أخبار حلب _ سوريا
عام تلو الآخر يسطّر الجيش العربي السوري ملاحم بطولية ضد عدّوه، وعام تلو عام تتجسد تضحيات أبطال حرب تشرين التحريرية في الأجيال التي حملت بقلبها عهداً على الانتصار وردّ الحق، وما حصل منذ 51 عاماً في السادس من تشرين، قوّة كبرى أثبتها أبطال سوريا في قدرتهم على مواجهة الكيان وإصرارهم على طرده، واليوم في ذكرى حرب تشرين ال51 أكد الجيش العربي السوري أنه صانع الملاحم البطولية بوجه جميع أعدائه وفي كل ظروف، فالحرب التي شنها الغرب بوساطة البعض من المرتزقة بائعي الوطنية والضمير، واجهها بكل عزيمة وإصرار على خوضها لنيل شرف الشهادة أو الانتصار.
وفي السادس من تشرين من عام 1973 أعلنت مصر وسوريا الحرب على الكيان؛ لاستعادة أرض سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية، وهي الأراضي التي احتلتها الكيان في عدوان حزيران 1967، وقد جاءت الحرب في هذا التوقيت كمفاجأة للصهاينة، حيث جرى إنذارهم في وقت متأخر ما جعل التعبئة المنتظمة لقوات الاحتياط أمراً مستحيلاً.
حيث بدأت الحرب في 6 من تشرين الأول بهجومين مفاجئين ومتزامنين من مصر وسوريا على قوات الاحتلال الإسرائيلي، أحدهما نفذه الجيش السوري على جبهة هضبة الجولان المحتلة، والآخر نفذه الجيش المصري على جبهة سيناء المحتلة.
وعقب بدء الهجوم حققت القوات المسلحة المصرية والسورية أهدافها من شن الحرب على الكيان، وكانت هناك إنجازات ملموسة في الأيام الأولى للمعارك، فعبرت القوات المصرية قناة السويس بنجاح وحطّمت حصون خط بارليف وتوغّلت 20 كيلومتراً شرقاً داخل سيناء، فيما تمكنت القوات السورية من التوغل إلى عمق هضبة الجولان وصولاً إلى سهل الحولة وبحيرة طبريا.
وفي 12 تشرين الأول 1973، أي بعد 6 أيام من بدء الحرب، استغاثت رئيسة مجلس الوزراء الإسرائيلية “غولدا مائير” بأمريكا التي أقامت جسراً جوياً غير مسبوق في تاريخها لنقل أسلحة متطورة إلى الكيان، فيما كان القتال مستمراً لتجنب ما وصفه وزير الخارجية الأمريكي حينذاك، “هنري كيسنجر”، بالكارثة.
من جهتا؛ طلبت سوريا من مصر تطوير الهجوم في الجبهة المصرية لتخفيف الضغط الصهيوني على الجبهة السورية، وفي هذا الوقت حصل الكيان على معلومات كاملة عن القوات المصرية شرق القناة وغربها، وحجم قوات التطوير واتجاه المحور الرئيس بمساعدة أمريكية.
وبعدما أوقفت مصر الحرب من طرفها؛ استمرت الحرب على الجبهة السورية، وتحوّلت إلى حرب استنزاف طويلة، استفادت القوات الصهيونية، فيها من تخفيف الضغط عليها في الجبهة الجنوبية فعززت الاشتباك مع الجيش السوري.
وقد انتهت الحرب رسمياً في 31 أيار 1974 بالتوقيع على اتفاقية فك الاشتباك، إذ وافق الكيان على إعادة مدينة القنيطرة لسوريا وضفة قناة السويس الشرقية لمصر، مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية من خط الهدنة وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الاتفاقية.
حيث أحدثت حرب تشرين تبدلاً حقيقياً في مفهوم الصراع المسلح الدولي والمحلي، واتصفت المعارك التي دارت على الجبهتين السورية والمصرية بضراوتها وسرعة تبدل المواقف واستمرارها ليلاً ونهاراً من دون توقف، واستخدمت فيها كل أنواع الأسلحة التقليدية والمتطورة.
ومن أهم سمات تلك الحرب اقتحام المانع المائي في قناة السويس وخرق المنطقة المحصنة في الجولان، وكذلك انتقال زمام المبادرة إلى الجانب السوري المصري للمرة الأولى بعد حرب 1948.
وبالنسبة لخسارات الكيان؛ فقد هزته الخسارات البشرية والمادية بعنف وأصابته بصدمة ما زالت آثارها حتى اليوم، على الرغم من الدعم الأمريكي غير المحدود، وبرهنت على أن هزيمة العدو وإجباره على التقيّد التام بقرارات الأمم المتحدة والتخلي عن الأراضي التي يحتلها لا يتحققان إلا بحرب استنزاف طويلة الأمد تستنزف طاقته البشرية والمادية والمعنوية.
ومن جهة الكيان؛ فقد اعترف الضابط المتقاعد في “جيش” الاحتلال الإسرائيلي “أفيغدور كهلاني” أن حرب تشرين الأول 1973 شكّلت “صفعة” للكيان الصهيوني ، قائلاً أنها كانت بمثابة “صفعة قوية للغاية على الوجه”، مقرّاً بأنّ “كل شيء تغيّر بعد حرب الغفران.. لم تعد ثمّة مُقدّسات”.
كما كشف “كهلاني” أنه فجأةً تم إدراك أنها حرب شاملة”، مضيفاً خلال 24 ساعة سقطت مُرتفعات الجولان بأكملها في أيدي السوريين، معترفاً أنّ “المعدات السورية كانت أكثر، فكلّ ثماني أو عشر دبابات تقابلها دبابة إسرائيلية واحدة”، وأنّ نوعية الدبابات السورية كانت أفضل من الإسرائيلية.
وفي الختام فإن الكيان الصهيوني الذي أدرك حقيقة ضعفه تلك اللحظة أمام الجيش العربي السوري، يحاول اليوم بمساندته ربيبته أمريكا إضعافها بأي وسيلة، ابتداءً من الاعتداءات المتكررة التي لا تنتهي، وصولاً إلى الحرب التي أشعلها الغرب في سوريا منذ أكثر من عشر سنوات، إضافة إلى الحرب الاقتصادية التي يتم بها خنق الشعب السوري، فكل ذلك يحاول به الكيان والغرب إضعاف سوريا وجيشها وشعبها وإرهاقه، خوفاً من تكرار 6 تشرين، وطرده من كامل الجولان، خاصةً بعد الفشل الذريع في 7 تشرين الذي مضى عليه عام، لذلك فإن كل عام جديد ومع اقتراب “تشرين” يجن جنون الكيان، خوفاً من حرب تحريرية جديدة؛ أو طوفان أقصى جديد.
تابعنا عبر منصاتنا :
تيلجرام Aleppo News
تويتر Aleppo News
أنستغرام Aleppo News