إنّ تناول الأطعمة الغنية بالتوابل تعد من التجارب المؤلمة حرفياً، ما أثار الأسئلة حول جعل بعض الأطعمة غنية بالتوابل، وحول السبب وراء حب البعض فقط لتناولها.
وفي هذا السياق نشر موقع “Live Science”، أن تناول التوابل يرتبط بالإحساس بدرجة الحرارة، وهذا هو سبب عدم إدراجها في قائمة الأطعمة ذات المذاق الكلاسيكي جنباً إلى جنب مع الحامض والمر والحلو والمالح.
كما أن اللسان يستضيف مستقبلات مختلفة لدرجة الحرارة، بعضها يتم تحفيزها عن طريق الأطعمة الغنية بالتوابل لخلق شعور حرفي بالحرق.
لذا ليس من المبالغ قول إنّ الطعام الهندي أو التايلاندي حار أو يحتوي على بعض الحرارة.
بدوره قال “جون هايز” مدير مركز التقييم الحسي في ولاية بنسلفانيا: إنّ الكابسيسين وهو المادة الكيميائية الحارة التي تشعل اللسان، ويأتي من الفلفل الحار، الذي طور تلك المادة الكيميائية كمستقلب ثانوي للحماية ضد الحيوانات المفترسة.
وأضاف “هايز”: يتناسب الكابسيسين مع مستقبل درجة حرارة على اللسان يسمىTRPV1 ، يتم ضبط TRPV1 بوساطة درجات حرارة حوالى 40 درجة مئوية وأعلى.
عند تناول طعام حار مع الكابسيسين، يرتبط الجزيء بالمستقبلات ويقلل من طاقة التنشيط. بعبارة أخرى، يشرح هايز أن الكابسيسين يخدع المستقبل لإرسال إشارات مشتعلة إلى الدماغ عند 33 درجة مئوية فقط،
لذلك يشعر الشخص وكأن فمه يحترق على الرغم من أن درجة حرارة الفم، تكون ما يقرب من 35 درجة مئوية.
وبين “هايز” إنّ الخط الفاصل هو أن البشر هم الحيوانات الوحيدة التي تستمتع فعلاً بهذا الشعور بالحرق، إذ تتراجع معظم الحيوانات عن الاستمرار في تجربة المذاق الحار.
وأوضح أن هناك العديد من النظريات حول سبب استمتاع البشر بالأطعمة الغنية بالتوابل على الرغم من التجربة المؤلمة في بعض الأحيان، وإن أقوى نظرية تتعلق بالمخاطرة والمكافأة، حيث أظهرت دراسة أن سلوك المخاطرة لدى الشخص كان مؤشراً جيداً على تفضيله للطعام الحار.
وطرح مثالاً ذلك إذا كان الشخص يحب ركوب الأفعوانية أو القيادة بسرعة على طريق عاصف، فإنه يميل إلى حب الأطعمة الحارة.
من جهتها قالت “أليسا نولدن” عالمة الغذاء وخبيرة الحواس في جامعة ماساتشوستس: إنّ الأمر كله يتعلق بما إذا كنت تحصل على نوع من المكافأة أو الاندفاع من الألم أو المخاطرة، والتي وصفها أحد الباحثين بقوله إنّ جاذبية الطعام الحار تتمثل في الميل إلى خوض المخاطر المقيدة.
وأضافت: “إنّ نظرية أخرى تفترض أن الطعام الحار ربما قدم فائدة تطورية في البيئات الحارة، وكان ذا قيمة في هذه المناطق لأنه يسبب التعرق وبالتالي يكون له تأثير التبريد”.
ولفتت إلى أن بعض الأشخاص يولدون أيضاً بمستقبلات مختلفة أو أقل وظيفية من الكابسيسين، ما يمنحهم قدرة أعلى على تحمل التوابل منذ البداية، وأن الكثير من الاختلاف في تفضيل الطعام الحار هو التباين الجيني.
وأوضحت إنّ هناك أيضاً مكوناً جينياً لم يتم استكشافه بالكامل، من المعروف أنه عندما يتم تناول المزيد من الأطعمة الغنية بالتوابل، يصبح الشخص غير حساس للكابسيسين وهو المادة الكيميائية الحارة التي تشعل اللسان.