أخبار حلب _ سوريا
أظهرت المقاومة الفلسطينية المتمثلة بحركة حماس؛ قوة وحنكة وبُعد نظر في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، واستطاعت كسر إرادته وجعله يغير توجهاته ويرضخ ويستجيب لشروطها.
حيث أثبت السابع من أكتوبر أن الاحتلال الإسرائيلي فشل استخبارياً وأمنياً في التنبؤ بالقدرات العملياتية لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) وفصائلها المسلحة.
كما أن حماس استطاعت تحقيق الانتصار بالفعل بمفاجأتها ومباغتتها في ضربتها الاستباقية خلال عملية طوفان الأقصى مما منعت الاحتلال الإسرائيلي أن ينعم بالأمن والسلام؛ بسبب ما زرعته من بذور الحقد والكراهية والغضب في المنطقة، واستطاعت كسر غطرسة الكيان وجبروته المفترض في القتال وعمليات التفاوض، وأظهرت تآكل نظرية الردع الإسرائيلية.
الاحتلال لم يحقق أي من أهدافه
وعلى الرغم مما يملكه الكيان من قدرات عسكرية هائلة ودعم دولي كبير يتلقاه؛ إلا أنه لم يستطع تحقيق أيّاً من أهدافه المعلنة طول العدوان الظالم على غزة، بل على العكس فشل حتى اللحظة في مهماته الأساسية، كتحرير الأسرى، أو وقف إطلاق الصواريخ على المدن المحتلة.
وفي هذا الصدد، اعترف “إسحق بريك” جنرال إسرائيلي خدم في سلاح المدرعات برتبة قائد لواء، وعمل قائداً للكليات العسكرية؛ بفشل إسرائيل، قائلاً: “لم يقتصر الفشل على تحقيق الأهداف الكبيرة التي وضعها قبل بدء العدوان فحسب، بل امتد أيضاً ليطال فشله في تقديم صور انتصار زائفة حتى.
الاحتلال الإسرائيلي في مرحلة اللاعودة
وصلت إسرائيل إلى مرحلة اللاعودة، إذ صرّح القادة السياسيون والعسكريون الإسرائيليون بأنّ الحرب صعبة وقاسية وستكون طويلة الأمد، مؤكدين أنّ إلحاق الهزيمة بحماس هو تحدٍّ وجوديّ، وبأنّه سيجري الانتقال إلى المرحلة الثالثة من العمليات الأقل كثافة والأخفّ حدّة بالتركيز على العمليات النوعية على حركة حماس؛ بمجرد الانتهاء من الهجوم البري الواسع، الذي أعقب القصف التمهيدي، حيث تَعرَّض الجيش الإسرائيلي لخسائر فادحة في الأرواح والآلاف من الإصابات وتدمير ما يزيد على (1000) دبابة وناقلة جند وآلية عسكرية مختلفة، بالإضافة إلى استهلاك كميات كبيرة من الذخائر.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد دخلت العمليات القتالية بفشلٍ استخباري، ومن دون خطة عملياتية واضحة المعالم، توغلت القوات الإسرائيلية بأعمال القتال داخل المناطق المبنية في حرب غير متماثلة مقابل قوات المقاومة التي تقاتل بنظام المجموعات الصغيرة ضمن عُقد دفاعية مُحكمة التنظيم.
كلمة “محدال” تنخرط بالكيان مجدداً
ويذكر أنه وصف فشل الاستخبارات في حرب أكتوبر سنة 1973، في معرفة نيات مصر وسوريا في شن هجوم على إسرائيل بكلمة “محدال” وتعني بالعبرية «الإهمال إلى درجة الفساد»، واليوم يتم ترديد كلمة “محدال” مرة أخرى لوصف المفاجأة التي حققتها حركة “حماس” بالهجوم الصادم على البلدات المحتلة تحت شعار “طوفان الأقصى”، والكثير من القرارات التي ستتخذ حالياً، مرتبطة جداً بهذا “المحدال”. فالجميع يحاول إزاحة المسؤولية عن كاهله، وإلقائها على الطرف الآخر.
المقاومة تفرغ بنك الأهداف الإسرائيلي
كما أنه لم يعد في بنك الأهداف الإسرائيلية سوى تحرير الأسرى المختطفين لدى المقاومة، وهنا كان الفشل أعظم فلم تنجح إسرائيل في تحديد مكان أو تحرير رهينة واحدة منهم بل قتلت بالقصف الجوي والمدفعي عشرات من أبنائها بأيديها بعمليات طائشة وفاشلة للجيش.
باختصار أصبحت إسرائيل عالقة في الحرب وعاجزة عن تحقيق أي هدف استراتيجي، وهنا حدث التحول النوعي فقد تحولت الأصوات الفردية لرؤساء وزراء سابقين وجنرالات وقادة المعارضة الذين رأوا مبكرا أن الحرب وصلت إلى طريق مسدود إلى تيار جارف يضم تقريباً الأكثرية في نخبة الأمن والعسكرية والسياسة في إسرائيل.
وضمن إطار الفشل سقط مع الإخفاق العسكري هدفان كبيران للتخطيط الإسرائيلي_ الأمريكي للحرب، هما:
الهدف الأول: الحلم الكاذب بقلب الحاضنة الشعبية في غزة على المقاومة سواء بسبب مرارة فقدهم لأحبتهم بسبب مقتلهم والإبادة الوحشية للفلسطينيين، أو دفعهم للنزوح نحو الجنوب حيث لا تكفي الخدمات لنحو مليونين من البشر، وبالتالي توقع هذا التخطيط أن نقص الغذاء والماء والدواء سيقود إلى انتفاضة شعبية ضد حماس لكن آمالهم خابت.
الهدف الثاني: هو دفعهم جزئياً أو كلياً للهجرة إلى سيناء المصرية لكنهم تشبثوا بأرضهم ورفضوا أن يتركوها للمحتل.
ختاماً
انتصرت المقاومة بحرب غير متماثلة ولا متكافئة في العُدّة والعدد، يميل ميزانها للاحتلال الصهيوني بشكل مطلق، إذ مارس القتل المروع للمدنيين الأبرياء من شيوخ ونساء وأطفال وجرحى ومصابين، بشكل وحشي همجي، فضلاً عن التدمير الهائل في قطاع غزة، بأساليب تتنافى مع الأديان والحضارة والإنسانية والأخلاق والقوانين والأعراف الدولية.
كما نجحت في تحطيم الروح المعنوية الإسرائيلية، وتجديد بث روح الجهاد في المجتمعات العربية والإسلامية، وتعزيز مسيرة الكفاح الفلسطيني في الواجهة العالمية من أجل إقامة دولته المستقلة، وأثبت جلياً بأنه يمكن قهر الكيان وكسره واجتثاثه، عندما تتوفر العقيدة
والإرادة والعزيمة للأمة العربية، فالاحتلال الإسرائيلي لا يفهم لغة الدبلوماسية ولا يمكن الوثوق به، بل يفهم فقط لغة القوة، فما أُخذ بالقوة لن يسترد إلا بالقوة.
تابعنا عبر منصاتنا :