أخبار حلب _ سوريا
في كل مرّة كان يتصرف الكيان في المنطقة كما يحلو له، معتمداً على الغرب الذي سيفعّل قوته ضد أي أذى قد يتعرض له؛ لكنه لم يدرك للحظة واحدة، أنّ هناك بالمرصاد دولاً تقف بوجهه من أجل فلسطين وقضيتها؛ لكن ليس بالقوة فقط، بل بالعقل والتخطيط واستخدام التوقيت المناسب لإيقافه.
ففي الوقت الذي كان يبحر الكيان بسفنه التجارية كما يحلو له بالبحر الأحمر، معتقداً أن جرائمه في غزة تمر بسلام؛ كانت اليمن تعدّ العدة لمحاصرته بحرياً وشلّ اقتصاده، الأمر الذي جعله يعلن عن تسريح الموظفين في ميناء إيلات المحتل، وذلك بعدما كشفت الصحف الإسرائيلية عن حجم الكارثة الاقتصادية والتدهور فيه، إثر الخناق الذي فرضته المقاومة اليمنية على ملاحة الكيان.
ميناء إيلات يتخلّى عن موظفيه
حيث قررت إدارة الميناء أن تسرّح حوالي 50% من موظفيها، نتيجةً لتوقف الملاحة، وقد أكد الرئيس التنفيذي للميناء على إغلاق المرفأ بشكل كلي منذ أربعة أشهر، وذلك بسبب استهداف المقاومة اليمنية لأي سفينة تابعة للكيان بشكل مباشر أو غير مباشر، دعماً لغزة ونصرة لفلسطين.
وعن الصناعات الكهربائية، فقد شدد مختصون بالاقتصاد الصهيوني، على أنها على وشك أن تزداد تكلفتها وترتفع أسعارها بما يقارب 10% قبل عيد الفصح، بسبب الاستهداف، إضافة لوجود نقص فيها بسبب تأخر الإمدادات، وبعد إعلان المقاومة اليمنية عن توسيع النطاق لحصار الملاحة الصهيونية، فقد توقع المختصون بأن خسائر الكيان سوف تتضاعف بالفترة القادمة.
الميناء ركيزة الكيان الاستراتيجية
وبالنسبة لأهمية الميناء، فيُعد ميناءً استراتيجياً ومنفذاً للكيان الصهيوني الوحيد إلى البحر الأحمر، إضافةً لأهميته الاقتصادية والعسكرية، لذلك حرص الكيان على تطويره، ولكنه أصبح نقطة ضعف إسرائيلية في النزاعات الإقليمية، حيث نجم عن إغلاق طريق الملاحة إليه إلى تراجع النشاط التجاري الصهيوني.
كما يُشكل الميناء مشروعاً استراتيجياً للكيان المحتل، وركيزة أساسية لاقتصاد المدينة ونموها، فهو يمثل البوابة الجنوبية له، وأحد أهم الممرات المائية في العالم، ومن خلاله تتمكن الملاحة الصهيونية من الوصول إلى دول الشرق الأقصى وآسيا وشرق أفريقيا بأقصر الطرق وأقلها تكلفة، عن طريق توفير رسوم العبور بقناة السويس، واختصار المدة الزمنية للرحلة.
الأهمية التجارية والعسكرية
وإضافةً إلى ذلك، فيمر عبر الميناء نحو 5% من تجارة الكيان الصهيوني، وما يقارب 50% من تجارة المركبات فيه، وتصل عمليات المناولة في الميناء إلى مليوني و100 ألف طن من البضائع الجافة، و70 ألف سيارة و50 ألف حاوية سنوياً، ويُصدّر عبره الفوسفات والبوتاس والمعادن والخامات، ويستورد الكيان من خلاله النفط والأخشاب ومواد البناء والمواد الغذائية والمركبات، ويشكّل منفذاً بحرياً مهمّاً للركاب، لا سيما السياح الذين يفِدون إلى المدينة بعدد يقارب مليون شخص سنوياً.
ومن جهة أخرى، فيتمتع الميناء بأهمية عسكرية وأمنية لدى قوات الاحتلال، تتجلى في قدرته على استيعاب سفن حربية قريبة من الجبهات الجنوبية، جاهزة لمواجهة الضربات القادمة من ذلك الاتجاه، كما يشمل على مساحات تخزين ضخمة لحفظ البضائع المختلفة، إذ تبلغ سعة مخازن الشاطئ 160 ألف متر مكعب، بينما يتسع مخزن “رمات يوتام” لـ16 صهريجاً ومليون و100 ألف متر مكعب، ويتوفر مخزن للحاويات مساحته 28 ألف متر مربع، ويتسع لنحو 2100 حاوية، ويمكن للحظائر أن تتحمل ما مقداره 170 ألف طن من البضائع السائبة، لتكون أهميته هذه سبباً ليصبح هو نفسه هدفاً لصواريخ ومسيرات المقاومة اليمنية.
نتائج الطوفان على الميناء
وأما بالنسبة للنتائج السلبية التي وصل إليها الميناء، فقد أدت الاستهدافات المتكررة للسفن التابعة له، إلى عبور غير آمن للسفن في البحر الأحمر، مما دفع كثيراً من الشركات العالمية الكبرى إلى وقف عبور سفنها بالبحر الأحمر، أو تغيير مساراتها بالالتفاف حول جنوب أفريقيا، الأمر الذي تسبب في إطالة مدة الرحلات بين أسبوعين إلى 3 أسابيع، وأدى إلى زيادة التكاليف المادية لتلك الرحلات.
كما قد تسبب التوتر بارتفاع سعر الشحن من ميناء إيلات، وارتفعت كلفة تأمين السفن الإسرائيلية، وتعطلت الصفقات وعمليات التبادل التجاري، وأصيب ميناء إيلات بالشلل، وصرح الرئيس التنفيذي للميناء مع نهاية 2023 أن النشاط الملاحي في الميناء قد هوى بنسبة 85% منذ بدء عمليات الحوثيين في البحر الأحمر.
وختاماً
على الكيان أن يدرك أنّ لا مهرب من فقدانه السيطرة على اقتصاده وتجارته، وأن يعترف بفشله الذريع أمام المقاومة بكل أشكالها، لأن من اعتمد عليهم لإيقاف استهدافات اليمن فشلوا بحراً وجواً.