عندما يقول البعض بأنّ أمريكا غير مؤهلة أخلاقياً لأن تقود التحالفات الدولية العسكرية والسياسية تحت شعار “الدفاع عن حقوق الإنسان ونشر الحرية في العالم”.
ناهيكَ بأنها ليست في موقع أخلاقي يؤهلها حتى بأن تبدي رأيها في الأنظمة السياسية الأخرى في العالم وخاصةً في الدول التي ترفض الهيمنة الامريكية.
ولكن البعض يتصور بأنّ مثل هذا الكلام هو لأجل التغطية على فشل تلك الأنظمة السياسية في حماية حقوق الإنسان والحريات.
ويشار إلى أنّ رفض الشعوب لتقديم أمريكا نفسها كونها “المدافع عن حقوق الانسان في العالم” هو أمرٌ نابع من التاريخ الأمريكي نفسه.
فيذكر بأنه ومنذ تأسيس أمريكا وحتى اليوم لا تخلو سنة من سنواته من الحروب والعدوان على الشعوب الأخرى ومن تنفيذ انقلابات عسكرية والتدخل في شؤون الدول ومصيرها.
ولا سيما تنفيذها لاغتيالات لا تعد ولا تحصى ومن فرضها لحصارات تجويعية على الشعوب ومن دعمها وحمايتها لأكثر الأنظمة الاستبدادية ووحشية في العالم.
حتى بات هذا التاريخ الدموي لها عبارة عن “تاريخ حرب”.
فأمريكا التي لم يُهددها أي بلد في العالم تخصص 647 مليار دولار سنويا كميزانية لجيشها، بينما روسيا التي تعتبر دولة عظمى أيضا تبلغ ميزانيتها العسكرية 47 مليار دولار.
الأمر الذي يكشف عن حقيقة الاستراتيجية الأمريكية في التعامل مع العالم القائمة على منطق القوة المجردة.
وكما ينبع رفض الشعوب لواشنطن أيضاً بسبب الواقع الذي يعيشه الشعب الأمريكي نفسه.
فالواقع الأمريكي هو خير دليل على أن النظام السياسي الأمريكي يكذب وبشكل فاضح عندما يحمل لواء الدفاع عن حقوق الانسان في العالم.
فصحيفة “واشنطن بوست” قامت مؤخراً بإجراء تحقيقي صادم كشفت فيه عن قيام الشرطة الأمريكية بقتل أكثر من ألف شخص سنوياً رمياً بالرصاص.
وفي السياق ذاته أفادت الصحيفة أيضاً بأنّ عدد حوادث إطلاق النار المميتة التي تقف الشرطة وراءها ارتفع خلال السنوات الأخيرة، وإنّ حصيلة الضحايا الذين سقطوا برصاص الشرطة في عام 2022 كانت الأكبر على الإطلاق، حيث قتلت الشرطة في هذا العام 1097 شخصا.
والأمر الذي يثير حفيظة الشعوب بأن جرائم القتل التي ترتكبها الشرطة بدم بارد لا تخلو من عنصرية سافرة فقد أشارت واشنطن بوست إلى أن الأميركيين السود وكذلك الذين من أصل إسباني يقتلون بمعدل أعلى بكثير من الأميركيين البيض في عمليات إطلاق النار التي تقوم بها الشرطة.
وفي سياقٍّ متصل أوضحت واشنطن بوست إلى أن تحقيقها توصل إلى أن 8102 قتلوا في حوادث إطلاق النار على أيدي عناصر الشرطة في مختلف الولايات الأميركية منذ عام 2015.
وتجدر الإشارة إلى أنه عندما يأمر الرئيس الامريكي دونالد ترامب بإطلاق النار على المحتجين عقب مقتل الشاب الامريكي الأسود جورج فلويد بدم بارد كما صرّح وزير دفاعه. وعندما تقوم الشرطة الامريكية باعتقال شاب أسود وهو مكسور العنق وتتسبب بشلله.
وعندما تعتدي الشرطة على امراة سمراء وبوحشية رغم انها تعاني من اضطرابات عقلية فمن المؤكد بأنّ الدموع التي تذرفها الولايات المتحدة على حقوق الإنسان في العالم هي دموع تماسيح لا تغني ولا تسمن من جوع.