أخبار حلب _ سوريا
بقلم: زهراء مهنا
كمن عقرَ ناقة صالح وبات ينتظر الوعيد؛ ارتكبت إسرائيل حماقتها الكبرى حين دخلت طائرات مقاتلة من طراز “إف 35” التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، يوم الاثنين 3 نسيان سماء الجولان المحتل واعتدت على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق بستة صواريخ موجهة، ما أسفر عن استشهاد العميد “محمد رضا زاهدي” وعدد من الضباط المرافقين.
الرد الإيراني حديث العالم
منذ ذلك الاعتداء والعالم كلّه مشغولٌ بالردّ الإيراني من قنوات تلفزيونية إلى تصريحات رسمية و تحليلات السياسيين فتكهنات إعلاميين؛ حتى بات هذا الحدث المرتقب الشغل الشاغل إعلامياً وفي الأوساط السياسية في العالم.
يعتبر الاعتداء الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية اختراق سافر للقانون الدولي والأعراف الدولية والاتفاقيات، ولكن باعتبار إسرائيل كيان لا يمكن إعطاء صفة رسمية أو شرعية له ولو منحته إياها القوانين الدولية ذات الهيمنة الأمريكية الجائرة فاستجداء احترام القوانين الدولية منه ضربٌ من العبث.
فوجود هذا الكيان في قلب فلسطين كمحتل هو الاختراق الأكبر للقانون الدولي والتي تتحمله راعيته وداعمته أمريكا ومن خلفها دول الاتحاد الأوربي؛ فبناء عليه تتحمل أمريكا كل تبعات اختراقها للقوانين الدولية بحماية وجود إسرائيل في قلب المنطقة العربية وبما فيها تبعات الاعتداء على القنصلية الإيرانية بدمشق.
من هذا المنطلق، أكد رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء” محمد باقري” أن المسؤولية الرئيسية عن الاعتداء الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق تقع على عاتق الولايات المتحدة، وعليها تحمل هذه المسؤولية، واصفاً هذا الاعتداء بالانتحار السياسي الذي يدل على فشل مخططات الكيان الصهيوني وقرب زواله.
وقال باقري أيضاً: “أمريكا شريكة في هذه الجريمة وغيرها من جرائم الصهاينة، قبولها بتورطها في هذا الأمر أو نفيها لن يحدثا فرقاً؛ المسؤولية الرئيسية لحادثة دمشق وغيرها من جرائم الصهانية تقع على عاتق أمريكا”.
أمريكا تتنصل من حماقة إسرائيل خشية من سوء العاقبة
دفع التوتر النفسي والخوف من تبعات هذا الحدث الولايات المتحدة الأمريكية لمحاولة التنصل الأمريكي من العاقبة، فسارع موقع “أكسيوس” الأمريكي بالحديث عن أن إسرائيل لم تطلب الحصول على “الضوء الأخضر” من الولايات المتحدة قبل شن هجومها على السفارة الإيرانية في دمشق، موضحاً أن هذا التصعيد جاء متزامناً مع اجتماع عُقد عبر الفيديو بين مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، “جيك سوليفان”، ووزير الخارجية “أنتوني بلينكن” وكبار المسؤولين الإسرائيليين لبحث بدائل الاجتياح البري لمدينة رفح الفلسطينية.
في المقابل، كشفت مصادر أمريكية وإسرائيلية لموقع “أكسيوس” الأمريكي أن تل أبيب، أبلغت إدارة بايدن قبل دقائق قليلة فقط من توجيه ضربتها الجوية، دون طلب موافقة أمريكية مسبقة.
وحول الترقب الأمريكي الإسرائيلي للردّ قالت وسائل إعلام نقلاً عن مسؤولين أمريكيين: إن إسرائيل وأمريكا مقتنعتان بأن إيران تستعد للرد على قصف قنصليتها بدمشق، مشيرةً إلى أن طهران تخطط لشن هجوم انتقامي، يشمل طائرات مُسيّرة وصواريخ كروز.
