بقلم .. سمر عكو
يراقبُ الصهاينة عملية تطوير سوريا لقدراتها العسكرية و رفع كفاءة قواتها وتدريب جيشها ، ويتابعون أدق تفاصيل تحركاتها العسكرية وليس آخرها المناورة العسكرية التي أجرتها في ريف حماة الشمالي في رسائل من نار وتلويحاتٍ بالقُدرات ، سوريا التي نفضت عنها غبار الحرب وانتفضت في وجه الإرهاب وهي بكل ما تعانيه من آلام تتجه لتحرير ما تبقى من المناطق الخارجة عن سيطرتها ، يحاول الكيان الصهيوني تدميرها وإضعافها عن طريق الاعتداءات الجوية المتكررة القاصرة عن تغيير المشهد والعاجزة عن إيقاف المتغيرات على الساحة السورية القادمة لا محالة ، متذرعاً بأن هذا القصف هو لأهداف إيرانية في سوريا أو أنهم يحاولون وقف الدعم عن حزب الله وتحت مسميات أخرى ليبرر موقفه أمام الرأي العام في كيٍّ للوعي العربي ومحاولاتٍ لإخفاء أطماعه.
ليؤكد ذلك الرئيس “الأسد” في مقابلته الأخيرة مع قناة سكاي نيوز حيث قال: إسرائيل تستهدف الجيش السوري بشكل أساسي تحت عنوان الوجود الإيراني وسيستمر ذلك طالما أن اسرائيل هي عدو وسيستمر طالما أننا نتمكن من إفشال مخططات الإرهابيين ولو جزئيا”.
وليس بخفي عن أحد عن حجم الخطر السوري المتنامي على الوجود الإسرائيلي فسوريا هي التي حافظت على الصراع العربي الاسرائيلي وعلى حقّانية القضية الفلسطينية .
الاعتداءات الإسرائيلية مكلمة للاحتلالين التركي والأمريكي:
يتكامل العدوان الاسرائيلي على سوريا مع أشكال العدوان في شمال غرب سوريا بإدلب المتمثل بالاحتلال التركي ومرتزقته من الجماعات الإرهابية وفي شرق سوريا المحتل من قِبل أمريكا وأتباعها من الفصائل المسلحة ، فما عجز عنه الاحتلال الإسرائيلي خلال سنوات الحرب الكونية على سوريا يحاول تعويضه اليوم بضرب البنية التحتية والخدمية السورية واستهداف مواقع الجيش السوري فإن لم يكن بإمكان إسرائيل التصدي ومنع تشكيل التهديدات أو تناميها فبالإمكان تحقيق جزء من هذا التصدي وهذا ما تقوم به ضد الدولة السورية.
استهداف سوريا بسبب مواقفها :
الاعتداءات الإسرائيلية على المطارات المدنية والعسكرية و تدميرها للبنية التحتية السورية ليس بالأمر الجديد ، ولن تتوقف الاستفزازات الإسرائيلية طالما بقيت سوريا رمزاً من رموز المقاومة وانطلاقاً من عدم قدرة الاحتلال الإسرائيلي على التعايش مع واقع التهديد السوري لوجودها فلم يدخر العدو الصهيوني جهداً طيلة سنوات الأزمة لدعم الإرهاب في سوريا على اعتبار أن إضعاف سوريا هو نصر إسرائيلي ، حيث يسمح لهم هذا الأمر بالتوجه نحو العمل على ملف التطبيع وإيصال رسالة للجميع بأن إنهاء سوريا هو إنهاء المقاومة للعرب جميعاً ضد العدو الصهيوني ولكن رغم كل الدعم الذي قدمته للمنظمات الإرهابية لم تتمكن في اسقاط الدولة السورية بعد ان راهنت طويلاً على ذلك حيث انقلب السحر على الساحر لتخرج إسرائيل بعد أن راهنت على 13 سنة من الحرب الخاسر الأكبر ، فصمود الدولة السورية هو فشل استرتيجي لها .
صمت دولي مخزي وتواطؤ أمريكي:
تجاهل المجتمع الدولي وصمته تجاه العدوان المتكرر على دولة ذات سيادة وعدم احترام أبسط قواعد القانون الدولي في ظل صمت عربي مخزي و تواطؤ أمريكي واضح لدعم إسرائيل في عدوانها على سوريا ، الأمر الذي يؤدي لتأجيج الصراع في المنطقة ووأد أي فرصة لإحلال السلام.
العدوان المتكرر يؤخر عودة اللاجئين:
تدمير الكيان الصهيوني للبنية التحتية السورية سواء خلال سنوات الأزمة السورية عن طريق دعمه للمنظمات الإرهابية التي حرقت ودمرت وعاثت فساداً واستهدفت المدارس والمشافي والمنشآت ، أو عن طريق اعتداءاته الجوية التي لم تتوقف منذ بداية الأزمة السورية وحتى اليوم ، فكلما تقدم الجيش السوري في معاركه ضد الإرهابيين وضيّق الخناق عليهم يأتي القصف الإسرائيلي كنوع من نجدتهم وحمايتهم ، واليوم بعد خروج الفصائل المسلحة لم يعد هناك من ينفذ المخططات التخريبية الاسرائيلية ليلجأ العدو إلى اعتداءاته الجوية ذات الأهداف المتعددة فتارة يقصف المطارات لمنع وصول المساعدات وتارة أخرى لعرقلة عودة العلاقات السورية العربية ، ولكن في المجمل هدفه إضعاف الدولة السورية وجيشها و تدمير بنتيتها التحتية التي ساهمت بشكل كبير في تعطيل إعادة الإعمار والنهوض بالواقع الاقتصادي والاجتماعي .
كما ساهمت في تأخر عودة اللاجئين السوريين وأشار الرئيس “الأسد” إلى ذلك بأنه كيف يمكن للاجئ أن يعود دون ماء ولا كهرباء ولا مدارس لأبنائه ولا صحة للعلاج ، كما أن صورة الحرب في سوريا تمنع المستثمرين من القدوم للتعامل مع السوق السورية ، علاوة على ذلك فإن النهوض بالواقع الاقتصادي هو أمر لا يتم بسرعة بل يستغرق وقتاً طويلاً خاصة مع الحصار الاقتصادي والعقوبات المفروضة على سوريا وهو مايزيد الوضع سوءاً .
الخلاصة :
الكيان الإسرائيلي المتزعزع في جبهته الداخلية من جهة و المتوجس من تعاظم محور المقاومة والتي تشكل سوريا واسطة العقد فيه من جهة أخرى ، لن يتوانى عن اعتداءاته الإرهابية على كافة الجبهات ، في المقابل سوريا وتاريخها النضالي المقاوم ضد كل أشكال الإرهاب والاستعمار لن تغير مواقفها لا تحت قصفٍ ولا تحت ضغوطاتٍ أياً كانت أشكالها اقتصادية أو سياسة أو عسكرية.