
إلا أن هذا التحالف مازال فتياً مقابل تحالف محور المقاومة العتيق ويتأثر بالمعادلات الدولية بشكل كبير جداً وما أفرزته الحرب الروسية – الأوكرانية.
من أجل ذلك كله كان قرار عودة حماس إلى الحضن السوري مهم جداً لتحالف المقاومة، وضربة قاسية جداً لإسرائيل حاولت الرد عليها من خلال ثلاث ضربات جوية على سوريا متزامنة بتاريخ 21،و 24، و27، /10 بعد انقطاع دام 35 يوماً لتوصل، والهدف ليس الضربات نفسها بل الحرب النفسية التي تمارسها دائماً للسيطرة على أي خطر ضدها بالتخويف وبث الخطر.
أما السؤال الثاني وهو هل يمكننا أن نضمن عدم عودة حماس لتكرار الماضي، فيجب أولاً تفكيك أسباب الخطأ الذي ارتكبته حماس في السابق.
حيث قامت الدول المحسوبة على الإخوان المسلمين بإغراء حماس لترك الحضن السوري الدافئ، ففي مصر كان المرسي الإخواني، وفي تركيا أردوغان الإخواني، وقطر داعمة الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط والخزان المالي لهم.
وقامت تلك الدول بإيهام حركة حماس أنها قادرة على إنشاء قوة إخوانية في الشرق الأوسط، قادرة على دعم بعضها، وليست بحاجة لبقائها في سوريا.
لكن الواقع الذي صدم حماس أن قطر لم تقدم لها دعماً يذكر في قضيتها المحورية، والمرسي لم يحل عليه الحول إلا كان ساقطاً عن عرش مصر.
وأردوغان اليوم يعزز علاقاته مع إسرائيل أكثر فأكثر، فلم يكن أمام حماس باباً غير موصدٍ سوى إيران وحزب الله اللذان لهما الفضل في فتح باب العودة لها إلى سوريا.
واليوم بعد وضوح الاصطفافات، وذهاب دول التطبيع في ركب التطبيع وثبات دول المقاومة في خط المقاومة فلن تكون هناك ضبابيات تشوش الرؤيا لدى حماس أو أي طرف من أطراف المحور خصوصا وأنه اليوم يمتلك زمام القوة بعد تراجع أمريكا والدول التي راهنت على الدور الأمريكي في الشرق الأوسط.