مجريات الأحداث في دير الزور اليوم لا يمكن عزله عن الوضع الحلالي بسوريا، فالحرب واحدة وممتدّة فبعد كل هذه السنوات التي راهن فيها الكثير على سقوط المقاومة ثبت أن هذه المقاومة خرجت أقوى مما كانت عليه.
ومن خلال هذا الامتحان الذي مرّ به ريف دير الزور الغربي الآن نجحت بأن تبرهن أنها هي قلب وقبلة المقاومة ضد “قسد” والاحتلال الأمريكي.
أما السؤال الذي يفرض نفسه بقوة كيف ستنتهي المقاومة الشعبية ضد قسد والاحتلال الأمريكي في دير الزور؟!
وتجدر الإشارة بأن أهالي دير الزور يواصلون احتجاجاتهم ضد قوات سوريا الديمقراطية “قسد” والقوات الأمريكية مطالبين بطردهم من منطقة الجزيرة ومحاسبة قادة ما يسمى بـ “مجلس دير الزور العسكري” التابع لقسد وذلك على خلفية ارتكابهم الجرائم ونهب الثروات الوطنية وتقديمها للقوات الأمريكية.
وإن المتتبع للشأن السياسي ببلادنا يرى ارتفاع الاحتجاجات الشعبية ضد ” قسد ” والوجود الأميركي غير الشرعي في دير الزور كانت تعبيراً عن فعل شعبي يؤكد على تاريخ من مشاعر الانتماء.
كان أهالي دير الزور جميعاً بمختلف فئاتهم وطبقاتهم يهتفون “يحيا الوطن”، هذا بلا شك يجسد انتماءً مشتركاً إلى مجتمع واحد ” المجتمع السوري” بذلك سقط الرهان، أسقطه السوريون بعدما إنكشفت كل خيوط اللعبة ورأى العالم ما يجري في دول المنطقة من إرهاب ومجازر دموية بشعة.
والامر الذي لا مرية فيه بأنه يجري التعويل على العشائر بعد استعادة دورها المغيب في المنطقة من أجل الدفاع عن الجزيرة بوجه محاولة تحويلها إلى ثكنات عسكرية تحت مسميات مختلفة وبدعم أميركي.
لذلك هناك عدة مهمات أساسية لوجهاء عشائر دير الزور لا بد من القيام والنهوض بها منها: بلورة خطاب جامع بين أبناء المنطقة، يقوم على رفض مشاريع الادارة الأمريكية، والعمل بشتى الطرق على اعتبار الجزيرة جزءاً لا يتجزأ من سورية، والمهمة الثانية هي مواجهة نهب الثروات السورية، والمهمة الثالثة هي الوقوف أمام مشاريع ضرب هوية المنطقة من خلال رفض مشاريع تعليمية تحاول الإدارة الكردية فرضها بالقوة.
ولا يمكن أن يتحقق ذلك من دون اتحاد العشائر على أسس واضحة، وبناء كيان سياسي يمثل منطقة الجزيرة بكافة محافظاتها: الرقة، دير الزور، والحسكة من أجل تحقيق الأمن والآمان للمواطن.
علماً أن استمرار الاحتلال الأمريكي والإبقاء على حالة النهب والسرقة للنفط السوري، هو الماكنة التي ستسرع في تشكل وتكوين المقاومة الشعبية السورية الوطنية، ليجد الأمريكي نفسه أمام حرب عصابات يعجز أمامها عن تحقيق أهدافه الاحتلالية، وبذلك لن يكون هناك موطئ قدم للاحتلال ومتطرفيه مهما بلغت غطرستهم وعربدتهم من خلال صمود أبناء الشعب السوري ومعهم جنود الجيش العربي السوري في الميدان الذين يرابطون للدفاع عن بلدهم بصدورهم العارية.
ومن هنا كانت الرسالة التي نقلها الرئيس الأسد لكل من يهمه الأمر واضحة لا لبس فيها حيث قال : ” نحن نحب هذا البلد ومهما كانت المتاعب والصعوبات التي نعانيها فيه فلن نسمح بتخريبه أو تدميره أبداً فسورية يعشقها السوريون ولن يفرطوا أبداً في استقرارها وأمنها وكما نجح أبناؤها في حرب تشرين التحريرية سينجحون في طرد الإرهاب وأدواته من سوريا”.
ويشار بأنّ المؤامرة التي تتعرض لها سوريا لم يعد خبراً يحتاج إلى نشر والكلام عن مؤامرة دولية تستهدف المنطقة أصبح واضحاً نعيشه ونعايشه على مدار الساعة وأن من حقنا أن ندافع عن وطننا الغالي على قلوبنا “سوريا” .
في معركة البقاء بالشكل والأسلوب الذي يناسبنا، لذلك لا أستبعد إنتفاضة شعبية قادمة ضد قسد والوجود الأمريكي نتيجة الإحتقان الشعبي، والغباء والتخبط الامريكي في التعامل مع شعوب المنطقة بتحريض دول إقليمية وتخطيط صهيوني.
في الختام يمكننا القول بأن ساعة الرحيل الأمريكي من سورية ليست بعيدة وقد تغيّرت سورية كثيراً عما عرفتها أمريكا عندما استقدمت داعش وأخواتها، وأن سورية دائماً من انتصار إلى انتصار رغم أنف البيت الأبيض وأعوانه وأن سورية لن تعود إلى الوراء مهما حاول الواهمون لأن أبناءها قادرون على تخطي هذا المرحلة بكل قوة وعزيمة.