بعد مرور قرابة الأسبوع على الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي من منطقة الشمال السوري المتأثرة جداً من الزلزال والخارجة عن سيطرة الدولة السورية صورة مؤثرة لعبارة مكتوبة على أنقاض البيوت المهدّمة وفوق أنفاس العالقين تحتها بانتظار النجدة وهي: “نحنا متنا… شكراً لخذلانكم”.
إذ أراد أبناء تلك المناطق المنسيّة من خلال هذه العبارة أن يصل صوتهم إلى كل الدول التي دعمت الحرب على سوريا وأوصلت متخلف أنواع الأسلحة إليها، وموّلت الفصائل المسلحة لاستمرار الحرب أكثر من11 عاماً، وشجعت على تقسيم البلاد لكنها تخلت عنهم في هذه الظروف العصيبة.
تركيا تفطم فصائل إدلب في الوقت الحرج!
حاربت الدولة التركية على مدى سنوات لإحكام سيطرتها على منطقة الشمال السوري، وضمّها إلى أراضيها من خلال توغل الجيش التركي في عمق الأراضي السورية واتباع سياسة التتريك بمساعدة الفصائل المسلحة التي تقبض رواتبها وتقلّد في مناصبها بدعم وإشراف تركي.
عدا عن استغلال تركيا للأراضي الخضراء في إدلب وريف حلب، وتقوية عملتها المحلية من خلال فرض التعامل بالليرة التركية في تلك المناطق، استخدمت أيضاً تركيا تلك المنطقة كورقة سياسية للضغط على الحكومة السورية والحصول على مكاسب سياسية في المنطقة في ظل تبلور النظام العالمي الجديد.
قبل الزلزال تركيا تودّ المغادرة
بدأت تركيا تشعر بالعبء الثقيل من إدلب ومن النازحين السوريين الذين هاجروا بفعل أرباب الحرب قبل وقوع كارثة الزلزال، حيث تغير المزاج السياسي عند حكومة أردوغان ورأى أردوغان مصالحه تتوجه نحو الارتماء في أحضان الدولة السورية والعودة معتذراً.
كارثة الزلزال تزيد الطين بلة في الشمال!
جاءت كارثة الزلزال المدمرة لتظهر نوايا أردوغان في التخلي عن إنقاذ الشمال السوري، وترك الشعب السوري يواجه مصيره بمفرده.
وتختلف مرارة الكارثة بين منطقتين في سوريا لا تحد بينهما سوى مطامع الصاعدين على أكتاف الهاتفين بشعارات مفرغة في الحقيقة من مضامينها على أرض الواقع.
ففي منطقة وجود دولة بكافة مؤسساتها وكوادرها وهيكليتها تسارعت دول الحلفاء والأصدقاء للمساعدة، ووجدت بعض الدول التائبة من خطيئة الحرب على سورية فرصة مناسبة للحصول على غفران الشعب السوري.
كانت الكارثة في حلب واللاذقية وحماه مخففة بلمسات المتسارعين للمساعدة، ولم يتوقف مطاري دمشق وحلب عن استقبال طائرات تلبية النداء التي وإن وصل بعضها متأخراً ولكنه كان خيراْ من أن لا يصل.
أما في البلد ذاته ولكن في الجزء القاتم من مكان ما من الأرض لا يوجد سيطرة للدولة الشرعية للبلاد وبالتالي لا نظام يقدر على مواجهة الفساد أو تقليص حجمه فكل شيء مستباح ليلتهمه الفساد.
يتحدث السوريون المقيمون في تلك المنطقة عن إقناط من رحمة كل شيء سوى الله من المنظمات الإنسانية والدول الداعمة والفصائل المسلحة التي باتت متشظية أكثر من الأبنية التي دمرها الزلزال.
ويلقون اللوم أيضاً على الدول التي أوصلت مثل هؤلاء إلى مقاعد السيطرة والتسلط على رقابهم وأرزاقهم، حيث تذهب معظم المساعدات التي أرسلتها قطر والسعودية إلى جيوبهم ولا يرى الشعب المستيئس سوى من الجمل أذنه.
ويطلق بعضهم الاتهمات على ما يسمى فريق “ملهم” الذي ينهب العالم بإسم جمع التبرعات للسوريين تماماً كما فعل أردوغان بأهل المخيمات، ويتحدث آخرون بسخط عن المساعدات الخجولة من الدول العربية التي حرضتهم على التمرد في مقابل حجم الدعم الهائل الذي بذلته مقابل تسليح الفصائل المعارضة فيقول أحدهم: “سيسجل التاريخ بأن نادي سعودي اشترى لاعب بـ 200 مليون دولار، في المقابل 709 شخص سعودي تبرعوا بـ 66.6 مليون دولار!.
علاوة على تحكم حكومة أردوغان في المعابر الحدودية التي فتحتها على مصراعيها لإدخال المقاتلين والأسلحة
والأموال أيام الحرب، واليوم تغلقها في وجه المساعدات الإنسانية، تتحكم الفصائل المسلحة في إدلب بمصير الشعب السوري من خلال رفض إدخال المساعدات التي جهزتها الدولة السورية بالتنسيق مع الامم المتحدة لإنقاذ المواطنين العالقين تحت الأنقاض قبل فوات الأوان.
حيث أبدت الدولة السورية والجمهورية الإيرانية استعدادهم لإدخال قوافل المساعدات وفرق الإنقاذ للمناطق الخارجة عن سيطرة الدولة وبعد جهد جهيد للحصول على موافقة الفصائل المسلحة رفضت جبهة النصرة دخول القوافل بعد ما كانت قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى الأبنية المدمرة وأفواه الجائعين.
وإلى اليوم تعاني هذه المنطقة التي بترتها نهم الدول الداعمة للحرب من جسم الدولة السورية في الحصول على أطماعها، ليزيد الزلزال من معاناة الفقد والتوتر والتشظي، حيث يقع السكان تحت وطأة اختلاف أهواء قيادات الفصائل، وقد أخذها أردوغان وغيره لحماً ورماها عظماً، بعد ما أخذ منها مايريده، في انتظار الفرج من الله بعدما انتهت حلول الأرض.