لعلّ أكثر شيء ضُربَ به المثل لهوانه وضعفه هو بيت العنكبوت، والجميل أنّ هذا ليس من ضرب العرب بالأمثال، بل هو من الأمثال التي ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم، فقد قال تعالى:} مثل الذين اتخذوا من دون الله لأولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون {، فما الذي يميز بيت العنكبوت عن غيرها ليضرب ببيت أنثاها مثلاً للضعف والهوان؟
أفضل ما يضرب به المثل للضعف…..
إنما يدل العنكبوت على سوء المنقلب والمصير المحتوم السيء، فأنثى العنكبوت تقتل زوجها وترميه خارجاً ومعظم بيوضها ثم العناكب الصغيرة تكبر وتقتل بعضها البعض حتى يدور الدولاب وتقتل الأم وتطردها خارجاً، فهو ضعيف ومفكك من جميع النواحي.
كذلك هي حال القوى التي يلجأ إليها الناس طلباً للدعم والمساندة، والتي يجعلونها عوناً لهم لتمدهم بأسباب القوة، ولو علم هؤلاء الذين يلجؤون إلى تلك القوى الهشة، أن القوة التي يستمدونها منها هي عرضة للزوال في كل حين.
أقوى من الصلب ومعرض للزوال ..
إنّ نسبة المتانة إلى الوزن في خيوط العنكبوت تفوق خمسة أضعاف المتانة إلى الوزن في الصلب، كما أ مرونتها تفوق مرونة النايلون، وتفوق مرونة ألياف كفلار وهي ألياف علامة تجارية لألياف صناعية قوية وخفيفة لذا من الممكن أن تستخدم كدروع بشرية، لكنه رغم ذلك البيت إلا أنه لا يكاد يستمسك بنفسه، وهو معرض للهلاك والزوال لأدنى عارض طبيعي أو بشري.
إذ إنها مكونة من نسيج من خيوط دقيقة، شفافة واهية، لا يكاد اللمس يقاربها، أو الريح تهب عليها إلا وتتمزق، وتذهب أدراج الرياح، فلا تحمي العنكبوت، ولا ترد عنه غائلة العوارض.
الكيان الصهيوني أوهن من بيت العنكبوت…
اليوم لم يعد هذا المثل مجرد مثال يضرب، بل أصبح صورة واضحة أمامنا وأبرز هذه الصورة المعبرة عنه هو الكيان الصهيوني، فرغم ما عرف من قوة وبطش، إلا أنّه اليوم بدأ يظهر مدى هوانه وضعفه أمام الأسلحة التي لم يتوقع أن تستهدفه وتنهيه شيئاً فشيئاً، وللحظة ما قبل الطوفان كان يظهر بمظهر القوي، حتى حانت لحظة الطوفان وبدأت تغرقه وبدأ ينكشف كم هو هش ومفكك.
ورغم الدعم الأمريكي للكيان إعلامياً كان أو عسكرياً منذ بدء المعركة لهذه اللحظة إلا أنه بقي كالزجاجة التي تتكسر بحجار الحقيقة التي لا مهرب منها، فأمريكا أيضاً لم تسلم من الهشاشة ذاتها التي يعيش بها الكيان، فها هو “بايدن” يتلقى معارضة وهتافات ضده بسبب الدعم المقدم للكيان، ولما تعيشه غزة من حرب إبادية.
وحقاً إن أوهن البيوت لبيت بدأ على البطش والقوة وانتهى بالقتل والرمي خارجاً، وقريباً سنرى هذا الكيان الذي مقتولاً وجثثه الملعونة مرمية حتى التراب لا يغطيها.