عرفت حلب على مدى التاريخ بأسواقها العامرة وخيراتها الوافرة، وحال الأسواق كحال أحيائها وحاراتها ومناطقها تعرضت للكثير من التدمير والخراب وقد كانت تلك الأسواق إلى جانب أهميتها التجارية والاقتصادية تتمتع بمكانة اجتماعية وثقافية وعُدّت في الكثير من الأحيان جزءاً هاماً من التراث الشعبي الحلبي والسوري.
حيث بدأت الأمانة السورية للتنمية بالتعاون مع محافظة ومجلس مدينة حلب ومديرية الآثار والمتاحف ومؤسسة “الآغا خان” للثقافة أعمال ترميم وتأهيل سوق المحمص بمدينة حلب القديمة.
وتأتي أهمية السوق لموقعه في الجهة الجنوبية لمدخل الجامع الأموي الكبير باتجاه قبة المحمص ولكونه عقدة وصل بين ثمانية أسواق هي الحبال والقرباطية والعتيق والسقطية والعطارين والشام وإسطنبول والعتيق.
وأفاد مدير وحدة المجتمعات في الأمانة السورية للتنمية بمنارة حلب القديمة “أحمد كبة” أن دور الأمانة في أي مشروع يقام في المدينة القديمة يقدم ضمن ثلاثة مجالات، منها المجتمعي من خلال التواصل مع أصحاب المحال أو وكلائهم وانتخاب لجنة لتيسير أمور السوق لدى الجهات المعنية في عمليات الترميم والجهات الخدمية، ومجال الدعم القانوني حيث يعمل برنامج الاستجابة القانونية على تأمين كل الثبوتيات اللازمة في السوق بشكل مجاني وحل المشكلات القانونية التي تتعلق بثبوتيات الملكية العقارية وفي المجال الاقتصادي حيث يتم تقديم الدعم من خلال القروض.
من جانبه، أوضح مدير التنفيذ في مديرية المدينة القديمة بمجلس مدينة حلب المهندس “حسام حلبي” أن السوق تعرض لأضرار كبيرة جراء الحرب الإرهابية، حيث بلغت نسبة الضرر فيه 80 بالمئة، وشملت الأضرار سقف الغمس الحجرية، والقبة الخشبية المصفحة بالرصاص في السوق، مشيراً إلى أن أعمال الترميم أساسية وتشمل ترميمه وتجهيزه بنفس أنواع الحجارة، وتأهيل البنية التحتية من شبكات مياه وصرف صحي واتصالات.
وتابع ” حلبي”: إن هذه الأعمال تنفذ بكوادر وخبرات وطنية مدربة تعمل بوتيرة عالية لإعادة السوق كما كان من حيث مواصفات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لكون مدينة حلب محمية ومسجلة ضمن القائمة التاريخية.
ولفت إلى أن ما يميز السوق الذي يضم 24 محلاً مبنياً من الحجر، إضافة إلى 13 محلاً من الأسواق الواصلة لها هو القبة الخشبية التي تعد من أقدم القبب في الأسواق كما سيتم العمل على إعادة تشكيل الطوق الحجري ضمن قالب خشبي وتصفيح القبة من الخارج بصفائح الرصاص لتعود إلى طابعها القديم حيث أجريت عملية مسح لكامل السوق ودراسة وضعه الراهن وفق المخطط القديم للمحافظة على أبعاد المحلات وارتفاعاتها.
وأشار إلى أنه يتم حالياً تنفيذ اللمعات الحجرية ليتم بعدها البدء بأسقف الغمس للمحلات وكذلك لواجهات السوق، يليه سقف الغمس في السوق وتجهيز أعمال العزل والطاقة البديلة لتغذية السوق بالإنارة وتركيب البلاط وتنفيذ الأعمال المعمارية من أبواب خشبية ونوافذ، ليتم الانتهاء منها في الربع الأخير من العام الحالي.