كثيرةٌ هي التساؤلات التي تطرق أبواب المشهد السياسي لاسيَّما أنّ الصور واللقطات فاقت كل التوقعات خاصةً مع بدء الوفود العربية وطرقها أبواب دمشق ومد السجاد الأحمر في كل الاتجاهات العربية والإقليمية.
بهذا الصدد كانت قد كثُرت الأسئلة عن صدق النيات العربية وهل فعلاً ما يجري جزءٌ من التّحول العالمي نحو عالم متعدد الأقطاب لا مكان للهيمنة الأميركية فيه؟.
أم أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بتوريط حلفاءها بما يكفي لإقناعهم بأن البوم السياسي الأميركي لن يدلهم إلا للخراب.
والظاهر لنا أن كل العوامل أدت للمشهد الحالي وكل الطرق السياسية والعسكرية التي سلكت في المنطقة بدت مسدودة مما استلزم تغيير الشراع واستدارة السفينة رغم أنف واشنطن وبكامل التحدي لها.
وتبدّى ذلك جلياً ابتداءً بالمصالحة الإيرانية السعودية والسورية السعودية والعربية فيما عدا بعض الدول التي لاتزال تتأرجح فوق خياراتها.. ولكن هل ستخرج واشنطن من هذا المشهد السياسي؟.
فكل المقدمات تمهد لخروج واشنطن من الجسم العربي أو حتى تخفيض نسبة التحالف معه إلى مستوى الشراكات والعلاقات التجارية على اعتبارها من الدول العظمى ولكنها ولأخذ العلم لم تعد المهيمنة..لدرجة أنها اليوم تتوارى وراء خيباتها وتركض لاهثة لإنقاذ وجودها بعمليات أشبه بالإنزال الدبلوماسي في الدول بعد أن كانت مسرحيات إنزال المارينز تملأ الشرق الأوسط.
ففي تفاصيل المشهد السياسي بين زيارات دبلوماسية عربية وعالمية إلى سوريا وانعقاد مؤتمرات عربية عربية أحدثها الاجتماع الذي سيجري غداً في الأردن من أجل سورية أو حتى مشاورات بين دول المنطقة لعقد صلح سوري تركي بشروط سورية ثابتة وانعقاد قمم في دمشق.
بناءً على كل هذه التفاصيل فتشنا عن الوجود الأمريكي فإذا هو يبدو كسلحفاة متقوقعة في مكانها تراقب الأحداث من الداخل.. لكن في الحقيقة تبعث واشنطن بطائرات الخلسة الدبلوماسية إلى العواصم العربية التي تربطها علاقة وطيدة معها ويعسكر الدبلوماسيون الأميركيون في غرف المسؤولين العرب.
فلا يخفى لأحد من نيات المسؤولين العرب الواضحة في الحفاظ على صفقاتهم الاقتصادية بالولايات الأمريكية فجُلّ اهتمام واشنطن اليوم يصبّ على إنقاذ أوراق تبادلها التجاري من وحل الفشل السياسي وعدم ترك الأسواق في الشرق الأوسط للصين وروسيا وغيرها.
لذلك قررت واشنطن أن تبتلع لسانها السليط وتعطي من طرفه حلاوة ريثما تنضج أكثر الكارثة التي صنعتها في السودان لضرب كل محاولات الاستقرار وعودة التعاون العربي المشترك وإشغال الدول العربية بحريق سوداني يورط الدول العربية ويشعل الفتنة مع القارّة الأفريقية.
لذلك وأكثر لن تهزم واشنطن دفعة واحدة وإنّ إخراج سمّ الثعبان الأمريكي من المنطقة يحتاج الكثير من المضادات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية أيضاً.