ما إن ظهرت تصريحات وزير الخارجية التركي “تشاووش اوغلو” إلى العلن عمّا أسماه مكالمة هاتفية قصيرة مع وزير الخارجية السوري “فيصل المقداد” أكد فيها دعم أنقرة سبل التوصل إلى مصالحة بين المعارضة والدولة السورية، حتى كشفت سلمية ما يسمى “الثورة السورية” عن عورتها.
حيث صبّت المعارضة المسلحة جام غضبها على تركيا في ريف إدلب وخرجت بمظاهرات تخللها عمليات تخريب وتكسير مدرعات وإيقاف أرتال للجيش التركي.
حيث شملت المظاهرات جميع مناطق المعارضة إدلب، عفرين، أعزاز، الباب، تل أبيض، ورأس العين.
كما قام المسلحون المنددون بالوجود التركي في ريف إدلب وعوائلهم بإحراق العلم التركي الذي كان مرفوعاً إلى جانب علم ما يسمى” الثورة السورية” في كافة الدوائر التابعة للمسلحين، رافعين شعار ثورتهم القديم بوجه جديد “يلا ارحل أردوغان”.
وقد ذكرت مصادر إعلامية عن إطلاق القوات التركية غازات مسيلة للدموع باتجاه مئات المتظاهرين من الفصائل المعارضة المسلحة وعوائلهم المحتشدين أمام القاعدة التركية للمطالبة بخروج القوات التركية.
يذكر أن تركيا كانت من أكبر الدول الداعمة للمعارضة المسلحة في سورية حيث سمحت عبر حدودها الممتدة لدخول آلاف المقاتلين الأجانب للقتال إلى جانب الفصائل المسلحة ضد الجيش السوري.
وناهيك عن الدعم المالي واللوجستي والعسكري الذي قدمته تركيا للمسلحين في سورية فقد شاركت بشكل مباشر في الحرب على سورية من خلال التوغل في الأراضي السورية.
وقد كانت تركيا والمعارضة المسلحة على وفاق تام في ريف إدلب حيث أفسحت المعارضة المسلحة المجال لتركيا لتغليب الهوية والثقافة التركية من خلال تغيير أسماء الشوارع والمناطق والمدارس، ووضع صور اردوغان في مكاتب العمل ورفع العلم التركي ووصولاً إلى دعم الليرة التركية وجعلها العملة المتداولة بدلاً من العملة الوطنية.
لكن الوضع تغير كثيراً بسبب تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية التي أفرزت نظاماً عالمياً جديداً متعدد الأقطاب، وأفول القطب الغربي أمام روسيا وإيران وتراجع القوة والهيبة الأمريكية في المنطقة.
وأردوغان اللاعب المتلون على حافة الهاوية كان لابد له من اتخاذ القرار باللحاق بأحد الأطراف، ففضل قمة طهران على قمة جدة دون أن يذهب في تحديد إتجاهاته إلى الآخر فلا تستطيع أنقرة أن تقلب سياساتها رأساً على عقب مباشرةً.
واليوم يتحدث المسلحون وعوائلهم على منصات التواصل الاجتماعي عن عملية غدر تركية بهم بدأت بتصريحات “اوغلو” بعد أن انتظروا طويلاً ما سمي “العملية العسكرية التركية” في سورية إلا أن تركيا خذلتهم وكشفوا أيضاً عن هواجسهم من قيام تركيا بتسليمهم للدولة السورية أو تصفيتهم أو بيعهم بحسب تعبيرهم