- بقلم: سمر عكو
كل الذين ولدوا بعد تدمير مخيم جنين عام 2002 كبروا وأصبحوا مقاومين أحرار وامتشقوا ماتيسر من السلاح ، العقيدة واحدة والهدف تحرير فلسطين من البحر إلى النهر .
وها هو المخيم المثخن بالجراح المخضب بدماء الشهداء بعد أن أحدث العدو الصهيوني فيه دماراً هائلاً في البيوت والبنى التحتية حاملاً دمه على كفه يولد من جديد لايردعه هدم بيت أو حرق شجر فمن يهدم البيوت لاقدرة له على هدم العقول والنفوس والارواح .
عدوان عسكري جديد على مخيم جنين :
وبعد أكثر من عقدين على اجتياح المخيم جاء إعلان جيش الاحتلال فجر الاثنين 3/تموز البدء بعملية عسكرية واسعة تستهدف مدينة جنين ومخيمها شمالي الضفة الغربية المحتلة هدفها إفشال البنية التحتية العسكرية للمقاومين في مخيم جنين بهدف تنفيذ عمليات دقيقة لفصل المقاومين بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي “بنيامين نتنياهو” يتلقى تقارير عاجلة حول العملية العسكرية في جنين ، وصرح إعلام إسرائيلي بأن عملية العدوان على جنين تتم بقيادة قائد فرقة الضفة الغربية في جيش الاحتلال “آفي بلوت” معلناً إطلاق تسمية “بيت وحديقة” عليها وأنها ستستمر 72 ساعة.
أهداف العدوان العسكرية والسياسية:
إن قرار شن العدوان الواسع على جنين اتخذ بعد تكرار عمليات المقاومة الناجحة ولاسيما عملية مستوطنة “عيلي” شمال رام الله قبل نحو أكثر من أسبوعين والتي أسفرت عن مقتل 4 مستوطنين إضافة لرغبة “نتنياهو” في استعادة جزء من شعبيته والهروب مما يحدث في تل أبيب و التغطية على فشل حكومته بسبب تصاعد الاحتجاجات ضده وبالتالي محاولة حكومته إثبات نفسها أمام جمهورها، عن طريق ضرب وشن عمليات عسكرية ضد شعبنا الفلسطيني للمد بعمر الحكومة.
حشد القوات الإسرائيلية للعدوان على جنين:
ولقد جند لعملية جنين أكثر من ألف جندي من ألوية النخبة وفي مقدمتهم لواء الكوماندوز الأكثر نخبوية بيدَ أن قوات العدو الصهيوني خشيت الالتحام المباشر بالمقاومين كي تتجنب الخسائر البشرية واعتمدت في عدوانها على سلاحي الجو والاستخبارات إلى جانب القوات البرية المحمولة في الدبابات والناقلات المدرعة.
واستهدفت العملية العدوانية قطاعات المدينة كشبكتي الماء والكهرباء وهدمت عدداً من المنازل ولجأت إلى تدمير الطرقات وتجريفها بجرافات عسكرية مجنزرة بهدف التخلص من العبوات الناسفة التي زرعتها المقاومة وهدمت عدداً من المنازل بهدف التأثير على الحاضنة الشعبية للمقاومة وتقويض أسلوب حرب العصابات الذي تتبعته المقاومة بما يتناسب مع بيئتها في المخيم فبالنسبة لإسرائيل إنهاء المقاومة يتطلب ضرب بنيتها الشعبية ولكن الأخيرة أثبتت وعيها ومساندتها المستبسلة للمقاومة.
ونشر موقع والا الإسرائيلي أنه في الأشهر الأخيرة ” ازداد تركيز المؤسسة الأمنية والعسكرية على جنين وأنه عزز وجوده حولها مؤخراً بكتائب إضافية وأكد ملاحظة أن مسلحي المخيم على الأرض يستعدون لتحرك الجيش الإسرائيلي وقرروا تحصين المنطقة وأقاموا نقاط رصد على أسطح المخيم للحؤول دون تعقبهم ” ، فيما رفع الاحتلال الإسرائيلي حالة التأهب في منظومة القبة الحديدية في أرجاء فلسطين المحتلة.
