أخبار حلب _ سوريا
خاص – أخبار حلب
بقلم: طلال ماضي
تسعى الحكومة اليوم إلى طرح المنشآت الحكومية التشاركية للاستثمار وقد بدأت بوزارة الصناعة التي لم يتقدم حتى الآن أحد لاستثمار المنشآت المدمرة، ومن ثم تفكر بطرح المنشآت الطبية واستثمار الأجهزة ضمن المشافي، ولاحقاً المدارس الحكومية والحبل على الجرار.
إن فكرة طرح المنشآت الحكومية للاستثمار تتم بمقدمات وورشات عمل وجلسات عصف ذهني، وآخرها كان في جامعة دمشق، حيث تمت مناقشة الاستثمار في القطاع الصحي ومن ثم استثمار المنشآت التابعة لوزارة الصحة والاسبوع القادم دور المنشآت العائدة لوزارة التربية، ولا نعلم ما الدور القادم على أي وزارة.
الواقع الصحي في سوريا
الواقع الصحي اليوم في سوريا غير مرضٍ لا للطبيب، ولا للمريض، ولا للحكومة، ولا لجهة الإدارة الطبية، ولا من ناحية الهدر الكبير، والحكومة وصلت اليوم إلى مرحلة العجز في إدارة الخدمات الطبية وتوفير الأدوية والمعدات، وتشغيل الأجهزة وصيانتها، وتأمين الكوادر وفق الأجور الحالية… لكن الجميع يسأل ما هو الحل؟
في سوريا ثروة طبية هائلة وإمكانات لا تقدر بثمن، وتستطيع تصدير الأطباء والكوادر الطبية إلى جميع دول العالم، لكن ومع ذلك فإن الخدمات في أقسام الإسعاف في المشافي التي لا بد منها إلا أن المواطن يشتري أبسط المقومات حتى ميزان الحرارة الذي يكون غير متوفر؛ ناهيك عن أجهزة الطبقي المحوري والمرنان والأشعة والتنظير وغيرها التي تكون دائماً معطلة في المشافي الحكومية، كما يكون هناك سمسرة وإرسال مرضى إلى المشافي الخاصة والعيادات الخاصة، وهذا واقع فرضه الراتب المتدني للطبيب المقيم 200 ألف ليرة من دون تعويض طبيعة عمل، عدا عن الدوام الطويل والعمل المضني.
الحكومة تتجه للتشاركية مع القطاع الخاص.
تفكر الحكومة اليوم بطرح المنشآت للاستثمار أو بمصطلح أكثر ليونة التشاركية مع القطاع الخاص لإدارة الأجهزة الطبية، أو الأقسام وتتجاهل أهم ملف استثمار بين يديها وهو “التأمين الصحي” والهدر القائم، وما يشوبه من ملاحظات وهدر واستنزاف لخزينة الدولة من دون أي خدمات مقابل ذلك.
حيث هناك بعضاً من المشافي الحكومية والتي كان لها تجربة مميزة مع التأمين الصحي، واستطاعت تحصيل مبالغ كبيرة كما هو الحال في مركز الباسل لجراحة القلب، وفي مشفى الأسد الجامعي حيث الجناح الخصوصي للمستفيدين من التأمين الصحي هو ذاته للمريض الخصوصي من دون تأمين والخدمات بالنسبة لمرضى التأمين لا يشوبها أي شائبة، بينما جميع المشافي الحكومية الأخرى خسرت هذه الفائدة من أهم ملف بيد الحكومي.
الحل بالتأمين الصحي للجميع
الحجة موجودة ولا يمكن القيام بذلك من دون تحويل المشافي الحكومية إلى هيئات مستقلة؛ وما الذي يمنع من اتخاذ قرار نوعي وسريع بتحويل المشافي والمراكز الطبية النوعية إلى هيئات، والعمل بعقلية إدارية رشيقة تستطيع تقديم عوائد للدولة، والاستمرار بتقديم الخدمات الطبية فبدلاً من أجرة الطبيب 50 ألف تكون 15ألف ليرة بدلاً من الألف ليرة كما هو الحالي في مشفى الأسد الجامعي في القسم العام، وهنا كثرة العمل بالنسبة للأطباء تكون مربحة، واستثمار المشافي والمراكز الطبية من قبل الدولة دون الحاجة إلى مستثمرين، وخاصة لدينا تجارب غير جيدة في ذلك.
الأمر الآخر فرض الرسوم على الخدمات تقلل من الاستهلاك غير المبرر والهدر، فمثلاً يأتي المريض إلى المشافي الحكومية ليقوم بإجراء جميع التحاليل والصور التي يحتاجها ولا يحتاجها كونها مجانية بينما لو كانت مأجورة يختار ما يخدم قصته المرضية فقط.
أفكار للدعم
البعض يقول إن واقع الفقر لدى الناس لا يسمح بذلك، وهناك شرائح غير قادرة على الاستشفاء، وهنا اسمحوا لنا أن نقول لكم بكل بساطة أن الضمان الصحي هو الحل؛ فمثلاً جميع العاملين في الدولة والمتقاعدين لديهم تأمين وأجور خدماتهم يجب أن تكون مدفوعة من التأمين، وتبقى شريحة ذوي الإعاقة وشريحة كبار السن ويمكن بكل بساطة برمجة أجور الخدمات وإعفاء كل من تجاوز من العمر 70 عاماً، وكل من يحمل بطاقة ذوي إعاقة وكل من لديه مرض مزمن وخارج منظومة الحماية ولا عمل لديه، وتبقى نسبة قليلة من العاطلين عن العمل وهناك يمكن تقديم الخدمات؛ إما عبر حسابات الجمعيات الخيرية، أو من متبرعين خارجيين من خلال صندق خاص لهم، وهنا ستكون المشافي الحكومية والمراكز قادرة على تعزيز خزينتها وصيانة التجهيزات والمخابر، وصرف التعويضات للأطباء وتقديم أفضل الخدمات، وهي غير بحاجة إلى مستثمرين يتحكمون بمفاصل العمل وأخذ المشافي إلى متاهات هي بالغنى عنها.
إدارة الموجود أفضل من الاستثمار
قد تكون وجهة نظر الحكومة أن الأجهزة الطبية النوعية والمتطور وصل سعرها اليوم بالعملات الصعبة إلى أرقاما كبيرة، وهي غير قادرة في الظروف الحالية على شراء هذه النوعية من الأجهزة هذا الكلام صحيح، لكن في المقابل تعزيز الخزينة والاعتماد على الخبرات الطبية الخارجية وقبول التبرعات وتشجيعها من قبل المغتربين كما هو الحال في مشفى المواساة الخيري سيحسن من خزينتها؛ إضافة إلى التحول إلى التأمين الصحي سيعزز خزينتها، ويسمح لها بالإدارة المثلى أكثر من طرحها للاستثمار.
تابعنا عبر منصاتنا :