بعد ليلة مفاوضات طويلة أعلن الكيان الصهيوني استئناف المذبحة التي بدأها بحق أهالي غزة متحدياً كل القوانين الدولية والإنسانية وغير آبه بالرأي العام العالمي ولا بمصير أسراه لدى المقاومة الفلسطينية، ويبدو أن عجز المجتمع العربي والإسلامي والغربي عن اتخاذ موقف حازم تجاه التطهير العرقي الذي يمارسه الكيان في غزة قد شجع الأخير لاتخاذ هكذا قرار ناهيك عن الضوء الأخضر والمباركة والدعم الأمريكي للكيان الصهيوني .
الكيان يرتكب جرائمه مسنوداً بأمريكا:
منذ بداية العدوان على قطاع غزة رفع الكيان من سقف أهدافه مغتراً بدلال أمريكا المفسد ورعايتها المستمرة لحماقاته المتزايدة، حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” أن هدف كيانه من الحرب هو القضاء على حركة حماس كهدف ظاهر بينما لوح بهدف أكبر من ذلك وهو الإبادة الجماعية وتهجير كامل سكانها.
ولكن الذي حصل بعد ما وضع الجيش الإسرائيلي كلّ ثقله في عملية الاجتياح البري الأخيرة واقتحام مشفى الشفاء كان محبطاً للغاية بالنسبة للإسرائيليين، حيث وعد “نتنياهو” عائلات الأسرى بفك أسر ذويهم بعملية تحرير تعيد لهم هيكل المجد الضائع بينما وجد نفسه مضطراً لعملية تبادل بشروط الفلسطينيين بالإضافة إلى انكشاف عورة جيش الاحتلال الإسرائيلي أمام كاميرات الإعلام العالمي في مشفى الشفاء دون أن يجد مبرراً واحداً تحت المشفى يقدمه للرأي العام العالمي فيكبح غضبه المتزايد ضده بعد أن حول أطفال غزة إلى أشلاء ودمر المشافي فوق رؤوس المصابين.
خوفا على معركته الانتخابية “بايدن” يضغط على الكيان :
لقد أدى تدفق الرأي العام العالمي نحو دعم القضية الفلسطينية ودفعه باتجاه وقف إطلاق النار ومحاسبة الكيان إلى استفاقة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” على هتافات تنذر بخسارته المعركة الانتخابية المقبلة إذا ما استمرت معركة طوفان الأقصى بالتمدد إلى خارج حدود السيطرة بحسب ما أشارت وسائل إعلامية .
بذلك فإن فكرة الهدنة انطلقت من دماغ العجوز “بايدن” بحسب تصريح لموقع “والا العبري” ذكر فيه أن الرئيس “بايدن” تحدث مع أمير قطر وطلب منه التحرك لحل الأزمة بالإفراج عن المختطفين”.
كذلك كشف موقع أخبار “الكرمل” العبري أن صفقة تبادل الأسرى والهدنة نتجت عن ضغوط أميركية هائلة، وأضاف: “هدد الأميركيون بعدم استخدام حق النقض على القرارات المناهضة لإسرائيل” معتبراً سبب الضغط الأمريكي الكبير هو صعود “ترامب” في استطلاعات الرأي والتهديد بأن النواة التقدمية للديمقراطيين لن تصل إلى الانتخابات إذا لم “يكبح بايدن إسرائيل”.
الشارع الإسرائيلي غير ممتن للهدنة رغم حاجته لها :
وبشكل غير متوقع يسير الرأي العام في الشارع الإسرائيلي عكس اتجاه الرأي العام العالمي فيما يتعلق بوقف إطلاق النار ويتصادم أيضاً مع القرار الأمريكي
فقد تحدث الكثير من المراقبون الإسرائيليون باستياء شديد عن وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى، ورأى البعض أن إسرائيل وقعت في فخ المقاومة الفلسطينية من خلال إجبارها على تحرير طليعة النساء الفلسطينيات اللواتي يدعمن الحركة المقاومة ويحرضن على العمليات في الداخل كوالدة يحيى السنوار القيادي في حركة حماس والذي هو أيضاً أطلق سراحه من سجون الاحتلال بصفقة تبادل سابقة.
وقد حرص الإعلام الإسرائيلي على تعزيز تلك المخاوف حين نقل باهتمام كلمة للأسيرة الفلسطينية المحررة في صفقة التبادل “سارة عبد الله” قولها: “أنا فخورة بحماس وأحب غزة كثيراً، وفخورة بمحمد الضيف ويحيى السنوار، لأنهما الوحيدان اللذان وقفا بجانبنا”، كذلك أشارت القناة ١٢ العبرية إلى أن حماس نجحت في وقف إطلاق النار في شمال وجنوب القطاع على الرغم من إعلان الجيش الإسرائيلي فقدان حماس السيطرة على عناصرها بحسب تعبير القناة.
مخاوف صهيونية من الهدنة :
أما في الحديث عن ما بعد الهدنة انقسمت الآراء في الشارع الإسرائيلي حول سيناريوهان أحدهما أسوأ من الآخر فقد رأى البعض أن السنوار سيماطل الإسرائيلي ويمدد فترة الهدنة ليصل بعد ذلك إلى وقف إطلاق نار دائم بسبب ضعف عزيمة الجنود الإسرائيليون وتراخي دفاعاتهم وصولاً إلى إعلان السنوار انتصاره في المعركة بتطبيق صفقة تبادل على شروط المقاومة.
بينما قال العقيد المتقاعد في سلاح الجو الأمريكي،” سيدريك لايتون”:
“أعتقد أن حماس ستستغل التوقف القصير للأعمال العدائية لإعادة تمركز مقاتليها لاحتمال نصب كمين للقوات الإسرائيلية في غزة.
وأشار لايتون:
ما سيفعلونه هو أنهم سيحركون قواتهم، وسيحاولون تفادي اكتشافهم من قبل الإسرائيليين وهذا يشير إلى وقف تحليق طائرات الدرون، الأمر الذي ستستغله حماس بسبب أن جزءًا من قدرة المراقبة للإسرائيليين ستكون مفقودة.
ختاماً ..
يرى محللون ومتابعون بأن الكيان حكم على نفسه بالموت وحفر قبره بيديه باستئنافه العدوان واعتبروا ذلك حماقة كبيرة ستكون بمثابة استنزاف للكيان حيث أنه أعاد فتح الجبهات جميعها التي كانت تناصر أهالي قطاع غزة وربما سيكون عدوانه الجولة الأخيرة قبل السقوط .