وعلى الرغم من الفارق الكبير في موازين القوة على الأرض فإن الجيش الإسرائيلي لقي خلال توغّله مقاومةً شديدةً من فصائل المقاومة على اختلافها في جنين والتي حاولت عبر العبوات الناسفة منعه من التقدم كما خاضَ مقاتلو الفصائل اشتباكاتٍ مسلّحة من مسافات قريبة جداً وتبادلَ الطرفان إطلاقاً كثيفاً للنيران خلال الاجتياح أسفرَ الهجوم الإسرائيلي الكبير عن إرتقاء 12 فلسطينيا وإصابة المئات أغلبهم مدنيون أُصيبوا خلال الغارات الجوية التي شُنّت على المخيم عبر الطائرات الحربية والطائرات المسيرة كما اعتقلت إسرائيل ما مجموعه 300 فلسطينيا” وعثرت على ما قالت إنها عبوات ناسفة وقنابل ومتفجّرات، في حين قتلت الفصائل المقاوِمة جندياً إسرائيلياً خلال اشتباكٍ مسلحٍ وجرحت آخرين كما نسفت العديد من الآليات والجرافات وناقلات الجند المدرعة وأسقطت خمس طائرات مسيّرة.
هل فعلاً يريد الاحتلال القضاء على المقاومة في جنين ب 72 ساعة ؟
إن تحديد العملية في الوقت لا الهدف يشي بأن الاحتلال الإسرائيلي خائف من التصعيد ومرتبك مما يمكن أن تصل إليه الأمور ويحسب حساباً لوحدة الساحات بينما يسعى لاستهداف انجازاتها وهنا حقق المجاهدون في جنين انجازهم الأول منذ اللحظة الاولى لإعلان العملية العسكرية فالمجاهدون من كافة الفصائل المقاومة كانوا على قلب رجلٍ واحد
لتأتي العملية الفدائية في “تل أبيب” عمق الاحتلال الاسرائيلي والتي نفذها الشاب المجاهد “عبد الوهاب خلايلة” 23 عاما من الخليل رداً على عدوان جنين بينما كانت الأجهزة الأمنية للاحتلال في أعلى مستوى من التأهب والاستنفار وفي وقت تقوم فيه حكومة نتنياهو بترويج مفاده أن عدوانها على جنين لمنع عمليات كهذه وفي الوقت نفسه توقعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ما أسمته ” عمليات فلسطينية إنتقامية” فإن نجاح العملية الفدائية في تل أبيب يتجاوز وقوع الاصابات والوصول إلى الهدف إلى حدوث مايخشاه الاحتلال ويتوقعه ويدعي جاهزيته بل إنه أكثر من ذلك يتزامن مع شن عملية عسكرية لمنعه!
هي رسائل توجهها المقاومة ليس من باب الردع فقط بل لإثبات أن الاحتلال فشل في تحقيق هدفه من العملية العسكرية.
فشل أهداف العدوان العسكري على جنين:
لتتلخص العملية العدوانية على جنين بفشل ذريع منيت به حكومة “نتنياهو”
ويخرج وزير جيشه “غالانت”، ليقول: “نستطيع الآن دخول جنين بسهولة”، وكأنه متأكد أنه قضى على المقاومة، وهذا غير صحيح بالمطلق، بدليل اندحاره بقواته تحت نيران ورصاصات المقاومين المنهمرة عليهم، التي كانت تعقبهم حتى آخر دقيقة لتجبر جيش الاحتلال على الانسحاب في ال 48 ساعة الأولى من بدء العدوان فيما أبلت المقاومة الفلسطينية بلاءً حسناً.
واعتقد الاحتلال الإسرائيلي أن معسكر جنين عبارة عن حديقة لتنزه جنوده، وبأن المقاومة غير مستعدة وسوف تستسلم من أول دقيقة، ولكنه تفاجأ ببسالتها وجراءتها وعنفوانها
ليجد أن في الحديقة أسوداً بانتظاره، وقد رُويت بدماء شهدائها الأطهار لتكون جنين الحديقة التي هدّمت أركان البيت الإسرائيلي.