كما توقع المسؤولون الأمريكيون، أن ردّ إيران قد يستهدف منشأة دبلوماسية إسرائيلية خلال رمضان، موضحين أنه من غير المعروف إذا كانت طهران سترد من العراق أو سوريا أو الأراضي الإيرانية.
انتظار الرد أقسى من الرد نفسه
الرد آتٍ لا محالة، هذا ما أكده العدو قبل الصديق وما أعلن عنه المسؤولون الإيرانيون وشدد عليه الأمين العام لحزب الله السيد “حسن نصرالله” في خطابه الأخير، أما عن توقيت الرد وكيفيته فمن الواضح بحسب التصريحات أنه سيكون رداً استراتيجياً نوعياً بحيث تدخل المنطقة بعده بمرحلة جديدة مختلفة عما قبل هذا الرد وهذا ما أشار إليه السيد “نصرالله” في خطابه الأخير قائلاً: “الحماقة التي ارتكبها نتنياهو في القنصلية ستفتح باباً للفرج ولحسم المعركة”، داعياً الجميع للاستعداد والجهوزية والاحتياط لكافة الاحتمالات المفتوحة.
ولكنّ اللافت أكثر ما بينه الأمين العام لجمهور المقاومة بقوله “جزء من المعركة مسألة استنزاف العدو بالنسبة إلى تحديد توقيت ومكان وشكل الرد” فيتضح من خلال هذا القول أن إيران ردت بالفعل من خلال إخفاء توقيت وطبيعة ومكان الرد ليزيد من توتر العدو واستنزافه نفسياً وبالفعل هذا ما حصل حيث تداولت القناة 12 الإسرائيلية بدافع الرعب الذي يعيشه الكيان منشوراً لصفحةٍ غير رسمية تحمل اسم الحرس الثوري الإيراني وهي تضع شعار حرس الثورة باللون الأحمر لأول مرة.
وقال رئيس مجلس الأمن السابق في الكيان “يعقوب عميدرور”: “بحسب التجربة فإن الرد الإيراني سيكون صعباً وقاسياً، لذلك يجب على كل مواطن في دولة إسرائيل أن يكون مستعداً حسب احتياجاته وموقعه”.
ويشير الوضع الإسرائيلي إلى تغييرات ديموغرافية مؤقتة وكبيرة في مواقع المنظومة الأمنية الإسرائيلية، حيث تقيدت حركة عدد كبير من المسؤولين الإسرائيليين، ومنهم من كُلّف من الآن وحتى انتهاء الضربة الإيرانية بالبقاء بالأماكن المحصنة، ومنهم من سيسافر إلى الولايات المتحدة بحجة الأنشطة السياسية مثل زعيم المعارضة الإسرائيلية “يائير لابيد” الذي سيغادر الليلة، وغيرهم ممن بدأ الرعب يتآكلهم وصولاً لنتنياهو الذي يريدها حرباً مفتوحة إلا أنه يدرك جيداً ماذا يعني الحرب المباشرة مع إيران والتي قد تتدحرج الأمور إليها بعد الرد على الضربة الإيرانية.
كذلك ولأول مرة في تاريخ وجود هذا الكيان أغلقت ثمان وعشرين سفارة وقنصلية له في العالم وفقاً لصحيفة “جيروزاليم بوست”.
إن أتون انتظار الرد سيكون أصعب من الرد نقسه وإذا ما استمر لعدة أيام مقبلة فسيقتل التوتر والحذر والتأهب نفوس الإسرائيليين من مسؤولين إلى مستوطنين هرعوا إلى الأسواق لتخزين المواد الغذائية؛ هذه الاستراتيجية تديرها إيران بذكاء وحنكة ولا نتوقع أن يأتي الرد إلا بطريقة مباغتة وفي وقت يتراخى فيه الكيان عن حالة التأهب بعد أن تنفذ طاقته في العامل النفسي الضاغط جداً.
هدوء ما قبل العاصفة، وحرب نفسية مشغولة بدقة تقض مضاجع الكيان الإسرائيلي ستجعله يتمنى وقوع الرد كما يتمنى الظالم يوم المحشر تعجيل الحساب.
تابعنا عبر منصاتنا :