منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لم تتأثر التجارة البحرية لكيان العدو بشكل مباشر، لكن مساء يوم الأحد في 19 تشرين الثاني كان نقطة تحوّل في مصير الاقتصاد الصهيوني من جهة البحر، حيث أعلنت القوات المسلحة اليمنية الاستيلاء على سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر واقتيادها إلى السواحل اليمنية .
وبسرعة تبيّن أن عملية اختطاف سفينة “غالاكسي ليدر”، المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي “رامي أونغار” لها عواقب اقتصادية واسعة النطاق على الاحتلال الإسرائيلي، وبحسب المعلومات التي نشرت فإن السفينة كانت تحمل آلاف السيارات قادمة من تركيا متجهة إلى الهند .
المقاومة اليمنية تقلب الطاولة
وقد باتت الخشية الأساسية الآن في كيان العدو الصهيوني هي أن تتسبب هذه الحادثة بارتفاع أسعار النقل البحري إلى إسرائيل بسبب ارتفاع تكلفة التأمين وحتى إلغاء المسارات إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد يؤدي هذا بدوره إلى زيادة أسعار المنتجات المستوردة عن طريق البحر، حيث هناك عدد لا بأس به منها، مثل السيارات من الشرق والمواشي من أستراليا .
وفي هذا السياق أشار مدير عام معهد الأبحاث GFI الإسرائيلي “نير غولدشتاين” في حديث مع صحيفة “إسرائيل هيوم” إلى أن “الضرر الذي ألحقته حركة “أنصار الله” بممرات الشحن يمكن أن يكون له تأثير استراتيجي على الواردات إلى “إسرائيل” وخاصة على عالم المواد الغذائية، مشيراً بقوله إلى أنه منذ بداية القتال “رأينا تخوفاً من شركات الشحن من الرسو في إسرائيل وفي الوقت نفسه ارتفاع أسعار التأمين والنقل البحري إلى “إسرائيل” والآن من المتوقع أن يتزايد هذا الاتجاه بشكل كبير ويضر بما يُسمى “الأمن الغذائي الإسرائيلي”، وذلك في إشارة من إلى القدرة على ضمان الإمدادات الغذائية للبلاد خلال ساعات الطوارئ .
الأمن الغذائي الإسرائيلي في تدهور
وأضاف غولدشتاين أن “أكثر من 70% من المواد الغذائية لدينا يستورد عبر البحر، 85% من لحوم البقر تصل إلينا بواسطة السفن عبر ميناء “إيلات أشدود وحيفا” الموانئ الثلاثة أو طرق الوصول إليها مهددة من قبل المقاومة، وعلينا أن نستعد لذلك، فهناك تهديدات كبيرة عند مدخل البحر الأحمر الذي نستقبل من خلاله سفناً من أستراليا تحتوي على 15% من واردات لحم العجل .
ويخلص غولدشتاين إلى أن “ربط القتال في غلاف غزة ولبنان (حيث يتم تربية معظم الدجاج)، ونقص الأيدي العاملة، والأضرار التي لحقت بالمستوردات البحرية، سيؤدي إلى ارتفاع أسعار اللحوم والدجاج والبيض، واليوم بالفعل يدفع الإسرائيليون 40% أكثر من الأوروبيين مقابل اللحوم، وربما ستزداد هذه الفجوة بشكل كبير في الأشهر المقبلة، الحل هو التحرك نحو زيادة إنتاج منتجات البروتين في إسرائيل من بين أمور أخرى من خلال التقنيات الجديدة مثل البروتين البديل” .
ومن جهته تحدث كبير الاقتصاديين في الشركة الاستشارية BDO “حان هرتسوغ” عن العواقب الواسعة النطاق التي قد تنشأ نتيجة اختطاف السفينة، مشيراً إلى أن “القلق الاقتصادي هو من الآثار الجانبية على النقل البحري إلى الكيان الإسرائيلي .. في أعقاب الحرب، حدثت بالفعل زيادة كبيرة في أسعار الشحن الجوي بسبب الأضرار التي لحقت برحلات الشركات الأجنبية إلى الاحتلال الإسرائيلي .
وتخوف هرتسوغ من “زيادة مقابلة في تكلفة الشحن إلى “إسرائيل” أيضاً وذلك بسبب زيادة تكلفة التأمين أو إلغاء المسارات إلى “إسرائيل”، لافتاً إلى أن ارتفاع أسعار النقل له تأثير على تكاليف المعيشة، سواء في أسعار البضائع المستوردة أو في احتمال تأخير مواعيد التسليم إلى “إسرائيل” .
وبحسبه “قد يكون هناك ضرر على مواعيد التسليم وتكاليف جميع المنتجات المستوردة، وهناك قلق خاص بشأن المنتجات التي تصل إلى “إسرائيل” عبر البحر الأحمر إلى ميناء إيلات وخاصة السيارات من الموانئ الشرقية” .
علماً أن ما قبل طوفان الأقصى ليس كما بعده فالكيان الإسرائيلي يقع بين سندان المقاومة الفلسطينية و مطرقة المقاومة اليمنية، والأمن الغذائي الإسرائيلي يتأثر بأرض الميدان التي بدت معالمها تظهر وكفتها تميل نحو الفلسطينيين أبناء الأرض وأصحاب الدار .