أخبار حلب _ سوريا
خاص بأخبار حلب
بقلم: أديب رضوان
أول زيارة رسمية له بعيد فوزه بالانتخابات الرئاسية الروسية، الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” يقصد جمهورية الصين الشعبية، ويعقد لقاء قمة مع الزعيم الصيني “شي جين بينغ”؛ لتكون أولى محطات بوتين الدولية ولتكرس مفهوم الشراكة الذي تعمل عليه موسكو مع حلفائها الدوليين وعلى رأسهم الصين.
قمة بوجه الأحادية القطبية
القمة المصغرة بين الزعيمين العالميين، ورغم إعلانهما أنها ليست موجهة ضد أي دولة أخرى إلى أن سياق المباحثات التي جرت بينهما ركزت على مقاومة الضغوط الغربية، وخصوصاً الأمريكية منها على البلدين وبالتالي المناداة بعالم متعدد الأقطاب تسوده العدالة الدولية والمساواة السياسية وفي النفوذ الدولي.
الرئيس “بوتين” أكد خلال القمة أن العلاقات بين روسيا والصين ليست موجهة ضد أي جهة، ولكنها تدافع عن مبادئ العدالة والقانون والديمقراطية، مؤكداً نجاح البلدين في التعاون على مختلف المنصات الدولية في الأمم المتحدة ومجموعة “بريكس” ومنظمة “شنغهاي” للتعاون، فيما شدد الرئيس الصيني “شي جين بينغ” على أن العلاقات بين روسيا والصين صمدت أمام اختبار تقلبات الوضع الدولي، وأن العلاقات الروسية الصينية أصبحت معياراً للعلاقات بين الدول الكبرى.
القمة وابتسامة بوتين
أغلب المتابعين لتفاصيل القمة الروسية الصينية يدركون أنه من النادر أن يبتسم الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، وحين تراه يفعل ذلك، فتأكد أن الأمر مهم أو أنه يقصد توجيه رسالة معينة، حيث بدا “بوتين” وهو يتحدث أمام طلاب ومعلمي “جامعة هاربن للفنون التطبيقية”، خلال زيارته الرسمية للصين؛ عن طبقه المفضل من المطبخ الصيني، منتشياً وكأنه يستحضر حدثاً سعيداً.
وقال بوتين خلال الاجتماع: “راكمت موسكو وبكين بالفعل قدراً كبيراً من التعاون العملي”، مشيراً إلى أنه في عام 2023، زادت التجارة بين البلدين بنحو الربع ووصلت إلى رقم جيد قدره 227 مليار دولار.
ابتسامة “بوتين” وغيرها من الإيحاءات الجسدية التي ظهرت جلية خلال اللقاءات الثنائية مع نظيره الصيني وحتى في الزيارات الميدانية والخاصة، هي بكل تأكيد تحمل رسائل سياسية إلى دول العالم وخصوصاً الغرب منه، لجهة أن العلاقة مع الصين استراتيجية وقائمة على أسس ثابتة لا مجال لأي دولة الدخول التشويش عليها كما تحاول واشنطن أن تفعل.
الصين وروسيا شركاء في الاقتصاد
لم يكن الجانب السياسي وحده المهيمن على الزيارة بل ربما كان الشق الاقتصادي هو الأبرز خلال القمة، فالرئيس الروسي أكد أن الصين هي الشريك الرئيسي لروسيا في المجال التجاري والاقتصادي، وأوضح أنه وفقاً لنتائج العام الماضي، جاءت روسيا في المركز الرابع في قائمة الدول الشريكة التجارية للصين؛ إن الموافقة على خطة التنمية للمجالات الرئيسية للتعاون الاقتصادي الروسي الصيني حتى عام 2030 بعد زيارتك لموسكو في مارس 2023 لعبت دوراً مباشراً في التطور”.
وفي هذا السياق يؤكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة “جورج تاون”، “أليكس فوغل”، أن “هذه الزيارة مهمة بشكل كبير، لأنها تؤكد على التحول الذي يشهده اقتصاد روسيا ومجتمعها، وأنه لم يحدث قط، منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، أن كانت روسيا بعيدة إلى هذا الحد عن أوروبا، ولم يحدث قط في تاريخها بالكامل أن كانت متشابكة إلى هذا الحد مع الصين”.
الزيارة تمثل صفعة للولايات المتحدة
بعض الساسة الغربيين لا يخفون أن زيارة بوتين إلى الصين تشكل صفعة قوية للغرب ولواشنطن على وجه التحديد في هذا التوقيت السياسي، مع الحروب المتنقلة التي تشهدها العالم، إضافة إلى كونها الزيارة الأولى للرئيس الروسي بعيد انتخابه رئيسا لولاية جديدة، لتؤكد عمق العلاقات بين البلدين، الذين تعتبرهما واشنطن مصدر المنافسة الدولية لها.
وكانت قد أشارت صحيفة “فايننشال تايمز” إلى أن تصريحات الرئيس الروسي ونظيره الصيني خلال اجتماعهما في بكين “شكلت إذلالاً حقيقياً للولايات المتحدة، وقال الصحيفة: “هذه صفعة واضحة على وجه وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن”، الذي دعا الصين الشهر الماضي إلى التوقف عن دعم روسيا في النزاع الأوكراني”.
الخلاصة
القمة انتهت بين الزعيمين الدوليين، لكن تداعياتها ستؤسس لمستقبل سياسي مهم ليس للبلدين فقط، بل للعالم أجمع الذي بات ينظر إلى الصين وروسيا على أنهما بيضة قبان التوازن الدولي، والمسمار الذي يجب أن يدق في نعش الأحادية القطبية التي قادتها الولايات المتحدة وجعلت من نفسها “ملك الغابة” الدولي وتقسم العالم ما بين مؤيد لها ومعارض أو عدو لها وفق سياساتها ومصالحها الخاصة وليس وفق مصالح وشعوب العالم المتحضر، وإن قادم الأيام ستكشف المزيد عما بجعبة روسيا والصين من أوراق ضغط دولي ومن أوزان سياسية قادرة على جلب واشنطن إلى طاولة الحوار الدولي وتحقيق التوزان المطلوب عالمياً.
تابعنا عبر منصاتنا :